الاقتصاد يهيمن على السباق نحو البيت الأبيض

الاقتصاد يهيمن على السباق نحو البيت الأبيض

مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية واشتداد حملتها الدعائية أصبحت القضايا الاقتصادية المسألة المسيطرة على تفكير الناخبين. وفقا لموقع أميركا دوت غوف، وقد تقلص اهتمام الناخبين الأمريكيين بالوضع في الخارج وازداد اهتمامهم بالوضع الاقتصادي في الداخل مع تقلص عدد الوفيات في العراق وتقلص تغطية وسائل الإعلام للحرب. وكان يبدو وكأن الانتخابات الأمريكية النصفية عام 2006، التي ساعد فيها عدم الرضى عن الحرب في العراق الديمقراطيين على الفوز بالسيطرة على الكونجرس، وكانت التقارير تشير إلى أن السياسة الخارجية ستكون الموضوع المهيمن في حملة 2008 الانتخابية. ولكن ذلك لم يحدث والواقع هو أن الشؤون الاقتصادية هي التي تملي على الناخبين الأمريكيين خياراتهم عادة.
وقال مدير الأنباء السياسية في "إن بي سي نيوز" التلفزيونية إن "معظم الانتخابات هي انتخابات تملي محفظة النقود نتيجتها، إلا إذا كانت المحفظة متخمة بالنقود أو كانت هناك حرب لا تسير على ما يرام".
وقد أشارت استطلاعات الرأي التي أجريت في الفترة الأخيرة إلى أن الكثير من الأمريكيين لا يعد محفظة نقوده ممتلئة. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب في 12 آب (أغسطس) إلى أن الأغلبية (73 في المائة) تشعر بأن الوضع الاقتصادي سيئ. كما أشارت هذه الاستطلاعات إلى أن الاقتصاد يأتي في المرتبة الأولى من حيث هموم واهتمام الأمريكيين في عام 2008، إذ إن الذين استطلعت آراؤهم كانوا يذكرونه عادة من مرتين إلى ثلاث مرات أكثر من ذكرهم الحرب في العراق أو الرعاية الصحية أو البيئة، كالأمر الأكثر أهمية.
ومن العوامل التي تثير هذا القلق الانخفاض في أسعار العقارات. ويشكل دفع أقساط الرهن العقاري الشهرية الهاجس الاقتصادي الأكبر بالنسبة للأمريكيين. وقد ارتفع عدد الأشخاص الذين لم يعد بإمكانهم دفع أقساط رهنهم العقاري الشهرية، ممن تلقوا قروضاً بفوائد قابلة للتعديل والتغيير، بشكل كبير خلال الـ 12 شهراً الماضية.
ومن العوامل الرئيسية الأخرى أيضاً ارتفاع سعر البنزين والنفط. فارتفاع سعر البنزين والنفط يؤثر في تكلفة النقل والمواصلات والطعام والتدفئة، في الوقت الذي يواجه فيه الكثير من الأمريكيين صعوبة اقتصادية. وقد أصبح هذا موضوعاً مهيمناً ليس فقط أثناء تنقل المرشحين من مكان إلى آخر في حملتيهما الانتخابيتين وإنما أيضاً في الانتخابات المحلية في جميع أنحاء البلد.
كما أن اهتمام الأمريكيين بقضايا داخلية أخرى، كالرعاية الصحية، مدفوع هو الآخر بالهموم الاقتصادية. وأوضح تود أنه بما أن غالبية الأمريكيين تحصل على التأمين الصحي من خلال أرباب العمل "فإن قولهم إنهم قلقون بشأن الرعاية الصحية، إنما يعني أيضاً أنهم يخشون فقدان وظائفهم".
والهجرة مرتبطة هي أيضاً بالوضع الاقتصادي. فعندما تكون هناك مخاوف اقتصادية، يشعر البعض بالقلق من أن يحصل المهاجرون غير الشرعيين على فرص العمل المتوافرة. وقال تود حول ذلك، "عندما ينظر المرء إلى تاريخ بلدنا يرى أنه في كل مرة أصبحت فيها الهجرة قضية على الساحة القومية، حصل ذلك خلال فترة انكماش اقتصادي".
ويلاحظ المحللون أن القضايا الاقتصادية لا تزال مسيطرة في التجمعات الجماهيرية والتلفزيون، وروج كل من المرشحين المفترضين للرئاسة في الأسابيع الأخيرة لمقترحاته الاقتصادية في الولايات الأساسية التي تشتد المنافسة فيها بينهما، مثل مشيجان وأوهايو وبنسلفانيا، التي تقلصت فيها فرص العمل بشكل خاص.
وتدعو خطة أوباما إلى إعادة جزء من مبلغ الضريبة المدفوعة، وإنشاء صندوق للحيلولة دون حبس الرهن ولمساعدة الولايات المتأثرة أكثر من غيرها بأزمة المنازل، وهو يقول إن ذلك سيساعد على "إعطاء دفعة لاستئناف الاقتصاد نشاطه". كما قال إنه سيقدم، في حال انتخابه، (ائتمانات) حسومات ضريبية قيمة كل منها ألف دولار للعائلات العاملة.
أما ماكين فيقول إن خطته ستحول دون فقدان ما بين 200 ألف عائلة إلى 400 ألف عائلة منازلهم من خلال توفير المساعدات لأولئك الذين يكافحون لتسديد أقساطهم الشهرية ذات معدل الفائدة القابل للتعديل. وهو يقول إن خطته "تركز على كيفية مساعدة اقتصادنا على خلق مزيد من الأعمال الجيدة" من خلال تقليص معدل ضريبة الشركات وتقديم ائتمانات (حسومات) ضريبية للأبحاث والتطوير.
وقال المرشحان إن التجارة مع الدول الأخرى توفر فرصة لتعزيز الاقتصاد الأمريكي. وقال أوباما إنه سيقوم، في حال انتخابه، بتعديل اتفاقيات معينة، كاتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، لضمان كونها تفيد العمال الأمريكيين بالشكل الملائم. أما ماكين فيعتقد أن على الولايات المتحدة أن تنخرط في جهود متعددة الأطراف لتقليص الحواجز التجارية لتوفير مزيد من الفرص للأمريكيين لبيع سلعهم وخدماتهم في الخارج.
ويتفق المرشحان على أن الاستثمار في الطاقة البديلة سيوجد أعمالاً "خضراء" جديدة. ويقول أوباما إنه سوف يخلق خمسة ملايين فرصة عمل جديدة "خضراء" من خلال استثمار 150 مليار دولار على امتداد عشر سنوات لدفع عجلة الطاقة البديلة وتدريب الأمريكيين على الأعمال في هذه الصناعات الجديدة. أما ماكين فيقول إن خطته لإقامة 45 محطة نووية جديدة (لإنتاج الطاقة الكهربائية) بحلول عام 2030 ستولد 700 ألف فرصة عمل جديدة.
وفي الوقت الذي يقوم فيه كل من المرشحين بالترويج لخطته أثناء تنقله من مكان إلى آخر في الحملة الانتخابية، يستخدم كل منهما أيضاً البث التلفزيوني لانتقاد خطة منافسه. ويقول الراوي في إعلان لأوباما بُث أخيراً بعنوان "بوك" (الكتاب) إن ماكين سيواصل إنفاق عشرة مليارات دولار شهرياً في العراق وإن من شأن ذلك أن يضر الاقتصاد الأمريكي.
من جهة أخرى، يقول أحدث إعلانات ماكين، "تاكسمان" (جابي الضرائب)، إن خطة أوباما الاقتصادية من شأنها أن تؤدي إلى ضرائب أكثر ارتفاعاً وأسعار بنزين أكثر ارتفاعا وإلى "كارثة اقتصادية".
وقد يواجه ماكين معركة أصعب في مجال المسائل الاقتصادية، وذلك ليس فقط لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن عدداً أكبر بقليل من الأمريكيين يعتقد أن أوباما مهيأ بشكل أفضل من ماكين لمعالجة أمر الاقتصاد الآخذ في الضعف تدريجا، وإنما أيضاً لأن التاريخ يُظهر أنه عندما يكون الاقتصاد في حالة سيئة، يكون من المرجح أكثر أن يخسر حزب الرئيس الراهن الانتخابات الرئاسية.

الأكثر قراءة