السيارات الصينية..تطور وازدهار وانفتاح على الأسواق العالمية

السيارات الصينية..تطور وازدهار وانفتاح على الأسواق العالمية

سياسة الانفتاح التي تقوم بها الصين، خصوصا في المجال الاقتصادي، بدأت تؤتي ثمارها بالنسبة إلى الصناعات الصينية التي أصبحت تستفيد من اتفاقيات تجارية واسعة تسهل لها الانتشار بشكل أكبر في أسواق العالم.
وعلى الرغم من انتشار المنتجات الصينية بشكل كبير في معظم دول العالم، إلا أن صناعة السيارات الصينية كانت في الفترة الماضية تغط في سبات عميق، حيث انحصر الإنتاج الصيني للسيارات في السوق الصينية وبعض الأسواق الإقليمية التي كانت تستفيد من الأسعار الزهيدة التي كانت تباع بها هذه السيارات.
وبالعودة إلى الماضي نجد أن بداية صناعة السيارات في الصين تعود إلى أواسط الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تم إنتاج أول سيارة في عام 1956، وكانت عبارة عن شاحنة صغيرة تحمل تسمية "جايفانج" أو شاحنة الحرية، وهي لا تزال تشاهد بإعداد كبيرة في شوارع الصين.
أما أول سيارة مخصصة للركاب، أو سيارات الصالون، فأنتجت عام 1958 وحملت تسمية "فينجهوانج" أو شانغهاي SH 760 وتميزت بكونها خليطا بين سيارات مرسيدس, خصوصا طراز 220S وبعض السيارات السوفييتية في الفترة نفسها.
بعد ذلك تم إنتاج العديد من الطرازات التي كانت مشتقة بشكل مباشر أو غير مباشر من السيارات السوفييتية التي أنتجت في فترة الستينيات.
وبقيت صناعة السيارات الصينية على حالها خصوصا مع قلة طلب الناس على السيارات لضعف الحالة الاقتصادية، واعتمادهم بشكل كبير على الدراجات الهوائية التي كانت تشتهر بكثرتها في الشوارع الصينية.
أواسط الثمانينيات، شهدت دخول الشركات الغربية إلى الصين، ومن بين تلك الشركات كانت شركة فولكس فاجن الألمانية التي دخلت عبر اتفاقية مشتركة مع الدولة الصينية عبر شركة تحمل تسمية "شانغهاي - فولكس فاجن"، حيث قامت الشركة بتطوير مصنع شانغهاي الذي كان ينتج بعض السيارات التي تحدثنا عنها مسبقا، وتم من خلاله إنشاء خطوط إنتاج جديدة لإنتاج مجموعة من السيارات مثل طراز سانتانا من فولكس فاجن الذي أصبح من أكثر الطرازات انتشارا على الطرقات الصينية، كما تم إنشاء شركة ثانية تحمل تسمية "فاو - فولكس فاجن" قامت بإنتاج طراز 100 من أودي الذي حقق أيضا مبيعات متقدمة، وسمح للمستهلك الصيني بالحصول على سيارة فاخرة من وجهة نظره، كما أصبحت هذه السيارة من السيارات الرسمية لكبار رجال الدولة الصينية، حيث تم الاستغناء عن السيارات التي أنتجت على النمط السوفييتي.
في ذلك الوقت كانت هناك محاولات يابانية خجولة لدخول السوق الصينية, خصوصا عبر شركة هوندا، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب النظرة العدائية التي ينظر بها الصينيون إلى اليابان وشركاتها، غير أن ذلك لم يمنع شركة دايهاتسو من إقامة مصنع للسيارات مع قدرة إنتاج منخفضة للغاية.
وبقيت مجموعة فولكس فاجن مسيطرة على السوق الصينية بشكل كامل حتى بدايات التسعينيات مع دخول مجموعة PSA الفرنسية إلى السوق الصينية عبر سيارات سيتروين التي حققت نجاحا ملحوظا من خلال طراز ZX الذي أنتجته الشركة عبر شركة دونج فونج، وتم إنتاج فئات مختلفة من هذه السيارة التي تنتمي أصلا إلى فئة الهاتشباك.
وخلال فترة التسعينيات بدأ الانفتاح التجاري للصين على دول العالم، واستطاعت الشركات الغربية الدخول إلى السوق الصينية على الرغم من القيود الصارمة التي فرضتها الدولة الصينية على استيراد السيارات، من حيث زيادة الرسوم الجمركية بشكل كبير، وفرض ضرائب كبيرة خصوصا على السيارات الأمريكية، كما قامت الدولة الصينية بتحديد الأعداد المستوردة من السيارات لكل دولة.
بعد ذلك بدأت الصين في إجراء مباحثات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية التي انضمت إليها فعلا قبل ثلاثة أعوام من الآن، الأمر الذي ترتب عليه إلغاء القيود الصارمة على استيراد السيارات، حيث خفضت نسبة الرسوم الجمركية، وتم إلغاء نظام تحديد الحصص الذي كان يحدد عدد السيارات المستوردة من كل دولة.
نتيجة لذلك دخلت مجموعة من الشركات السوق الصينية بقوة عبر اتفاقيات تعاون مشترك لبناء مصانع وإنتاج مجموعات جديدة من السيارات، كما كثفت الشركات الصينية بدورها من هذه الاتفاقيات للعمل على رفع مستوى إنتاجها من السيارات، والوصول به إلى درجة تسهل عملية المنافسة في الخارج، حتى أن مجموعة ديملر كرايسلر وقعت عقدا مع شركة بكين المحدودة لإنتاج السيارات لإقامة مصنع يقوم بإنتاج سيارات مرسيدس - بنز في الصين.
وتشكل مبيعات الشركات المشتركة أي التي تتم بين شركات صينية وأخرى عالمية أكثر من 80 في المائة من مجمل إنتاج ومبيعات الصين من السيارات.
ونتيجة للنمو الاقتصادي الكبير الحاصل في الصين، وزيادة دخل الفرد، ونشوء طبقة غنية، ازدادت نسبة مبيعات السيارات الفاخرة خلال الأعوام الماضية، وسجلت مبيعات شركات مثل: مرسيدس بنز وبي إم دبليو وأودي مبيعات متقدمة هناك، كذلك الأمر مع السيارات الأمريكية, حيث نجد أن "كاديلاك" تحقق مبيعات عالية في فئة السيارات المترفة.
واللافت أيضا تسجيل طلبات عديدة على السيارات المترفة جدا مثل رولز رويس وبنتلي، وحتى طراز مايباخ من مرسيدس، كما تسجل مبيعات السيارات السوبر رياضية مكانا لها في الصين مع سيارات فيراري وبورش، حيث أصبح المواطن الصيني يشاهد معارض فخمة تعرض على واجهاتها أفخم السيارات الرياضية.
واليوم، بدأت الشركات الصينية في الخروج من دائرة المبيعات المغلقة التي كانت تدور فيها مع البدء في تصدير السيارات الصينية إلى مختلف دول العالم عبر طرازات منافسة في السعر، وإن انخفض فيها معدل الجودة والتجهيزات، وتعمل الشركات الصينية في الوقت الحاضر على زيادة المخصصات الخاصة بالأبحاث لتعزيز مستويات الجودة، وإنشاء مجموعة من الشركات المختصة في إنتاج قطع الغيار بهدف توفير جميع متطلبات غزو الأسواق العالمية.
كما تقوم الشركات الصينية باستثمار مئات الملايين من الدولارات في سبيل تطوير السيارات العاملة بالكهرباء، حيث تزداد مبيعات السيارات العاملة بالكهرباء بشكل كبير، حيث تزيد على 100 ألف سيارة سنويا، كما أن السيارات الكهربائية الصينية أخذت طريقها إلى الأسواق العالمية بعد أن تم البدء في تصديرها إلى الأسواق الأمريكية مع مطلع هذا العام.
كذلك يتم التركيز في الصين على السيارات العاملة بالغاز، حيث يسير في شوارع الصين ما يزيد على 700 ألف سيارة تعمل بالغاز، إضافة إلى ما يزيد على 700 محطة تعبئة.
أما فيما يتعلق بإنتاج السيارات العام في الصين، فنجد أنه تجاوز الخمسة ملايين سيارة عام 2004، ومن المتوقع أن يصل إلى ستة ملايين سيارة مع نهاية العام الحالي.
وتحتل الصين المرتبة الرابعة على الصعيد العالمي في إنتاج السيارات، بعد أن تجاوزت فرنسا العام الماضي، ويتوقع مع نهاية العام الحالي أن تتجاوز ألمانيا لتحل في المرتبة الثالثة، ويتوقع المراقبون أن تحتل الصين المركز الثاني مع حلول عام 2010، والمركز الأول في عام 2020.
ويزيد حجم التصدير الصيني من السيارات عن الـ 100 ألف سيارة، ويتوقع أن يتضاعف الرقم خلال العام المقبل، مع دخول أسواق جديدة إضافة إلى الأسواق الحالية وهي: الولايات المتحدة, أوروبا، دول الشرق الأقصى, والشرق الأوسط.
وسوف تركز الشركات الصينية خلال الأعوام الخمسة المقبلة على تطوير سيارات ذات قدرة استهلاك محدودة للطاقة، والتركيز على السيارات العاملة بالكهرباء والغاز الطبيعي.

الأكثر قراءة