كيف تعالج "ساما" حالات الولادات المبكرة لشركات التأمين في السعودية؟
تحدثت في الأسبوع الماضي عن العدد الكبير من شركات التأمين التي تم الترخيص لها لتمارس نشاط التأمين في السوق السعودية، وذكرت أنه قد يكون من المناسب التفكير جديا في تقليص هذا العدد وترشيده تلافياً لما قد يحدث من إشكاليات، ولعلي أتحدث في هذه المقالة عما ينبغي عمله من أجل القضاء على أي احتمال ينذر بحدوث أمر مأساوي لإحدى شركات التأمين أو بعض منها نتيجة ولادتها المبكرة في السوق.
إن أول تدبير احترازي من وجهة نظري هو تشجيع شركات التأمين على الاندماج فيما بينها، وذلك من أجل إيجاد تكامل فني واقتصادي وبشري فيما بين شركات التأمين التي تم الترخيص لها.
فهناك بعض شركات التأمين تتميز بوجود إدارة فاعلة فيها ولكن ينقصها الكادر الفني الذي يقوم بطرح منتجات تأمينية رائدة في السوق بينما بعض الشركات الأخرى لديها هذا الكادر الفني.
وبعض الشركات الأخرى لديها إدارة تسويق فاعلة ولكن ينقصها وجود منتجات تأمينية لتسويقها للجمهور، وبعض الشركات لديها شريحة كبيرة من العملاء في نوع معين من أنواع التأمين كالتأمين الصحي مثلاُ أو تأمين المركبات ولكن ينقصها التوسع في أنواع التأمين الأخرى، في حين أن هناك شركات تمارس بعض هذه الأنواع الأخرى من التأمين ولكنها مهددة بالخروج من السوق نظرا لأن ممارستها هذا النوع أو تلك الأنواع من التأمين فقط لا يضمن بقاءها في السوق على المدى البعيد.
ولذلك فإن الحل الأمثل من وجهة نظري هو الاندماج بين شركات التأمين وخلق كيانات كبيرة وعملاقة ومتعددة الخبرات وذات إمكانات مادية وبشرية كبيرة وقادرة على التوسع في كل أنواع التأمين ومجالاته، وبالتالي خدمة سوق التأمين وتعزيز الثقة به أيضاً. ولذلك فالمؤسسة مدعوة للتفكير في هذا الأمر بشكل جدي ومطلوب منها كذلك وضع خطط لاندماج شركات التأمين أو برامج تحفيزية وتشجيعية لشركات التأمين للدخول في مفاوضات اندماج فيما بينها.
المسألة الأخرى التي قد يكون من المناسب أن تفكر فيها المؤسسة كذلك هو أن تقوم بالتركيز على برامج التعليم والتدريب في التأمين دعماً لخطة سعودة قطاع التأمين الطموحة التي تنفذها مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، وذلك من خلال تشجيع الجامعات والكليات والمعاهد ومراكز التدريب لاعتماد برامج تعليم أو تدريب متقدمة في مجال التأمين مع ضرورة إشراك العاملين في قطاع التأمين لإعطاء رأيهم في مستوى ونوعية هذه البرامج والتركيز على ما يحتاجون إليه منها في المرحلة الحالية.
الحديث عن التعليم والتدريب من الأهمية بمكان بحيث ينبغي التركيز عليه في هذه المرحلة، ومشكلة التعليم والتدريب في التأمين تكمن في حقيقة الأمر في عدم وجود متخصصين أو مدربين أكفاء في مجال التأمين إلا ما ندر، وإذا تم إيجاد مدربين أو تم استقدامهم مثلا من خارج المملكة فإن المشكلة الأخرى التي ستظهر هي عدم وجود مناهج متوافقة مع متطلبات السوق والأنظمة السارية التي تحكم سوق التأمين في المملكة.
ومن وجهة نظر شخصية فإن الأنسب في هذا الخصوص هو تشجيع جهات التعليم والتدريب الوطنية ودعمها في اعتماد برامج محلية في هذا المجال وحثها على الاستثمار في مجال التدريب المحلي، وقد يكون من المناسب كذلك ابتعاث دارسين للخارج لدراسة التأمين ومن ثم إدخالهم بعد ذلك في برامج تأهيل محلية ليطلعوا الأنظمة والتعليمات الخاصة بالسوق السعودية للتأمين.
وقد يكون من المناسب أن تقوم المؤسسة وشركات التأمين كذلك بالتعاون مع الجهات المعنية بعمل برامج توعية للشباب بأهمية دراسة التأمين وإطلاعهم على خطط السعودة في هذا القطاع ودراسة أسباب عزوف الشباب السعودي عن العمل في هذا القطاع أو الدراسة في مجال التأمين ومحاولة وضع الحلول المناسبة لذلك.
المسألة الثالثة التي أرى أنها مناسبة كذلك لدعم سوق التأمين هي العمل على فتح مجالات مفيدة أمام شركات التأمين لطرح منتجات تأمينية رائدة وحث الدولة على إصدار أنظمة تأمين إلزامي فيها مثل التأمين الإلزامي ضد أخطاء المقاولين الذين يقومون ببناء المساكن الخاصة، والتأمين الإلزامي ضد أخطاء المهندسين الذين يقومون بتصميم المساكن الخاصة أو العمائر، والتأمين الإلزامي ضد مسؤولية ملاك المساكن وخصوصا ملاك الشقق أو أولئك الذين يقومون بتعليق لوحات أو أشياء قابلة للسقوط على منازلهم أو عمائرهم، وما إلى ذلك من أنواع التأمين الأخرى التي تفتح المجال أمام شركات التأمين لتكوين محافظ استثمارية لها في أنواع جديدة من التأمين ومفيدة كذلك لمستهلكي التأمين وقادرة على توفير تغطيات تأمينية وتعويضات مجزية لأولئك الذين يتعرضون إلى مخاطر محتملة من تلك الأشياء أو تلك الأعمال التي تم التأمين عليها.