أسواق المال تركز أنظارها على آفاق النمو الاقتصادي العالمي

أسواق المال تركز أنظارها على آفاق النمو الاقتصادي العالمي

هذا الأسبوع لم تعبأ أسواق العملات والسندات بأرقام التضخم المندفعة وركزت أنظارها على الآفاق المتدهورة للنمو الاقتصادي العالمي.
ينظر المحللون على نطاق واسع إلى التقدم الكبير في أسعار النفط والسلع الأخرى في وقت مبكر من هذا العام على أنه تسبب في الإضرار بآفاق النمو الاقتصادي وأشعل بروزاً مؤقتاً في معدل التضخم الإجمالي. أخذت الدلائل على ذلك تظهر هذا الأسبوع مع الأنباء القائلة إن اقتصاد اليابان تقلص بمقدار 2.4 في المائة بالمعدل السنوي خلال الربع الثاني، وهو أكبر هبوط له خلال سبع سنوات.
هبط الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بمقدار 0.2 في المائة في الربع الثاني كذلك، وهو أول ربع سالب له منذ إدخال اليورو في عام 1999.
من جانب آخر, ارتفع التضخم في بريطانيا ليصل إلى 4.4 في المائة في تموز (يوليو)، أي أنه كان أكبر من الرقم المتوسط الذي كان متوقعاً في حدود 4.2 في المائة. وقفز معدل التضخم الإجمالي للأسعار الاستهلاكية في الولايات المتحدة إلى 5.6 في المائة زيادة على السنة الماضية، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1990. ولكن النفط تراجع بعد أن سجل رقماً قياسياً في الشهر الماضي وشهد المزيد من الهبوط هذا الأسبوع، إلى جانب عدد من السلع الأخرى، خصوصاً الذهب، الذي هبط يوم الجمعة إلى ما دون 800 دولار للأونصة، للمرة الأولى خلال هذا العام.
يتوقع المحللون أن يعمل النمو الاقتصادي المتباطئ على التخفيف على نحو أكثر من ذي قبل من الضغوط التضخمية في الأشهر المقبلة.
قال إيان بوشامب، رئيس قسم استراتيجية أسعار الفائدة العالمية لدى مؤسسة آر بي سي كابيتال ماركتس RBC Capital Markets: "ربما يتبين فيما بعد أن هذا الأسبوع هو علامة فارقة في تفكير السوق، من حيث إن السوق بدأت أخيراً في الاقتناع بوجهة النظر القائلة إن الارتفاع الحاد الحالي في التضخم سيتبين أنه ارتفاع مؤقت".
في أسواق العملات هبط الاسترليني طيلة الأسبوع، وعانى الهبوط خلال أيام التداول الـ 11 الماضية في مقابل الدولار، وهي أطول فترة من هذا القبيل خلال 35 سنة. اندفع الاسترليني هابطاً في مقابل الدولار ليصل إلى مستوى 1.90 دولار، ثم هبط إلى رقم جديد هو 1.8512 دولار يوم الجمعة، وهو مستوى لم تشهده الأسواق منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2006.
قال روبرت فايسنشتاين، كبير الإداريين الاستثماريين لدى بنك كريدت سويس برايفيت بانك أمريكاز Credit Suisse Private Bank Americas: "هناك الآن احتمال أكبر بكثير من ذي قبل بتخفيض أسعار الفائدة في بريطانيا وأوروبا". وأضاف قائلاً إن "البنك المركزي الأوروبي يتعين عليه بالفعل أن يعيد التفكير في وجهة نظره حول أسعار الفائدة".
في أسواق السندات الحكومية، تصدرت سندات الخزانة البريطانية السندات الأخرى، على اعتبار أن احتمالات تخفيض أسعار الفائدة في بريطانيا هي أقوى من غيرها من البلدان المتقدمة.
هبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل سنتين بمقدار 15 نقطة أساس ليصل إلى 4.50 في المائة هذا الأسبوع، في حين أن العائد على السندات لأجل عشر سنوات هبط ليصل إلى 4.56 في المائة بعد أن كان 4.68 في المائة. في أوروبا هبط العائد على السندات الحكومية الألمانية من 4.18 في المائة ليصل إلى 4.07 في المائة. وسجل العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل عشر سنوات أدنى مستوى له منذ أربعة أشهر يوم الخميس حيث سجل فائدة مقدارها 1.415 في المائة.
اندفعت سندات الخزانة الأمريكية في الوقت الذي لم يكترث فيه المستثمرون ببيانات التضخم السيئة في الولايات المتحدة. كذلك تحول المستثمرون إلى السندات الحكومية على خلفية استمرار البيع للأوراق المالية المؤلفة من القروض السكنية، التي دفعت بهذه الأسعار إلى أعلى مستوى لها منذ انهيار بنك بير شتيرنز Bear Stearns في آذار (مارس). بحلول منتصف يوم الجمعة هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين ليصل إلى 2.37 في المائة، بعد أن كان 2.51 في المائة في بداية الأسبوع، وذلك في الوقت الذي قلل فيه المستثمرون احتمال رفع أسعار الفائدة هذا العام.
المزيد من الأدلة على أن المخاوف من التضخم تشهد نوعاً من التراجع جاء من معدلات نقطة التعادل التي يجب على العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات أن يتجاوزها لتحقيق الربح، وهي نقطة هبطت إلى ما دون النطاق 2.20 – 2.75 في المائة، الذي كان يعد كافياً منذ عام 2003.
قال أليكس لي، وهو محلل استراتيجي لدى بنك كريدي سويس Credit Suisse، إن المزيد من الهبوط في أسعار النفط باتجاه 100 دولار للبرميل يمكن بكل سهولة أن يجعل نقطة التعادل للعائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى معدل متدن في حدود 2 في المائة. وقال: "إن الهبوط في أسعار النفط يعد بشرى سارة للبنك المركزي الأمريكي، وهو يرفع الضغط على البنك عند رفع أسعار الفائدة".
كان هناك ضغط متجدد على التمويل بالنسبة للبنوك، وظلت أسعار الفائدة في أسواق المال مرتفعة وسط الطلب القوي على القروض لأجل شهر وثلاثة أشهر من البنك المركزي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي. يذكر أنه في الأسبوع الماضي اقترضت البنوك التجارية الأمريكية رقماً قياسياً من حيث متوسط الاقتراض اليومي من البنك المركزي الأمريكي، حيث بلغ 17.7 مليار دولار.
إن عدم اكتراث المستثمرين بالتضخم لم يفلح في التخفيف من الآفاق القاتمة للنمو الاقتصادي حين يتعلق الأمر بكثير من أسواق الأسهم هذا الأسبوع.
كانت نتائج الأسهم الأمريكية إيجابية وسلبية. بحلول منتصف يوم الجمعة في نيويورك ارتفع مؤشر ناسداك المركب بمقدار 1.9 في المائة خلال الأسبوع، في حين أن مؤشر ستاندارد آند بورز 500 كان أعلى بمقدار يسير، ولكن مؤشر داو جونز للشركات الصناعية هبط بمقدار 0.5 في المائة.
في أسواق السلع كان سعر التداول للنفط الخام دون مستوى 113 دولاراً للبرميل، وبذلك واصل النفط هبوطه من أعلى رقم سجله في الشهر الماضي عند 147.27 دولار للبرميل. وهبط مؤشر رويترز-جيفريز سي آر بي CRB لأسعار السلع بمقدار 1.7 هذا الأسبوع، وبذلك فإنه قريب من وضع تعتبر فيه السوق أنها في حالة تراجع، الذي يُعَرَّف بأنه هبوط بنسبة 20 في المائة عن أعلى رقم قياسي تم تسجيله في بداية تموز (يوليو).

الأكثر قراءة