"موديز": أسعار الأراضي تحد من قدرة السعوديين على تملك المساكن

"موديز": أسعار الأراضي تحد من قدرة السعوديين على تملك المساكن

أكدت إحدى كبريات وكالات التصنيف العالمية أن البنوك السعودية -الإسلامية والتقليدية - ستواجه تحديات على المدى القصير على أثر تطبيق قوانين الرهن العقاري، من أهمها أسعار الأراضي العقارية.
وذكرت "موديز" أن الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي والعقارات، من شأنه أن يؤثر في قدرة المواطنين السعوديين على شراء المساكن، ويمكن كذلك أن يؤدي إلى زيادة المخاطر الائتمانية". إلا أن الوكالة توقعت أن تضع مؤسسة النقد العربي السعودي حدوداً حصيفة لمنع حدوث تحديات تتمثل في وضع سقف لنسبة القرض إلى القيمة حتى تضمن عدم تجاوز البنوك لإمكاناتها.
وعن حالات الإعسار التي قد تواجهها البنوك الإسلامية من عملائها، قال كونستانتينوس نائب الرئيس والمحلل لدى "موديز"، من الواضح أن السلطات السعودية تهدف إلى خلق البنية التحتية القانونية الملائمة، ووضع صيغة رسمية وتبسيط العلاقة بين البنوك والمشترين الذين يمكن أن يتقدموا للحصول على قروض". في الوقت ذاته، تفيد دراسات اقتصادية أن 55 في المائة من السعوديين لا يستطيعون تملك منازل دون مساعدة مالية، وأن أكثر من نصف المواطنين يقطنون في مساكن مستأجرة.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

تشكل القروض السكنية في السعودية مانسبته 1 في المائة فقط من إجمالي القروض لدى البنوك، مما يعني أن القطاع البنكي السعودي بكافة أطيافه يقف على إمكانات نمو هائلة لا يستهان بها عقب تطبيق قانون الرهن العقاري.

أكدت إحدى كبرى وكالات التصنيف العالمية أن البنوك السعودية -الإسلامية و التقليدية- ستواجه تحديات على المدى القصير على أثر تطبيق قوانين الرهن العقاري، من أهمها أسعار الأراضي العقارية.
وذكرت "موديز" أن الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي والعقارات، من شأنه أن يؤثر في مقدرة الزبائن على شراء المساكن، ويمكن كذلك أن يؤدي إلى زيادة المخاطر الائتمانية". إلا أن الوكالة توقعت على لسان كبير محلليها كونستانتينوس كيبريوس " أن تضع مؤسسة النقد العربي السعودي حدوداً حصيفة لمنع حدوث تحديات تتمثل في وضع سقف لنسبة القرض إلى القيمة حتى تضمن عدم تجاوز البنوك لإمكاناتها.
وعن حالات الإعسار التي قد تواجهها البنوك الإسلامية من عملائها، قال كونستانتينوس نائب الرئيس ومحلل أول لدى موديز، "رغم الأحكام الدقيقة للقانون الجديد إلا أنها لا تزال غير مؤكدة أو أنها غير مكتملة، كما أن المفهوم الطبيعي لدينا هو أن السلطات تهدف إلى خلق البنية التحتية القانونية الملائمة، حتى تعطي للبنوك ضمانات موثوقية في حالة إعسار الزبائن، وبالتالي وضع صيغة رسمية وتبسيط العلاقة بين البنوك والمشترين الذين يمكن أن يتقدموا للحصول على قروض".
وكشفت الوكالة الدولية لـ "لاقتصادية" أنه من المنتظر على المدى الطويل أن يسهم قانون الرهن العقاري في تطوير سوق الأسهم السعودية من خلال التوريق المالي للقروض والمنتجات الرأسمالية الأخرى. وأضافت "حين تصبح البنية التحتية القانونية جاهزة للعمل، فإن من المرجح أن تعمل البنوك السعودية على تنمية هذا القسم من أعمالها على نحو لا يستهان به، وذلك بالدرجة الأولى بسبب الطلب الكبير، وإنشاء علاقة طويلة الأجل مع الزبائن".
ويتابع كونستانتينوس "سيعطي الطلب الكبير على المساكن القطاع البنكي مجالا لا يستهان به للنمو، فضلا عن الأثر العميق لقانون الرهن العقاري على النظام البنكي خلال المدى المتوسط".

اشتعال الطلب
في الوقت الحاضر فإن التمويل المرتبط بالقروض السكنية أوالعقارية في السعودية لا يشكل- بحسب "موديز"- سوى 1 في المائة فقط من إجمالي القروض لدى البنوك، ولكن الإمكانات الكامنة هي أعلى من ذلك بكثير، وذلك بالنظر إلى متطلبات السكان الذين يتزايد عددهم بسرعة، والذين يقع قسم كبير منهم في خانة من هم دون الثلاثين من العمر.
ووفقاً لبعض التقديرات، فإن أكثر من نصف مليون شخص يحتاجون إلى مساكن جديدة كل عام أي بمعدل 100 ألف وحدة سكنية، في حين أن أحد البنوك المحلية يقدر أن السكان سيحتاجون إلى 2.2 مليون مسكن خلال الأعوام الـ 15 المقبلة، ومن المرجح أن يشتعل الطلب حين يصبح التمويل السكني متوافراً ومتيسراً للناس على نحو أكثر من ذي قبل.
معلوم أن سوق العقارات في منطقة الخليج تتسم بعدد من السمات التي تجعلها فريدة بالمقارنة بالأسواق الناضجة، وبحاجة إلى أخذها في الاعتبار حين يتم تقييم الشركات العقارية، كما أن السمتين الأساسيتين، اللتين تطغيان هما توفر الأراضي على نطاق واسع، التي يتاح استخدامها لكثير من شركات التطوير العقاري الكبيرة إما بالمجان أو بأسعار مريحة تماماً، والنمو الذي لا يستهان به للأسواق، وهو نمو لا يشتعل فقط بفعل المستثمرين المضاربين، إنما بحسب "موديز" بفعل عوامل أساسية متينة أخرى، وهي عوامل أتاحت لشركات التطوير العقاري تمويل أقسام كبيرة من مشاريعها من حصيلة المبيعات المسبقة بناء على المخططات وقبل الانتهاء من أعمال الإنشاء.
وتشير"موديز" إلى أن هناك تأثيرا كبيرا آخر يتعلق بوجود مؤسسات التطوير العقاري الكبرى المملوكة للحكومة أو التي ترعاها الحكومة، والتي تدير السوق من الناحية الأساسية.

مبيعات الأراضي والوقاية المالية
الحقيقة القائلة إن شركات التطوير العقاري الكبرى في الخليج تحصل أساساً على مساحات من الأراضي إما بصورة مجانية وإما بأسعار متدنية للغاية بدعم من الحكومة، ثم تبيع قطع الأراضي إلى شركات تطوير خاصة في معظمها تعني أن الشركات الكبرى تحصل على ميزة تمويلية أساسية، على اعتبار أن الإيرادات المتحصلة من عمليات البيع تتيح لها تمويل مشاريعها الطموحة دون الحاجة إلى الاقتراض من جهات خارجية.
وفي هذا السياق، تقول "موديز" "بالنسبة لأغراض التحليل الائتماني، يجب علينا أن نميز بين شركات تطوير المخططات الكبرى للأراضي، وبين شركات تطوير الممتلكات، حيث إن شركات تطوير المخططات الكبرى تكون في العادة مملوكة للحكومة أو خاضعة لسيطرتها وتحقق وظيفة استراتيجية في التطوير العمراني واسع النطاق، في الغالب تتمتع الشركات التي من هذا القبيل بدور مسيطر في السوق يبلغ من قوته أنها تكون قادرة على التأثير في العرض الذي يأتي إلى السوق في أي وقت معلوم، وبالتالي تلعب دوراً مهماً في ضمان منع النمو المتسارع الذي يؤدي إلى الانهيار".
وتنظر وكالة موديز إلى قدرة الشركات على الحصول على دفعات مقدمة يدفعها الزبائن باعتبارها من الأمور الإيجابية، حيث إنها تؤمن مصدراً ممتازاً لتمويل المشروع الذي بيعت مساكنه سلفاً. كما أن ذلك يعطي الشركات الصغيرة القدرة على توريق الدفعات التي من هذا القبيل واقتراض دين أطول أجلاً بضمانات هذه الدفعات المورقة.
كما تشير الوكالة إلى أن موارد الدفعات التي من هذا القبيل تزيد من المرونة المالية، وهي سمة تحتاج إليها الشركات بصورة ماسة في سوق مثل سوق العقارات، بالنظر إلى الانكشاف الكبير لمعظم البنوك الخليجية أمام قطاع العقارات، الذي سيؤدي بدوره إلى تدني الرغبة في الإقراض الثنائي. وفي الوقت نفسه، تحذر "موديز" من أن وجود مورد موثوق من الدفعات المسبقة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجاذبية السوق، وعلى أثره سيكون الزبائن على استعداد لتقديم دفعات مسبقة إلى المشاريع الجديدة فقط في الحالات التي يوجد فيها طلب جيد على العقارات موضوع البحث، مما يعني أنه في حالة تقلص الطلب على الممتلكات فإن ذلك سيكون له تأثير فوري في الدفعات، مما يستلزم بالتالي وجود قدر أكبر من المرونة من جانب شركات المشاريع السكنية.

البنوك العقارية والاحتياطيات الخفية
تتميز سوق الممتلكات في الخليج بوجود بنوك عقارية ضخمة، خصوصاً بين شركات التطوير العمراني التابعة للدولة. وغالباً ما تقدم هذه لموجودات البنوك العقارية احتياطياً خفياً لا يستهان به وتساهم في تغطية الموجودات ونسب القروض إلى القيمة. إلا أن القيمة التي يمكن الحصول عليها من البنوك العقارية إلى الجهات الدائنة مرة أخرى تعتمد بصورة كبيرة على تقييم الأرض والسرعة التي يمكن بها تحويل الأرض إلى سيولة لتغطية الدين. وفي معظم الحالات يقدم البنك العقاري قيمة مهمة في سيناريو الاسترداد، ولكن ليس بالضرورة للحؤول دون الإعسار.
وهنا يقول كونستانتينوس " إننا ننظر إلى الفائدة التي تعود من البنوك العقارية بالدرجة الأولى على أنها تأتي من توافر الأرض التي غالباً ما تكون رخيصة، بل وحتى مجانية، وليس في مقدورها خدمة الالتزامات المالية".
وأضاف "كما هي الحال بالنسبة إلى نظرتنا لمبيعات الأراضي، فإن الكميات الهائلة وغير المحدودة ظاهرياً من الأراضي لا يرجح لها أن تكون ظاهرة مستدامة على الأجل الطويل، وبالتأكيد فإن شركات التطوير الناضجة، مثل شركة إعمار، قد استهلكت منذ الآن جميع موجوداتها من الأراضي، وهي الآن تنتشر في دول خارج المنطقة في ظل ظروف ليست على هذه الدرجة من القوة".
ويتابع " في الغالب تقع شركات الإسكان الدولية في المشكلات إما بسبب العدد المفرط من مخزونها من المساكن التي بنيت على أساس المضاربة وبقيت دون بيع، أو البنوك العقارية الكبيرة التي يتم تمويلها بالدين. ومع ذلك فيما يتعلق بسوق العقارات في منطقة الخليج فإن الخطر الأول من هذين العاملين مخفف إلى حد ما بالنمو المستمر المتوقع في الطلب على المساكن. أما عامل المخاطرة الثاني فإنه ليس بارزاً إلى هذا الحد في منطقة الخليج بأكثر من بروزه في الأسواق الأكثر نضجاً، لأن الأرض لا تزال متوافرة ورخيصة".

الأكثر قراءة