صناديق سيادية استفادت من أزمة الرهن العقاري من خلال الاستثمار في "المساهمات الخاصة"

صناديق سيادية استفادت من أزمة الرهن العقاري من خلال الاستثمار في "المساهمات الخاصة"

رأى المصرفي البارز عبد الله جناحي المدير العام للبنك الدولي المتحد "بنك استثماري إسلامي مقره البحرين"، أن الاضطرابات التي شهدتها أسواق المال العالمية في أعقاب أزمة الرهن العقاري الأمريكي، أتاحت فرصا استثمارية "مجدية" وميسرة، في مجال "المساهمات الخاصة ـ الاستحواذ"، مشيرا إلى أن ذلك جاء متزامنا مع وفرة في السيولة لدى المصارف الخليجية.
بيد أنه قال لـ "الاقتصادية"، إن بعض الصناديق السيادية وعددا من البنوك الغربية الكبرى، دخلت منافسا في مجال "المساهمات الخاصة"، للاستحواذ على صفقات لشراء مؤسسات وشركات تراوح قيمتها بين 100 و200 مليون دولار، بعدما كانت تركز على عمليات استحواذ لا تقل عن مليار دولار، مؤكدا أن ذلك يعني أن البنوك الغربية خاصة التي تلقت سيولة إضافية من رساميل خليجية وآسيوية، في ضوء أزمة الرهن العقاري الأمريكي، أصبحت تستهدف، "بل وتتنافس على عمليات الاستحواذ الأصغر حجما".
وتوقع أن يشهد العقد المقبل "عمليات استحواذ" بنسب متفاوتة وعمليات تملك للشركات العائلية الخليجية، عازيا ذلك إلى تمتع المصارف في دول مجلس التعاون الخليجي بسيولة عالية متزامنة مع وجود فرص جيدة للاستحواذ على شركات لديها قابلية للنمو والتوسع، غير أنه من الواضح أن إقناع تلك الشركات بهذا التوجه ليس بالأمر السهل في ظل تمسكها بالنظام العائلي القديم الذي توارثته أجيالا بعد أجيال.
وقال جناحي إن الاضطرابات التي شهدتها أسواق المال العالمية في أعقاب أزمة الرهن العقاري الأمريكي، أتاحت فرصا استثمارية "مجدية" وميسرة، في مجال "المساهمات الخاصة" أو ما يطلق عليه "الاستحواذ"، خاصة في أوروبا، أمريكا، وبعض دول الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن ذلك جاء متزامنا مع وفرة في السيولة لدى المصارف الخليجية بسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط، مقابل تراجع مثل هذه السيولة في الغرب نتيجة لأزمة الرهن العقاري وتداعيات ضعف الدولار الأمريكي والأوضاع الاقتصادية الدولية.
وتابع "فتلك المصارف أصبحت أمام فرص مواتية لـ "الاستحواذ" في الأسواق الغربية، حيث إن الوضع الاقتصادي في الغرب خلق فرصا لشراء شركات "في مختلف القطاعات والنشاطات"، وبين أن بعض الصناديق السيادية وعددا من البنوك الغربية الكبرى، دخلت منافسا في مجال "المساهمات الخاصة"، للاستحواذ على صفقات لشراء مؤسسات وشركات تراوح قيمتها بين 100 و200 مليون دولار، بعدما كانت تركز على عمليات استحواذ لا تقل عن مليار دولار.
وأكد أن ذلك يعني أن البنوك الغربية خاصة التي تلقت سيولة إضافية من رساميل خليجية وآسيوية، في ضوء أزمة الرهن العقاري الأمريكي أصبحت تستهدف، "بل وتتنافس على حجم عمليات الاستحواذ"، بعدما انخفض سقف منافستها في هذا المجال.
ورغم أنه اعتبر "السعودية والإمارات" أكثر الأسواق الخليجية المرشحة لنشاط المساهمات الخاصة، بيد أن جناحي وصف فرص "الاستحواذ" في منطقة الخليج بأنها محدودة مقارنة بالدول الغربية الصناعية.
وتوقع أن يشهد العقد المقبل "عمليات استحواذ" بنسب متفاوتة على الشركات العائلية الخليجية، عازيا ذلك إلى تمتع المصارف الخليجية بسيولة عالية ووجود فرص جيدة للاستحواذ على شركات خليجية لديها قابلية للنمو والتوسع، غير أنه أوضح إن إقناع تلك الشركات بهذا التوجه لن يكون سهلا في ظل تمسكها بالنظام العائلي القديم الذي توارثته أجيالا بعد أجيال، "ولكن عليهم أن يضعوا في الاعتبار أن البقاء للأقوى في ظل التقلب الذي تشهده الأوضاع الاقتصادية الإقليمية والدولية".
كما توقع أن يواجه الاقتصاد الأمريكي مشكلات أكثر في حالة الإعلان عن أي "إفلاس مصرفي" جديد في أمريكا، مشيرا في هذا الصدد إلى سحب عدة مليارات أخيرا من "صندوق حماية الودائع الفردية FDIC"، ما يعني أن تآكل رأسمال هذا الصندوق عبر مزيد من التعويض للمودعين "سيضيف بلا شك للأزمة الحالية ويزيد الضغوط على الاقتصاد الأمريكي".

وحول مدى تأثر المصارف في المنطقة وبالذات "الدولي المتحد" بالأوضاع المالية والاقتصادية العالمية، رد جناحي بالقول "ليس هناك من لا يتأثر بالوضع الاقتصادي العالمي، فنحن لسنا معزولين عن العالم، حيث إن الاقتصاد الأمريكي يقود الاقتصادات الأخرى، وهو متأثر بضعف الدولار وانخفاض قيمته وأزمة الرهن وتداعياتها، بيد أنه لفت إلى أن حدود التأثر تختلف من مؤسسة مصرفية لأخرى".
وأضاف "نحن في البنك الدولي المتحد لم نتأثر سلبا وبصورة مباشرة بأزمات أسواق المال العالمية، أو بأزمة الائتمان الأمريكي، وكذلك الحال مع معظم البنوك الإسلامية حيث إنها لم تدخل ـ فعلا ـ هذا المجال.
ووصف المركز المالي للبنك الدولي المتحد بأنه "قوي ومتين"، لافتا إلى أن محفظة أصوله تتميز بالتنوع والتوزيع الجغرافي، وتتوزع الاستثمارات على مجموعة واسعة من الأصول والعملاء والقطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة، في الوقت الذي تجاوز فيه معدل كفاية رأس المال نسبة 91 في المائة، مقارنة بالحد الأدنى الذي يشترطه مصرف البحرين المركزي، و هو 12 في المائة.
وتتركز أعمال البنك في الاستثمار بالشركات، الأصول، العقار، وعمليات الخزانة وادارة الأصول، وحقق إيرادات إجمالية تجاوزت 55 مليون دولار في العام الماضي، وأرباحا صافية تعدت 20 مليون دولار، تحققت من خلال استثمارات شملت الاتصالات، تأجير الطائرات، الشحن البحري، العقارات، والطاقة.
وبحسب جناحي فإن الجزء الأعظم من نشاط البنك يركز على مجال المساهمات الخاصة "عمليات الاستحواذ"، حيث يتم في حالة الاستحواذ على الشركات، شراء حصة الأغلبية "50 في المائة فأكثر من الملكية" في مؤسسات تتمتع بمستقبل واعد من النمو وتحتاج للدعم في مجالات معينة منها على سبيل المثال توفير التمويل المناسب لتحقيق أهدافها، مضيفا "ونركز ما بعد الاستحواذ على زيادة قيمة وفعالية الاستثمار والعمل على بناء استراتيجية للتطوير والتوسع وإعادة الهيكلة خلال 3 ـ 5 سنوات".

واستحوذ البنك العام الماضي على حصة 92 في المائة وبقيمة تقارب 80 مليون دولار، في شركة "كوسان كريسبلانت" الأوروبية المرموقة والمعروفة عالميا في مجال توفير أنظمة وحلول تعبئة اسطوانات غاز البترول المسال، التي مضى على تأسيسها أكثر من 50 عاما، ولديها حصة تبلغ 40 في المائة من السوق العالمية في هذا المجال، ما وضعها حاليا في وضع متقدم، وأصبح أقرب منافس لها يملك 20 في المائة على المستوى الدولي.
ولم يبد جناحي قلقا من ارتفاع أسعار النفط وتأثيره على محفظة استثمارية في مجال الطيران ضمن تركيز مصرفه على الاستثمار المدعم بأصول، وقال "لم نقم في هذه المحفظة بدور المقرض لشركات الطيران، وإنما اشترينا أصولا وهي الطائرات وقمنا بتأجيرها في مناطق جغرافية مختلفة، على شركات طيران في دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا والشرق الأقصى وآسيا، منوها إلى أن هذه الأصول تدر أرباحا هي عبارة عن الإيجارات الشهرية للطائرات المؤجرة على شركات طيران سواء في دول مجلس التعاون الخليجي أو شركات طيران عالمية أخرى مثل الخطوط الجوية البريطانية والهندية.
ولقد أسس البنك صندوق "فلك" لتأجير الطائرات يحوي حاليا 11 طائرة بقيمة إجمالية تبلغ 400 مليون دولار، وحصة رأس المال فيها تراوح بين 120 و 150 مليون دولار، والباقي تسهيلات ائتمانية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.
وقال جناحي "حينما قررنا دخول هذا المجال وجدنا أن سوق الطيران وحسب الدراسات المتخصصة، تشير إلى أنه سيشهد نموا جيدا في السنوات الخمس المقبلة"، متابعا "ورغم أن ارتفاع أسعار النفط سيزيد من كلفة التشغيل ويؤثر في أرباح شركات الطيران وكذلك الحصص في الأسواق، لكن الطلب على السفر ينمو، ويجعل الوضع غير مقلق بالنسبة إلى تأجير الطائرات".
وأشار إلى أن البنك يفكر في طرح محفظة استثمارية جديدة في 2009 ـ 2010، مشابهة لمحفظة "فلك"، ولكن ليس لها علاقة في الطيران، كما أن الرقم المالي المستهدف فيها سيعتمد على نوع الأصول التي ستحتوي عليها تلك المحفظة.

الأكثر قراءة