كي لا يكون سعر الوثيقة فخاً تصطادك به شركة التأمين
من المهم جدا أن لا ننظر إلى أن مقياس الخسارة المادية في التأمين يتجسد في سعر وثيقة التأمين، وإنما الخسارة الحقيقية تكون في فرص الحصول على التعويض، ولذلك فإن تسوية المطالبات بالنسبة لشركات التأمين تعد من أهم المسائل التي تعبر عن مصداقية شركات التأمين تجاه عملائها، فالحصول على التعويض يمثل الغاية النهائية التي يسعى إليها عملاء شركات التأمين. كما أنهم لم يلتزموا بدفع قسط التأمين إلا لأن شركة التأمين التزمت لهم بالتعويض عن أية خسائر محتملة في المستقبل.
ولكن في حقيقة الأمر فإن بعض شركات التأمين ونتيجة لنقص وعي الناس وعدم إدراكهم لمزايا التأمين وفوائده، ونتيجة لاستغلالها كذلك لنمط كثير من المستهلكين في المملكة الذين يبحثون عن السعر الرخيص حتى وإن كان على حساب جودة الخدمة أو السلعة، فإن شركات التأمين تركز على الجانب المتعلق بسعر قسط التأمين الذي تعرضه في السوق، فهي تقدم أسعارا متدنية للقسط التأميني ويبرز ذلك بشكل واضح في مجال التأمين الإلزامي على المركبات.
فطبقاً لهذا النوع من التأمين، فإنه يمكن تقسيم المستهلك السعودي إلى ثلاث فئات: فئة تبحث عن السعر الأقل وذلك بهدف استكمال المتطلبات الشكلية التي تنص عليها إجراءات المرور دون أن يفكر أفرادها مطلقاً في أية تغطيات توفرها لهم وثيقة التأمين، وهم يقدمون على هذا السلوك إما لانعدام الوعي بالتأمين، وإما لأن لديهم بعض المفاهيم الشرعية التي تمنعهم من الاستفادة من التأمين.
وفئة أخرى لديها وعي بالتأمين وتدرك وظيفة التأمين وأهمية الحصول على تلك الحقوق بموجب وثيقة التأمين ولكن مع ذلك ينجذب أفراد هذه الفئة للسعر الرخيص على اعتبار أن دفع قيمة القسط أمر واقع بينما الحصول الخطر المؤمن ضده يبقى أمراً احتمالياً.
أما الفئة الثالثة وهي الفئة الواعية والمدركة لوظائف التأمين ودوره في توفير الحماية والتغطية اللازمة لهم ولذلك فهم يحرصون على معرفة الحقوق والتغطيات التي توفرها لهم وثيقة التأمين وهم يدركون كذلك المبررات التي تقف خلف ارتفاع سعر قسط التأمين ويدركون أن انخفاض سعر قسط التأمين ربما يكون سببه غياب التغطية التأمينية الحقيقية من خلال إدراج استثناءات في وثيقة التأمين تلغي حقوق العملاء أو إدراج شروط أخرى تخفف من حجم التعويضات التي تلتزم شركة التأمين بدفعها لعملائها، ولذلك فأفراد هذه الفئة هم في الغالب من الفئات ذات التعليم العالي أو من ذوي المهن المرموقة وهم محاورون جيّدون ومستفهمون مشاكسون، وبالرغم من ذلك فإن شركات التأمين الجادة تعتمد على هذه الفئة لأن أفرادها وبقدر ما يمحصون التزامات وواجبات شركات التأمين في الوثائق التي تصدرها لهم إلا أنهم في المقابل يحرصون على التقيد بما تمليه عليهم وثائق التأمين من التزامات وواجبات ويحرصون أيضاً على تكوين علاقة مستقرة وطويلة مع شركة التأمين التي يتعاملون معها.
وبالنسبة لأفراد الفئة الأولى التي تحدثنا عنها وجزء كذلك من أفراد الفئة الثانية فإن الوضع بالنسبة لهم يتوقف على مدى حاجتهم للجوء إلى وثيقة التأمين وهم في الغالب إذا حصل لهم حادث فإنهم يعتبرون عملاء غير مرغوب فيهم لدى شركات التأمين التي أصدرت لهم وثائق التأمين وتلجأ شركات التأمين هذه إلى كثير من التعقيدات والحجج للتنصل من صرف التعويضات لهم أو التقليل منها، وربما فإن هذا السبب هو الذي يبرر الزيادة المطردة في عمليات التحايل لدى هذه الفئة سواء من أجل الحصول على ما تنص عليه وثائق تأمينهم من حقوق أو للتحايل على بعض الشروط والاستثناءات التي يكتشفون فيما بعد أن وثائق التأمين تنص عليها وتحرمهم من الحصول على التغطية التأمينية اللازمة.