دور التسويق المبهم في انتشار العلامات التجارية ونجاح المنتج
في السوق تتعدد العلامات التجارية وتتنافس فيما بينها على جذب اهتمام المستهلك. يحدث هذا منذ أن ظهرت فكرة العلامة التجارية، ولكنه زاد إلى درجة كبيرة في النصف الثاني من القرن الماضي بفضل تطور وسائل الإعلام، ولكن مع ظهور وسائل التواصل الحديثة اختلف الأمر تماما عن ذي قبل.
انتهت العلامات التجارية ولم يعد الإعلان ذا جدوى. صار الجيل الجديد من المستهلكين منيعا ضد التسويق، فهو الجيل الذي نشأ على الإنترنت وغيره من الوسائل التكنولوجية الحديثة التي عودته على قصر فترات الانتباه وضعف التركيز، حتى أن الكثيرين يقولون إن التحكم الآن في يد المستهلكين.
يلاقي هذا الرأي معارضة كبيرة من مؤلف الكتاب روب ووكر، وهو كاتب في مجلة "النيويورك تايمز"، حيث يرى أنه يتغاضى عن تغير ثقافي أكثر أهمية ودواما، فهو يرى أن التكنولوجيا وفرت الكثير من قنوات الدعاية والإعلان في كل مكان، وصنعت علاماتها التجارية وساهمت في حملات التسويق للعلامات التجارية المفضلة بطرق غير مسبوقة.
وكما لو كان الأمر ناتجا عن عدوى شديدة، نجد أن المستهلكين الذين يتلقون تحفيزا مناسبا يسارعون إلى نشر الدعاية عن منتجهم المفضل نيابة عن الشركات الكبرى عن طريق الإنترنت بإضافة إعلانات له كلما أمكن في المواقع التي يزورونها، أو بترشيحه لكل أصدقائهم وأفراد عائلاتهم.
وبهذه الطريقة يبدأ المستهلكون في توجيه النشاطات الثقافية والسياسية والمجتمعية المرتبطة بالعلامات التجارية. يعرفنا الكتاب على مجموعة من مسؤولي التسويق المبتكرين ورجال الأعمال والفنانين وغيرهم ممن يعملون في مجال التسويق، حيث يستعرض المشهد الثقافي المتغير بما فيها ما يطلق عليه مصطلح "التسويق المبهم".
يتطرق الكتاب إلى مفهوم التسويق المبهم، مؤكدا أن صانعي العلامات التجارية غالبا ما يريدون تكوين صورة واضحة عن منتجاتهم والغرض منها والمستهلك المستهدف لها. إلا أن إحدى شركات مشروبات المياه الغازية خالفت هذه التقاليد الراسخة وفعلت عكسها تماما في حملاتها الدعائية فكل شيء عن هذه الشركة ومنتجها الوحيد محاط بالغموض.
وفي حين يبدو هذا المنتج موجها إلى مجموعة معينة من المستهلكين، إلا أن هوية العلامة التجارية له غير واضحة أبدا. ومن هذا المنتج يتضح أن اتجاه التسويق المبهم يعتمد على ترك المستهلكين يكونون صورة المنتج وهويته كما يرون.
يقدم الكتاب لمحات عامة عن العلامات التجارية قديمها وحديثها، موضحا الطرق التي يختار بها المشترون المنتجات. ليس فقط من حيث اختيارهم كمستهلكين، وإنما أيضا كتعبير واع عن هوياتهم. يتناول هذا الكتاب التسويق من ناحية، والأنثروبولوجيا الثقافية من ناحية أخرى.
يصف الكتاب الخيارات المتاحة أمام المستهلكين بأنها لا تعد ولا تحصى، فحتى لو كان المرء جالسا إلى مكتبه في العمل، فسيمكنه التسوق في الحال عن طريق الإنترنت.