المخاوف الاقتصادية الأمريكية تحرك مزيداً من الاضطراب في أسواق المال

المخاوف الاقتصادية الأمريكية تحرك مزيداً من الاضطراب في أسواق المال

كانت الأسواق المالية مضطربة أمس، بينما تعقدت المخاوف إزاء القطاع المالي العالمي، بسبب المخاوف الجديدة حول وضع الاقتصاد الأمريكي. أما الأسهم العالمية التي كانت تحت ضغط هائل خلال الفترة الأخيرة بسبب المخاوف المتعلقة بوكالتي الرهن الأمريكية، فاني ماي، وفريدي ماك، فاستمرت في الهبوط، كما بلغ الدولار نقطة هبوط قياسية مقابل اليورو، كما تراجعت أسعار النفط بما يصل إلى تسعة دولارات للبرميل.
جاء هذا الاضطراب بينما حذر بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفدرالي من مخاطر تراجع "مهمة" بالنسبة للنمو الاقتصادي، إضافة إلى تزايد ضغوط التضخم. وقال في بيان للجنة المصرفية في مجلس الشيوخ إن الأسواق والمؤسسات المالية ظلت تحت "توتر كبير". وجاءت تعليقاته شديدة الوقع في أعقاب بيانات أمريكية مقلقة حول مبيعات التجزئة، ومعلومات التضخم. ولم ترتفع مبيعات التجزئة إلا بنسبة 0.1 في المائة فقط خلال حزيران (يونيو)، بينما تراجعت مبيعات السيارات بنسبة 3.3 في المائة في أكبر هبوط لها خلال أكثر من عامين.

أثناء ذلك ارتفعت أسعار المنتجين الرئيسية بنسبة 1.8 في المائة في الشهر ذاته، بينما ارتفعت الأسعار المركزية التي تستثني الغذاء والطاقة بنسبة 0.2 في المائة على المعدل السنوي البالغ 3 في المائة. وقال جابريل شتين، الاقتصادي في مركز أبحاث لومبارد ستريت "إن الهلع الناجم عن مشكلات فاني وفريدي خلال الأيام القليلة الماضية كان عامل تذكير ساطع أن الجانب المالي من الأزمة الأمريكية ما زال بعيداً عن النهاية".
وأضاف "إن أرقام هذه الأيام هي كذلك عامل تذكير ساطع أن طلب الأسر ما زال ضعيفاً للغاية، كما أن من المتوقع أن يظل كذلك لوقت طويل. وأصبح الاحتياطي الفدرالي عالقاً بين المزيد من الضعف الاقتصادي والتضخم المتصاعد، بحيث من المتوقع ألا يفعل أي شيء".
واستجابت الأسواق المستقبلية لملاحظات برنانكي باستبعاد زيادة في معدلات أسعار الفائدة خلال آب (أغسطس).
وتراجعت أسعار الأسهم الأوروبية والآسيوية بحدة، على الرغم من أن التراجع في "وول ستريت" كان محدوداً بسبب التراجع الكبير في أسعار النفط. وتراجع مؤشر الفاينانشيال تايمز الأوروبي لأكبر 300 شركة بنسبة 2.1 في المائة ليصل إلى معدل هبوط قياسي خلال ثلاث سنوات، بينما كانت الضربة التي تلقتها الأسهم الآسيوية أشد وسط مخاوف متزايدة حول انكشاف البنوك في المنطقة أمام مشكلات فاني، وفريدي.
وتراجع مؤشر الأسهم في تايبيه بنسبة 4.5 في المائة، بينما فقد مؤشر هونج كونج 3.8 في المائة من سعره، وتراجع المؤشر الأسترالي إلى أدنى مستوى له خلال عامين ونصف، وتراجع مؤشر نيكي 225 في طوكيو كذلك بنسبة 2 في المائة عند أدنى مستوى بلغه خلال ثلاثة أشهر ونصف الشهر.

أما في نيويورك، فتراجع مؤشر ستاندرد آند بورس للشركات الـ 500 الكبرى بنسبة 0.3 في المائة في منتصف النهار، بينما كان قد تراجع بنسبة 1.5 في المائة خلال ساعات التعامل الأولى.
وجاءت هذه الخسائر بينما ظلت تكهنات نشاطات الاندماج، والاستحواذ، والمضاربة تحوم حول الأسواق. وقال كيفن جاردنر، رئيس استراتيجية الأسهم الدولية في HSBC "لا جدال بأن الأسواق تمر بهذه الحالة". غير أنه أضاف "سيتغلب الجشع على الخوف في النهاية، حيث تخبرنا غرائزنا الفطرية بأن (أساسيات) السوق ليست في وضع سيئ".
"لا تشهد ميزانيات البنوك الأمريكية هبوطاً مستمراً، حيث يبدو الاقتصاد الأمريكي أقل هشاشة مما كان المراقبون يخشونه، إضافة إلى أن العوائد غير المالية تتصاعد على أساس المعدل السنوي، ولكن ليست بالدرجة التي يعتقدها المحللون، وإذا استمرت آثار الأزمة الائتمانية الطاحنة، فإن صفقات الاندماج والاستحواذ التي يجري الحديث عنها لن تتم".
أما على صعيد أسواق الائتمان في أوروبا، فتماسكت جيداً بصورة نسبية في وجه النغمة الضعيفة بصورة ملحوظة في أسواق الأسهم. وتوسع مؤشر iTraxx، الذي يقيس تصنيف الاستثمار في أوروبا بخمس نقاط أساس ليصل إلى 106 نقطة أساس، بينما شهد مؤشر iTraxx Crossorer، الذي يقيس معظم الائتمانات ذات التصنيف الضعيف للغاية توسعاً وصل إلى 20 نقطة أساس، حيث بلغ 560 نقطة أساس، في حين ارتفع مؤشر CDX ب 4.5 نقطة أساس ليبلغ 145 نقطة أساس.
أما السندات الحكومية، فاستفادت من حركة بيع الأسهم، وتقلص التوقعات المتعلقة بارتفاع معدلات الفائدة الأمريكية. وتراجع عائد سند الخزانة الأمريكية المستحق بعد عامين بـ 11 نقطة أساس ليصل إلى 2.35 في المائة.

في أوروبا، تراجع عائد سند شاتز المستحق بعد عامين بست نقاط أساس، بعد أن تراجع مؤشر معهد zew لقياس ثقة المستهلك الألماني هذا الشهر إلى أدنى معدل له منذ بداية هذه الدراسة الميدانية عام 1991.
أما في أسواق العملات، فبلغ الدولار أدنى مستوى له أمام اليورو عند 1.6038 لكل دولار، رغم أنه تعافى بعد ذلك إثر تراجع أسعار النفط. واستعاد الاسترليني أثناء ذلك مستوى دولارين بعد تبخر أية آمال بأن يخفض بنك إنجلترا معدلات الفائدة، وذلك بعد كشف بيانات عن ارتفاع في التضخم.
بالنسبة للسلع، فإن أسعار النفط الخام الأمريكي الخفيف تراجعت بـ 6.50 دولار لتصل إلى 138.58 دولار للبرميل الواحد، بعد يومين منذ بلوغها الذروة عند 147.27 دولار للبرميل.
وبلغ الذهب أعلى سعر له خلال أربعة أشهر، حيث وصل سعر الأونصة إلى 987.75 بسبب تراجع الدولار، قبل أن يفقد الذهب بعضاً من سعره بسبب تراجع سعر النفط.

الأكثر قراءة