هل تتجه السوق النفطية إلى الانفراج أو المزيد من الضغط؟

هل تتجه السوق النفطية إلى الانفراج أو المزيد من الضغط؟

تباينت تقديرات أربعة تقارير حول وضع العرض والطلب في السوق النفطية، والطاقة الإنتاجية الفائضة والسياسة التسعيرية، وذلك في إشارة واضحة إلى نوع الاضطراب الذي يسود السوق.
فمنظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) توقعت في تقريرها الشهري تراجع الطلب 700 ألف برميل يوميا العام المقبل مقارنة بهذا العام، وأضافت بحدوث بتراجع 1.38 مليون ما بين الربع الأخير من هذا العام والربع الأول من العام المقبل، وذلك مقارنة بنحو 550 ألفا في الفترة المقابلة قبل عام. ويعود الاضمحلال في الطلب على نفط (أوبك) بسبب النمو في الإمدادات من خارجها، إذ يرى التقرير أن الإمدادات من خارج (أوبك) ستصل إلى 900 ألف برميل، وهو معدل أعلى مما كان يعتقد سابقا. وستأتي الزيادة بصورة رئيسية من الجمهوريات السوفياتية السابقة بنحو 430 ألفا، البرازيل 300 ألف برميل والولايات المتحدة 200 ألف برميل، وذلك مقابل تراجع في إنتاج بحر الشمال والمكسيك.
من ناحية أخرى فإن إنتاج (أوبك) سيشهد تحسنا من ناحيتي إمدادات الخام والغاز الطبيعي، فحقل الخرسانية في السعودية الذي سيدخل مرحلة الإنتاج هذا العام سيضيف 500 ألف برميل نفط و290 ألفا من الغاز، هذا إلى جانب ما سينتج في الإمارات، وتزيد هذه التقديرات عن الأرقام التي نشرتها الوكالة الدولية للطاقة بنحو 300 ألف برميل.
الطلب العالمي سيكون في حدود 900 ألف برميل يوميا متراجعا 100 ألف. ويتوقع التقرير حدوث انفراجة في وضع السوق العام المقبل بسبب تراجع الطلب على نفط المنظمة من ناحية وتحسن وضع الطاقة الإنتاجية الفائضة لديها من الناحية الأخرى، كما يتوقع أن تضيف نحو المليون برميل فوق ما كان متاحا هذا العام، لكن شريطة ألا يحدث تخفيض كبير في السقف الإنتاجي، الأمر الذي يمكن أن يساعد في بناء المخزون، لكن الاستفادة العامة تعتمد على الوضع الجيوسياسي والمالي, إضافة إلى النمو الاقتصادي الذي سيتراجع قليلا ليكون في حدود 3.9 في المائة. وحتى في الصين، فإنه يتوقع حدوث تراجع في النمو الاقتصادي إلى 9.2 في المائة.
لكن المركز الدولي لدراسات الطاقة في لندن يرى أن (أوبك) تبالغ في حجم الإمدادات من خارجها، بينما واقع الحال غير ذلك, كما توضح حركة المخزون التي سجلت تراجعا لستة أرباع عام على التوالي بين الربع الأخير من 2006 والربع الأول من هذا العام.
ويقول المركز في تقريره الشهري إن العالم يحتاج إلى المزيد من النفط الخام، وأن يتم تسعيره بالصورة التي تغري بتكريره، أي أن يكون هناك حافز في شكل هامش ربحي للمصافي يدفعها إلى شراء المزيد من الخام، ويمكن أن يتم هذا بتوسيع هامش الفروقات بين النفوط الخفيفة والثقيلة.
ويخشى التقرير أن يؤدي ضعف الإمدادات هذا إلى الدفع وتسريع الكساد الاقتصادي، الذي سيؤدي بالأسعار إلى أسفل. ويضيف أن الصورة تبدو قاتمة وأحد الأسباب لذلك سياسة (أوبك) الإنتاجية، ويدعو المركز إلى مراجعة التوجهات القائمة على عدم ضخ المزيد من الإمدادات بسبب توفر النفط لمن يحتاج إليه. ومع أن الربع الثاني شهد زيادة في حجم المخزون بمعدل 250 ألف برميل، إلا أن ذلك يعادل فقط ربع عملية بناء المخزون الذي يتم في مثل هذا الوقت من العام، فالعالم ظل يعاني شحا في الإمدادات منذ عام 2006 رغم المؤشرات على حدوث تحطيم للطلب والتراجع السعري.
ويرى المركز أن تقديرات (أوبك) بخصوص الإمدادات من خارجها تبدو غير واقعية، فالمنظمة تقول بزيادة الإمدادات من خارجها هذا العام بنحو 560 ألف برميل يوميا، رغم أن النصف الأول من هذا العام شهد تراجعا في الإمدادات من خارج (أوبك) بنحو 330 ألفا عما كان مقدرا له، كما تتوقع أن يزيد الإنتاج في النصف الثاني بنحو 1.4 مليون برميل يوميا، وهو سيناريو ظل مطروحا منذ عام 2006.
ويفسر المركز هذا الاتجاه بأنه سعي من (أوبك) للحفاظ على السعر عاليا وتعظيم إيراداتها بغض النظر عن تأثير ذلك في الاقتصاد العالمي. ويرى تقرير المركز أنه من المهم خلال هذه الفترة مراقبة ومتابعة وضع الحسومات التي ستقدمها السعودية خاصة لنفوطها الثقيلة وكيفية تسعير المنتجات المكررة في الصين عقب الأولمبياد وكذلك المتغيرات التي ستلم بحجم المخزون خلال الربع الثالث الحالي.
مع أن الوكالة الدولية للطاقة قامت برفع تقديراتها على الطلب هذا العام بنحو 80 ألف برميل يوميا فقط عن تقديرها السابق ليصل إلى 87.7 مليون برميل العام المقبل، لكن مجمل الزيادة في الطلب هذا العام تظل في حدود 890 ألفا.
وترى الوكالة أن الطلب سيتراجع في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بنحو 600 ألف برميل إلى 48 مليونا العام المقبل والتراجع الأبرز سيكون في الولايات المتحدة ويصل إلى 380 ألف برميل يوميا, كما ستشهد منطقة الباسفيكي وأوروبا تراجعا بنحو 100 ألف برميل لكل. وفي غير دول المنظمة سيكون التراجع في حدود 50 ألفا، لكن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط وآسيا خاصة الصين والهند ستوفر أساسا لاستمرار صعود الطلب.
إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قامت من جانبها بخفض الطلب على النفط هذا الشهر إلى 860 ألف برميل من مليون برميل كانت في تقديرها السابق. وتتوقع أن يبلغ الطلب 86.4 مليون برميل يوميا، ويمكن أن يرتفع إلى 1.4 مليون العام المقبل. ويتوقع التقرير تراجع استهلاك الولايات المتحدة بنحو 400 ألف برميل.
لكن رغم ذلك ستظل السوق مشدودة بسبب اضمحلال الطاقة الإنتاجية الفائضة، التي بلغت خلال الربع الثالث هذا 1.2 مليون برميل بسبب الزيادة السعودية الأخيرة في إنتاجها. وتتركز هذه الطاقة الفائضة في السعودية لوحدها تقريبا. والأسعار المرتفعة كما أن وضع الإمدادات قد لا يتسق مع الطلب، فتراجع الإنتاج في نيجيريا والتوتر مع إيران تظل تلعب دورها في هذا الصدد. ولهذا يظل الطلب قويا رغم سبع سنوات مستمرة من الأسعار العالية.
وخلال النصف الأول من العام زاد الطلب 520 ألف برميل مقارنة بما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، وتراجع الاستهلاك في دول منظمة التعاون والتنمية بمقدار 760 ألف برميل تم التعويض عنه بزيادة 1.3 مليون في غير دول المنظمة, ويتوقع التقرير زيادة أخرى العام المقبل تصل إلى 1.4 مليون. ويضيف أن الإمدادات من خارج (أوبك) ستبلغ 860 ألف برميل وبأكثر من 1.5 مليون العام المقبل.
من ناحية أخرى، تشير التقديرات إلى أنه في الشهر الماضي زادت الإمدادات من (أوبك) 285 ألف برميل مقارنة بأيار (مايو) لتبلغ 86.5 مليون وفقا لتقديرات نشرة "ميس" النفطية. والزيادة جاءت من إنتاج (أوبك) بينما تراجع الإنتاج من خارجها 65 ألفا. وتعتبر الإمدادات في حزيران (يونيو) أعلى منها في أيار (مايو) بنحو 350 ألفا ليصل إلى 32.4 مليون برميل.

الأكثر قراءة