الأسهم تتراجع في الوقت الذي يبتعد فيه المستثمرون عن المخاطر
أحدثت المخاوف المستمرة حول آفاق القطاع المالي العالمي والاندفاع الحاد في أسعار النفط الاضطراب بين مستثمري الأسهم وساعدت على دفع الدولار بحدة إلى الأدنى أمس.
قال جون هيجينز من كابيتال إيكونومكس Capital Economics: "المستثمرون يصبحون متوترين بصورة متزايدة، ويتعمق لديهم الإحساس بالابتعاد عن المخاطر والدخول في استثمارات آمنة منذ أن وصلت الأسهم أوجها في أيار (مايو). وهناك أثر بسيط لهذا الاتجاه العام، وهو النمو المتزايد للفروق في العقود المتبادلة للتأمين على أسعار الفائدة الأمريكية نسبة إلى العوائد على السندات الحكومية".
ارتفعت الفروق في عقود التأمين المتبادلة لأجل خمس سنوات بمقدار 20 نقطة أساس خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ووصلت الآن إلى مستوى أعلى من 100 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى لها منذ إنقاذ بنك بير شتيرنز في آذار (مارس).
كذلك قال هيجينز إن الفروق في مبالغ التأمين في العقود الآجلة للتأمين على أسعار الفائدة كانت مدفوعة من الناحية التاريخية بالتغيرات في آفاق السياسة المالية العامة.
وقال إنه لم يكن ما يبعث على المفاجأة أن المالية العامة عادت من جديد إلى مركز الأضواء بالنظر إلى مواطن القلق المتزايد حول احتمال إعادة رسملة وكالتي القروض السكنية المدعومتين من الحكومة، وهما وكالة فاني ماي Fannie Mae ووكالة وفريدي ماك Freddie Mac.
قال بيتر بوسينج أندرسين، وهو محلل أول لدى دانسكه بانك Danske Bank، إن عواقب توجه من هذا القبيل ستكون سيئة للغاية بالنسبة للمساهمين، في حين أن آفاق العوائد على السندات المدعومة بالقروض السكنية يمكن أن تتحسن.
وقال "إلى أن نعلم التفاصيل الدقيقة لعملية الإنقاذ الحكومية، أو إلى حين أن تنجح الوكالتان من خلال سبل أخرى في تأمين رأس المال اللازم لاستعادة ثقة المساهمين، فإن العوائد على السندات المدعومة بالقروض السكنية يرجح لها أن تظل مرتفعة".
تمكنت أسهم "فاني ماي" و"فريدي ماك" من تحقيق مكاسب متواضعة بعد أن خسرتا نحو نصف قيمتهما هذا الأسبوع وتسجيل أدنى مستوى لهما منذ عقدين من الزمان. كذلك اندفعت سندات الوكالتين إلى الأمام في الوقت الذي قام فيه المستثمرون بتحويل الأموال من سندات الخزانة الأمريكية.
من جانب آخر، تعمقت المخاوف حول القطاع البنكي في الولايات المتحدة بفعل تقرير ظهر في صحيفة "فاينانشيال تايمز" جاء فيه أن بنك ليمان براذرز Lehman Brothers أخفق في التوصل إلى اتفاق لبيع كمية من أسهمه تصل إلى النصف إلى مستثمرين آسيويين.
ساعد تقرير "فاينانشيال تايمز" على دفع تكلفة التأمين ضد الإعسار على سندات بنك ليمان براذرز إلى أعلى مستوى لها منذ شهر، في الوقت الذي توسعت فيه مبالغ التأمين على جميع السندات من أولها إلى آخرها.
بحلول منتصف اليوم في نيويورك هبطت أسهم بنك ليمان براذرز بأكثر من 4 في المائة، وتصدرت بذلك هبوطاً في أسهم الشركات المالية كان من شأنه أن أصبحت أسواق الأسهم أدنى من ذي قبل بصورة عامة. هبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 0.3 في المائة، في حين أنه في أوروبا هبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 0.9 في المائة. وفي طوكيو هبط مؤشر نيكاي 225 بمقدار 0.8 في المائة.
قال كيفن جاردنر، رئيس قسم استراتيجية الأسهم العالمية لدى بنك إتش إس بي سي HSBC، إن اندفاع الأسهم الذي شهدته الأسواق منذ بداية النصف الثاني من العام ارتطم بجدار اسمه "جدار الابتعاد عن المخاطر وتوخي الحذر".
ولكنه أضاف: يجدر بنا ألا نبالغ في إعطاء صورة قاتمة عن الموضوع. فحيث إن كثيراً من مديري الصناديق لا يزالون في وظائفهم المجزية، فإن هناك خطراً من المبالغة في تحليل هذه الأسواق".
وقال "بعض الأمور الكبيرة تعرضت للتغير نحو الأحسن خلال الأسابيع القليلة الماضية، كما أن أكبر كابوس كان يقض مضجع المستثمرين، وهو حدوث تقلص كبير في مجاميع الائتمان الكلية، لم يتحقق، على الأقل حتى الآن".
تراجعت السندات الحكومية الأمريكية في الوقت الذي حصد فيه المستثمرون الأرباح من اندفاع السندات هذا الأسبوع. ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 3.83 في المائة. ولم يكن هناك أثر يذكر للأنباء الواردة عن حدوث هبوط في معدل المطالبات الأولية بالتعويض عن البطالة في الأسبوع الماضي، أو للبيانات التي أظهرت أن وتيرة التقلص في نشاط المصانع في الولايات الواقعة في أواسط شرق الولايات المتحدة أصبحت معتدلة إلى حد ما.
كذلك هبطت العوائد على السندات الحكومية الأوروبية بعد النتائج القوية المفاجئة في بيانات مديري الشراء في منطقة اليورو. وأظهرت التقديرات السريعة أن مؤشر مديري الشراء في قطاع التصنيع ارتفع ليصل إلى 47.5 في آب (أغسطس)، بعد أن كان 47.4، في حين أن مؤشر الخدمات هبط من 48.3 ليصل إلى 48.2.
ولكن سونيل كاباديا، وهو اقتصادي لدى بنك يو بي إس UBS، قال إن المؤشرات المذكورة ما تزال عند مستويات ضعيفة للغاية، ومن المؤكد أنها لا تشير إلى أي تعافٍ سريع في النمو في منطقة اليورو في الربع الثالث.
وقال: "بدلالة السياسة النقدية، فإننا ما نزال نرى أن البنك المركزي الأوروبي سيجمد أسعار الفائدة ويتوقف عن التخفيض إلى السنة المقبلة، ما لم تعمل بيانات النشاطات الاقتصادية والصناعية على إحداث هبوط حاد أو أن يهبط التضخم بسرعة أكبر مما نتوقع".
في أسواق العملات، هبط الدولار من مستوياته العليا التي سجلها في الفترة الأخيرة، في الوقت الذي تعمقت فيه المخاوف حول الشركات المالية الأمريكية.
كان الين هو المستفيد من اشتداد النزعة المحافظة وتوخي الحذر لدى المستثمرين، في حين أن الاسترليني تلقى العون من المبيعات القوية في قطاع التجزئة في بريطانيا، رغم أن محللين قالوا إن سلسلة البيانات كانت متقلبة للغاية في الأشهر الأخيرة.
في أسواق السلع قفز النفط بصورة حادة فترة وجيزة إلى مستوى 122 دولاراً للبرميل، لكنه تراجع بعد ذلك، على اعتبار أن عمليات الشراء كانت مدفوعة بضعف الدولار وتصاعُد المخاوف الجيوبوليتيكية. ارتفع الذهب إلى أعلى مستوى له منذ عشرة أيام، وسجل النحاس أعلى مستوى له منذ ثلاثة أسابيع.