مصرفي: لافرق بين البنوك الاسلامية والتقليدية الا في المسميات والعناوين فقط
اعتبر خبير مصرفي أن صناعة الصيرفة (بشقيها الإسلامي والتقليدي) "واحدة". فهي حسب قوله فن وجوهر واحد، وإن اختلفت المسميات والعناوين. متشهدا بما ذهب إليه أن الصيرفة تقوم على الفائدة سواء كانت إسلامية أو غيرها، وإن كانت تسمى في العمل المصرفي التقليدي "فائدة"، وفي غيرها "مشاركة ومرابحة وتورق.. إلخ"، ومنوها أن سعر الفائدة على القروض والتمويلات في البنوك التقليدية أقل من نظيرتها الإسلامية "التي جاءت لتحارب تلك الفائدة"، وتأتي تلك التصريحات في ظل بداية دول الخليج في تعزيز متطلبات اجتذابها لرؤوس أموال إسلامية للاستفادة من تدفقات أموال النفط.
المال ليس له دين
قال الخبير المصرفي غازي الموسوي، إن الأموال الاستثمارية تتجه إلى البيئة الصالحة وتبحث عن الفرص ذات الجدوى الاقتصادية والمردود المجزي "أينما وُجدت المشاريع، مؤكدا أن ذلك لا علاقة له "بالمكان" سواء في الدوحة أو دبي أو المنامة أو الرياض، "فرأس المال" سواء كان إسلاميا أم لا يبحث عن فرص الربح.
وأضاف "الإنسان هو الذي له دين لكن المال ليس له دين، وحينما نتحدث عن الصناعة المصرفية الإسلامية إنما نشير إلى أدواتها المالية لتغطية الفائدة"، ملاحظا أن الصيرفة تقوم على الفائدة سواء كانت إسلامية أو غيرها، وإن كانت تسمي العمل المصرفي التقليدي "فائدة"، وفي غيرها "مشاركة ومرابحة وتورق.. إلخ".
واعتبر الصناعة المصرفية "واحدة"، فهي ـ حسب قوله ـ فن وجوهر واحد، وإن اختلفت المسميات والعناوين، منوّها إلى أن المصارف الإسلامية لها جمهور واسع، وتجد إقبالا كبيرا عليها، بسبب الوازع الديني، رغم أن سعر الفائدة على القروض والتمويلات في البنوك التقليدية أقل من نظيرتها الإسلامية "التي جاءت لتحارب تلك الفائدة".
ونفى الموسوي وجود منافسة إقليمية حول استقطاب المصارف الإسلامية أو بشأن التحول لسوق مالية إسلامية بين بعض دول الخليج، قائلا "الأموال تنتقل بين هنا وهناك بحثا عن الاستثمار، وما يحدد بوصلتها هو ماهية المشاريع وبيئة العمل المناسبة"، معتبرا أن البحرين تتميز بوجود كفاءات مصرفية وبيئة تشريعية، ويتم العمل على استقطاب رؤوس الأموال بهدف خلق فرص عمل جديدة، في حين تجتذب دبي الاستثمار العقاري وتستورد العمالة "ما يشكل عبئا على التنمية".
وبدأت دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة قطر، البحرين، وإمارة دبي، تعزز مقومات ومتطلبات اجتذابها لرؤوس أموال إسلامية، في ظل تنامي الصناعة المصرفية الإسلامية على المستويين الإقليمي والعالمي.
وبرزت عدة دلائل تشير إلى أن المنامة، دبي، والدوحة تطور من تشريعاتها وبيئتها التنافسية وحوافزها المقدمة للمستثمرين، لتكون مركزا وسوقا مالية إقليمية للصيرفة الإسلامية.
غير أن محللين ومصرفيين تحدثوا لـ "الاقتصادية"، لا يجدون وجودا لمثل هذه المنافسة، بل إنهم يعتبرون السوق الخليجية كبيرة بالقدر الذي يستوعب الجميع، في ظل الوفرة العالية للسيولة في المنطقة، وحجم التمويلات المرتقبة "التي تفسح المجال للمؤسسات المصرفية الإسلامية لتمويل أكثر من نصف المشاريع التنموية المقبلة في دول مجلس التعاون الخليجي".
ومع ذلك قال البعض إن المنافسة "متوقعة" ومرتقبة بين بعض الدول الخليجية، نتيجة لزيادة حجم السيولة بعد ارتفاع أسعار النفط واتساع نطاق العمل المصرفي لتمويل مشاريع البنية التحتية والإنمائية، في حين يمكن للسعودية أن تكون محل اهتمام الصيرفة الإسلامية حال تعزيز نظمها التشريعية، بحيث تفتح الباب أمام استقطاب مزيد من البنوك ورؤوس الأموال الإسلامية.
وحدد عدنان يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية الإسلامية، ثلاثة عناصر توفر غطاء لأي سوق مالية إسلامية، وهي حجم السيولة ورأس المال، التشريعات والقوانين، العنصر البشري، معتبرا أنها محددات مفصلية بالنسبة للمنافسة، وهي متوافرة في بلد مثل البحرين"خاصة بالنسبة للأيدي العاملة والقوانين المنظمة للعمل المصرفي التقليدي والإسلامي"، إضافة إلى البنية التحتية وشبكة الاتصالات "التي أغرت المؤسسات المصرفية على التواجد في المنامة".
ولفت إلى أن البحرين تحتضن مؤسسات مصرفية إسلامية، كونها أصبحت سوقا مالية في هذا المجال، بعدما اعتبرت المنامة العاصمة المالية والمصرفية في الشرق الأوسط، رغم التطور الذي تشهده بلدان أخرى في منطقة الخليج مثل قطر ودبي.
ويتجاوز عدد المصارف الإسلامية في منطقة الخليج 60 مصرفا، وأكثر من 210 بنوك تضم فروعا لمصارف عالمية تقدم نوافذ للخدمات المصرفية الإسلامية، بينما تستضيف البحرين 400 مؤسسة مالية بينها 40 مصرفا تستند في أعمالها إلى الصيرفة الإسلامية.
ولم يبد يوسف أي خشية من المنافسة الإقليمية، قائلا "لا أتوقع منافسة حادة بين البحرين وقطر والإمارات ممثلة في إمارة دبي، ذلك أن كل طرف إقليمي له أسلوبه وحوافزه بالنسبة لاستقطاب الاستثمارات، ومنها رؤوس الأموال الإسلامية"، متابعا "من المنتظر أن يكمل كل منهما الآخر".
لا .. منافسة
وأوضح "أن حجم التمويل كبير جدا بالنسبة للمشاريع المتوقعة في منطقة الخليج، ومن غير المتوقع أن تتمكن البنوك التقليدية من كامل تلك المشاريع وحدها، بل إن المصارف الإسلامية مرشحة لتمويل أكثر من نصفها"، معتقدا أن ذلك يعني انتشارها في دول مجلس التعاون الخليجي مؤشر إيجابي على وجود الفرص الاستثمارية المتعاظمة والمتنامية، "ولكن لن تكون هناك منافسة بين البحرين وغيرها من الدول الخليجية، أو بين هذه البلدان نفسها، فالسوق مفتوحة وكبيرة".
ورأى أن السعودية تمثل نموذجا مستقبليا في المجال المصرفي الإسلامي، في ظل إصدار الشركات هناك صكوكا إسلامية، معتقدا أن ذلك يعكس حجم الأعمال الاستثمارية المتوقعة في هذه السوق واتساعها وتناميها وجاذبيتها مقارنة بدول الخليج الأخرى.
غير أنه استدرك قائلا "ولكن إذا أرادت السعودية أن تتحول لسوق مالية إسلامية، أي في حال كان هناك قرار في هذا الشأن، فذلك يعني العمل على تجهيز السوق أولا من خلال تشريعات تفتح الباب على نطاق واسع للمؤسسات المصرفية الإسلامية وتنظم عملها ومناخها الاستثماري"، ملاحظا أن فرصة تحقيق ذلك متاحة إلى حد كبير في ظل حجم الاستثمارات ورؤوس الأموال والسيولة الضخمة في السعودية، وبالتالي القدرة على إعادة تدويرها في مؤسسات ومشاريع ذات صبغة إسلامية.
السعودية: دور مرتقب
بيد أنه نوّه إلى أن السعودية يمكن أن تلعب دورا بارزا في هذا المجال بسن تشريعات تعزز وضع رؤوس الأموال الضخمة فيها، ولا سيما أنها سوق كبيرة تحتضن مؤسسات مالية ومصرفية ضخمة، مشددا على أن البيئة التشريعية تلعب دورا كبيرا في احتضان تلك الأموال بغض النظر عن هويتها.
ولدى المحلل الاقتصادي الدكتور محمد حبيب وجهة نظر مغايرة، حيث إنه توقع أن يتسع حجم المنافسة الإقليمية في مجال الصيرفة الإسلامية، متمنيا أن تلتزم تلك المنافسة بقواعد اللعبة المصرفية، لأنها تترك آثارها المباشرة على الحياة والبيئة الاقتصادية.
واستشهد بالبحرين ـ كمثال ـ بالنسبة للضوابط والقواعد المنظمة للعمل المصرفي التقليدي والإسلامي، حيث يرعى مصرف البحرين المركزي وضع مثل هذه الضوابط، مشددا على القول "فقبل الشروع في المنافسة لا بد من ضبط إيقاعها عبر تنظيم عمل المؤسسات المصرفية والمالية الإسلامية في ظل زيادتها المطردة".
السيولة: زيادة 30 في المائة
ولفت إلى أن الارتفاع المتصاعد لأسعار النفط، وبالتالي زيادة حجم السيولة في المنطقة "30 في المائة هذا العام مقارنة بالعام الماضي"، سيرفع من مستوى المنافسة، ما يعني اتساع حجم العمل المصرفي الإسلامي في إقليم دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال حبيب، إن انخفاض أو تراجع أو تقلص السيولة، عبر "فقاعات" تنفجر في العقار أو البورصات الخليجية، سيؤثر حتما في أداء العمل الإسلامي، شأنه في ذلك شان الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
ولفت إلى أن أمام السوق السعودية مجالا كبيرا لاستقطاب مزيد من رؤوس الأموال العادية والإسلامية، ولا سيما أن الكثير من مشاريعها تعتمد على التمويل الإسلامي، غير أنه أكد أن ذلك يحتاج أولا "لتعزيز سياسة التحرر الاقتصادي وفتح نوافذ أوسع أمامها، لاستقطاب مزيد من رؤوس الأموال، خاصة أن العديد من المستثمرين السعوديين يساهمون في مصارف إسلامية كثيرة سواء في البحرين أو في دول خليجية وآسيوية".
واستطرد "إذن هناك رؤوس أموال تبحث عن فرص استثمارية خارج السعودية، فلماذا لا تبقى في الداخل السعودي، مستفيدة من تطوير البيئة التشريعية"، مشيرا إلى أن عملية التطوير التي يفترض أن تقودها مؤسسة النقد العربي السعودي "يجب أن تضع وترسخ أطر العمل المصرفي الإسلامي، خاصة أن الكثيرين يعتبرون السعودية سوقا واعدة للصيرفة الإسلامية، في ظل ارتفاع حجم السيولة في المنطقة وزيادة أصول البنوك الإسلامية بشكل مطرد".