هل يمكن الاستفادة من بيع العربون في العقود المستقبلية؟

هل يمكن الاستفادة من بيع العربون في العقود المستقبلية؟

عقد المؤتمر الثالث للمالية والمحاسبة والمصرفية الإسلامية The 3rd conference of Islamic Banking, Accounting and finance لجامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM في فندق ليجند في كوالالمبور في الفترة ما بين 26 و27 رجب عام 1429هـ الموافق 29 و30 تموز (يوليو) عام 2008, وكان موضوع المؤتمر: الفكر المالي في إدارة الثروات Theme: Financial Intelligence in Wealth Creations .
وتمت مناقشة العديد من القضايا في هذا المؤتمر, ولعل أكثر ما يهم المختصين في المصرفية اليوم هو دراسة الآلية التي يمكن أن تدخل المصرفية الإسلامية عبرها للعقود المستقبلية مثل عقود الخيارات وغيرها, وقد كان للدكتور داود بكر - وهو من المتخصصين البارزين في قطاع المصرفية الإسلامية في ماليزيا, ومستشار لدى عدد من المؤسسات المالية – ورشة عمل متزامنة مع المؤتمر تناول فيها كيفية الاستفادة من عقد العربون في البيوع المستقبلية, حيث إنه من الممكن أن يتم التعاقد بين مؤسستين إحداهما تمثل البائع والأخرى تمثل المشتري على أساس أن للمشتري الخيار لمدة معينة في شراء مجموعة من الأسهم بسعر متفق عليه, وتدفع هذه الشركة عربونا يمثل على سبيل المثال 10 في المائة من القيمة الإجمالية على أساس أنه خلال مدة معينة – ثلاثة أشهر مثلا - لهذه المؤسسة الحق في شراء هذه الأسهم, فخلال هذه المدة إذا ما رأى المشتري الذي دفع العربون أن هناك جدوى في الاستمرار في العقد بحيث إن الأسهم زادت أسعارها خلال هذه المدة فله أن يقرر إتمام المبلغ وشراء الأسهم, وإذا ما رأى أن الأسهم انخفضت إلى حد يرى أنه ليس هناك جدوى من الاستمرار في العقد فإنه لا يتم العقد ويبقى العربون حقا للبائع ولا تستعيد المؤسسة المالية التي تقدمت للشراء هذا المبلغ.
في البداية نحن نعلم أن عقد البيع الذي يدخله العربون لا يجيزه جمهور العلماء باستثناء الحنابلة الذين اعتمدوا في جواز هذا العقد على ما ورد عن عمر رضي الله عنه, وكذلك قال الحنابلة إن الحديث الوارد في النهي عن بيع العربون ضعيف فلا يحتج به, وقد أيد قول الحنابلة عدد من العلماء المعاصرين.
نلاحظ من خلال الإجراء السابق لبيع العربون أن هناك شيئا من التشابه بينه وبين بيع الخيارات options إلا أن هناك فرقا, وهو أنه في بيع الخيارات يدفع المشتري رسما لا يحتسب من قيمة السلعة في حال ما رغب في إتمام الصفقة, في حين أنه في بيع العربون يحتسب العربون كجزء من قيمة السلعة فيما لو رغب المشتري إتمام الصفقة, ولكن يبقى لنا أن نتساءل عن عدة أمور:
الأول: هل بيع العربون بالمقصد المتقدم مقبول شرعا, إذ إن بيع العربون كما بحثه الفقهاء المتقدمون قد يختلف في القصد عن الصورة المتقدمة.
الثاني: المدة المقبولة شرعا لمثل هذا النوع من العقود، إذ إن طول المدة يزيد من احتمال تقلب الأسعار وبالتالي الغرر لأحد الطرفين.
الثالث: الغرر الحاصل للطرفين هل هو ضمن الحد المقبول شرعا, إذ إنه شبه متحقق بنسبة كبيرة, سواء بالنسبة للمشتري الذي قد يفوت على نفسه العربون الذي قد يصل إلى نسبة عالية, وكذلك على البائع الذي ينتظر لفترة طويلة والذي يلتزم بقرار المشتري الذي من الممكن أن يعدل عن إتمام العقد في حال ما إذا انخفض سعر السلعة إلى مستويات متدنية قد تصل إلى أحيانا إلى نصف قيمة الأسهم أو السلع, ونحن نرى بشكل يومي حجم التقلبات التي تحدث في الأسواق المالية.
ولذلك قد تحتاج المسألة إلى دراسة شرعية شاملة تأخذ في الاعتبار تطبيقاتها في الأسواق المالية.

متخصص في التمويل الإسلامي
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن
E-mail: [email protected]

الأكثر قراءة