الأمـان فـي التأميـن
ما إن يبدأ الإنسان في البحث عن مصادر الرزق حتى يبدأ معه هاجس الخوف على هذه المصادر وكيف يحميها من نوائب الدهر وتقلباته. فتجده ينوع بمصادر دخله ليضمن عدم تعرض أحدها لعارض يمنع استمراره فقد أصبحت الحياة المعاصرة مليئة بالأخطار.
مع هذا التقدم الفكري في حياة الإنسان أخذ يوفر الحماية اللازمة لهذه المصادر بأن أوجد التأمين على هذه المصادر وكيفية حمايتها من المخاطر المحتملة فوجود التأمين يوفر له الطمأنينة والأمان بل ينقل عبء هذه المخاطر إلى شخص آخر مقابل أجر محدد بينهما.
إن من مقاصد التأمين خاصة على الأموال والمسؤولية هو بث الطمأنينة والأمان فقد اشتق لفظ التأمين منه من مقاصد الشريعة الإسلامية فنجد هذا المقصد ظاهراً لنا في نظام الكفالة والضمان العام والرهن مع اختلاف كبير بين التأمين والكفالة أو الرهن أو الضمان العام إلا أن مقصدها وهدفها هو توفير الحماية والأمان للأطراف العلاقة. ومن هذا المنطق يجب التعامل مع التأمين كنظام شامل وحدة عامة دون النظر على أنه عقد بمعناه الصرف.
إن التأمين يشمل حماية لأكثر من طرف بل يتعدى إلى من هم خارج العلاقة التأمينية فنجد التأمين يتعدى إلى أفراد الأسرة في حين أن المؤمن هو رب الأسرة ويتضح ذلك في حوادث المرور فنجد قائد المركبة هو المؤمن وأن أي حادث لا سمح الله ينتج عنه ضرر للغير يعرضه للحبس والسجن بل إلى جبر هذا الضرر وبالتالي فإن الأسرة هي التي تتضرر ولكن مع وجود التأمين نجد أن هذا الحبس أو السجن ينتهي بتحمل التأمين ذلك.
وكذلك التأمين على المصانع والشركات التي يعمل بها الكثير من العمال فإن إصابتها بأي خطر غير مؤمن يؤدي إلى تسريح كل هؤلاء العمال وبالتالي يتعدي الضرر إلى أفراد أسر هؤلاء العمال ويعرض مستقبلهم للمجهول. وكما هو وسيلة من وسائل الأمان هو وسيلة من وسائل الائتمان فنجد ذلك جلياً في حالة تقديم عقار مرهون للحصول على دين أن يقويه بالتأمين من الحريق مثلاً وعادة ما يقوم البنك الدائن بطلب تأمين العقار المرهون لضمان حقه في هذا الرهن.
أخيراً إن التأمين كنظام شامل فيه مقاصد إنسانية واجتماعية وحماية وطمأنينة ليس فقط لأطراف التأمين بل إلى من هم خلف هذه العلاقة فيجب أن نتعامل معه وفق هذه المقاصد التي حرصت عليها الشريعة الإسلامية.