السديس: مناسبة كريمة تصفو فيها النفوس وتهفو إليها الأرواح
أكد عدد من الدعاة أن إطلالة شهر رمضان على المسلمين في كل عام فرصة ثمينة يجب اغتنامها واستقبالها بالتوبة والإنابة إلى الله. وقالوا إن هذا الشهر العظيم يعد موسما من مواسم الخيرات خصه الله بالفضل والتشريف والبركات، وعمل الطاعات، والإكثار من القربات.. وأكدوا أن الله هيأ من المناسبات العظيمة ما تصقُلُ الإيمان في القلوب، وتُحرّك المشاعر الفيّاضة في النفوس، فتزيد في الطاعات وتُضيّق مجالات الشر في المجتمعات، وتعطي المسلمين دروسا في الوحدة والإخاء، والتضامن والصفاء، والبرّ والصلة والهناء، والطُهر والخير والنقاء، والصبر والشجاعة والإباء، وبينوا أن رمضان منهل عذب، وحمى أمين وحصن حصين للطائعين، وفرصة لا تُعوّض للمذنبين المفرّطين، ليجددوا التوبة من ذنوبهم، ويسطروا صفحة جديدة بيضاء ناصعة في حياتهم، مفعمة بفضائل الأعمال ومحاسن الفعال، ومكارم الخصال, وهو ما يحرص على فعله عباد الله المؤمنون الصادقون الذين يحرصون على استغلال كل شهر رمضان لما يقربهم من الله.
استغلاله حتى لا يخرج
في البداية أكد الشيخ عبد الرحمن السديس, أن رمضان فرصة عظيمة ومناسبة كريمة تصفو فيها النفوس، وتهفو إليها الأرواح، وتكثر فيها دواعي الخير؛ تفتّح الجنات، وتتنزل الرحمات، وترفع الدرجات، وتغفر الزلات في رمضان تهجُّد وتراويح، وذكر وتسبيح، في رمضان تلاوة وصلوات، وجُود وصدقات، وأذكار ودعوات، وضراعة وابتهالات، فعلى المسلم أن يستغل هذا الشهر أيما استغلال حتى لا يخرج منه دونما فائدة حتى لا يكون من الخاسرين الذين ليس لهم من صيامهم سوى الجوع والعطش، ولنحرص على تتبع سنن النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان حاله في رمضان والسير عليه نسأل الله التوفيق للجميع.
مفتاح لقبول الباقيات
ويرى الدكتور محمد عبد الله الدويش أن الإخلاص لله تعالى هو روح الطاعات، ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات، وسبب لمعونة وتوفيق رب الكائنات، وعلى قدر النية والإخلاص والصدق مع الله وفي إرادة الخير تكون معونة الله لعبده المؤمن. قال ابن القيم ـ رحمه الله: وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه ـ سبحانه وتعالى ـ وإعانته..وقد أمرنا الله جل جلاله بإخلاص العمل له وحده دون سواه فقال تعالى:" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء" البينة:5. فإذا علم الصائم أن الإخلاص في الصيام سبب لمعونة الله وتوفيقه هذا مما يحفز المؤمن على استغلال رمضان في طاعة الرحمن سبحانه وتعالى (صيام + إخلاص لله) = حماس وتحفيز، فما أجمل أن يكون العبد قد حقق الفائدة الكبيرة من صيامه لشهر رمضان وليعلم أنه كلما كان مستكثرا من العمل الموافق لمنهج المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الشهر كان على خير عظيم بإذن الله متى ما كان عمله خالصا لوجهه الكريم وعلى نهج أفضل الخلق عليه أفضل الصلاة والتسليم الوجه الأكمل والنحو الأتمْ.
وفي السياق ذاته يقول الشيخ صالح بن عواد المغامسي: إن رمضان شهر لبلوغ مرضات الله ولن تستطيع أن تصوم رمضان على الوجه الأكمل والنحو الأتمْ إذا كنت تعتمد على قراءتك الفقهية! لكن ينبغي أن تعلم أنّ الله ـ جل وعلا ـ وحده هو الموفِّق، وأن تعظّم الله تبارك وتعالى في قولك، وأن تعلم أنّ الله رحمة بك أفاء عليك ببلوغ شهر كريم، فإذا بلغته؛ فاقتصد في أوله، وزد في وسطه، ثم اجتهد كل الاجتهاد في آخره، لا تبدأ بالاجتهاد الكامل في أوله ثم ّ يصيبك الفتور، فإن المنبّت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، تقول عائشة إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يجتهد في العشر الوسطى ما لا يجتهد في العشر الأُول ويجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في الشهر كله، فهل نعي ذلك ونشمر عن سواعدنا في هذا الشهر العظيم, خصوصا في العشر الأواخر منه التي كما ذكرت مسبقا كان يجتهد فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيما اجتهاد، وكان يشد المئزر ويعتكف في العشر الأواخر في مسجده عليه أفضل الصلاة والتسليم.