المتاجرة بالصور الفاضحة في الإنترنت ومقاطع البلوتوث وسيلة العابثين

المتاجرة بالصور الفاضحة في الإنترنت ومقاطع البلوتوث وسيلة العابثين

البلوتوث وما أدراك ما البلوتوث، هذه التقنية التي ظهرت حديثا، وهناك من استخدمها فيما يفيد وهذا ما يسر، وهناك فئة أخرى استخدمتها فيما حرم الله، وهذا محور حديثنا في قضية هذا العدد، خصوصا أن هناك البعض من الناس سخروا هذه الخدمة لنشر الفضائح، وأذية الناس وتهديد الفتيات وابتزازهن. ويُقال إن تسمية التقنية ببلوتوث على اسم موحد الدنمارك والنرويج الملك الذي سُمي ببلوتوث ( أي صاحب الناب الأزرق)، وهو
(هيرالد بلوتوث) .. الذي يعد أول من أدخل النصرانية إلى شمال أوروبا، ولعل سائل يسأل: لماذا تمت تسمية التقنية على أحد ملوك الدنمارك والنرويج ؟ لأن أغلب الشركات المؤسسة لتقنية البلوتوث هي من الدول الاسكندنافية.. نوكيا من فنلندا، وأريكسون من السويد.. فهم يعلنون احترامهم للملك الذي وحد جزءاً من إسكندنافيا، ويهمنا هنا الرؤية الشرعية لهذه التقنية التي هدمت بيوت، وأفزعت المجتمع عندما تم استخدامها استخداما سيئا.
ولعل مما يؤسف له أن هذه الخدمة التي تمت الاستفادة منها في أمور كثيرة، تستخدم من قبل بعض أبناء المسلمين استخداما سيئا على طريقة الفضائح في الصحف الصفراء في الغرب، فماذا قالت بعض الفتيات عن هذه التقنية، وما رأي أهل العلم في الاستخدام السيئ لها؟

الفتيات يتحدثن
أخذت نهلة، وهي إحدى الفتيات اللاتي ترى أن هناك خطورة كبيرة في استخدام البلوتوث على الفتيات بالذات، لأنهن مثل القوارير إذا وقعن تكسرن، فرفقا بهذه القوارير أيها الشباب والشابات، لأنه توجد فتيات يُسئن للأسف لغيرهن باستغلال هذه التقنية وتصوير الفتيات ونشر صورهن على الإنترنت أو عبر رسائل البلوتوث وهذه قمة الدناءة.
وأوضحت هدى أنها كانت تنتقد زميلات لها كن يقمن بالتصوير وبث رسائل بلوتوث مسيئة، وقد لا تكون أحيانا لفتيات من بلادنا لكنها مقاطع سيئة وفيها فضائح وأتمنى أن تختفي هذه الظاهرة.
وتقول مشاعل: إنه "يوجد بعض الفتيات يستغللن الأفراح والمناسبات الخاصة وتصوير بعض المقاطع السيئة، وإذا وجدن مَن يضرب على أيديهن فإنهن سيعدلن من وضعهن، فالعقوبات ستوقف مثل هذه الممارسات السيئة التي انتشرت للأسف الشديد بين بعض الفتيات.

الرأي الشرعي
نشر فضائح البلوتوث
ومن جانبه وصف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، مفتي عام المملكة، مقاطع البلوتوث المحرمة والصور الفاضحة بأنها جريمة وتعدٍّ على حرمات الله وشعائر الله، وحدود الله، ولا يمكن لمؤمن ينبض قلبه بالإيمان أن يرتكب مثل هذا الجرم، وحتى لو وقع في خطأ، أي المؤمن، فإنه يعلن التوبة والندم ويستتر، ففي قلب المؤمن حياء وعفة ولا يجاهر أبداً بالمعاصي والذنوب.
وأضاف أن هؤلاء الذين يجاهرون بإجرامهم، ويلقون ثوب الحياء، مجرمون مفسدون. إنهم لا يخافون الله ولا يخشون أو يستحون من الناس، وفي قلوبهم مرض الشهوات، وفيهم يقول الرسول "كل أمتي معافى إلا المجاهرون".
وقال إن هؤلاء إذا لم يتداركهم الله بتوبة نصوح يخشى عليهم أن يكونوا من دعاة الضلال، ومروجي الفساد، الذين يحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة، ألا ساء ما يزرون.. !! إن التقنية الحديثة نعمة من نعم الله، ولا بد من الاستفادة منها في الخير لا في إشاعة الفواحش.
ومن جهته يقول الشيخ فيصل بن أنور مولوي، قاض سابق، إن إنشاء المواقع في الإنترنت، وإدارتها أو العمل فيها، إذا كان بغرض الدعوة والنصح والإرشاد، فهو عمل مستحب يؤجر عليه صاحبه إن شاء الله. وإذا كان بغرض الربح فهو مباح، ولكن أياً كانت نيتك فإن عملك في الإنترنت يجب أن يكون ملتزماً بالضوابط الشرعيّة حتى يكون مباحاً.
إنّ نشر الصور الفاضحة لفنانات وأناس من جميع الفئات لا يجوز، أياً كانت النية. والإسلام يأمر بستر العورات؛ لقوله، صلى الله عليه وسلم: "أحفظ عورتك إلاّ من زوجتك". رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
والصور التي تظهر العورات أشدّ تحريماً، خاصة عندما تنشر على الإنترنت أو عبر مقاطع البلوتوث، أو في وسائل الإعلام الأخرى، فالعورة الحقيقية يطّلع عليها آحاد من الناس، أمّا صورتها فيطّلع عليها الألوف أو الملايين. وإذا كانت الصورة تعبّر عن بعض الأعمال الجنسيّة، فتحريمها يتضاعف؛ لأنّها تزين للناس المنكر، وتشجّعهم عليه، وتستثير غرائزهم.
وقال إنّي أستغرب كيف يمكن أن يقوم المسلم بعمل محرّم، ويهدف من ورائه إلى خير، فالله تعالى لا يقبل من الأعمال إلاّ ما توفر فيه شرطان، الأول: أن تكون النية من ورائه مشروعة. والثاني أن يكون العمل ملتزماُ بالحدود الشرعيّة. ولا يغني أحد الشرطين عن الآخر، بل لا بدّ من وجودهما معاً، حتى يكون العمل مقبولاً عند الله.
وإذا كان الإنسان مثلا يتاجر في هذه الأمور المحرمة وهو يريد النصح والإرشاد، ولا يريد اكتساب المال الحرام، فعليه فوراً أن يتوقف عن نشر كل أنواع الصور التي تظهر فيها عورات الناس، أو يمكن أن تسهم في استثارة الغرائز، أو إشاعة الفساد والمنكر. فإن تحقق له من ذلك ربح مادي، فهو حلال إن شاء الله.

إشاعة الفاحشة
ويرى الشيخ الدكتور هاني بن عبد الله الجبير القاضي في المحكمة العامة في مكة المكرمة، أن إنزال المقاطع والمواضيع التي تحمل صورًا فاضحة عمل محرم، سواء كان لغرض التوجيه وبيان سوء هذا السلوك، أو كان لغرض الكسب المادي، أو كان لغير ذلك لا يجوز؛ لأنّ النظر إلى العورات وكشف الأسرار محرم. فهو من إشاعة الفاحشة قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" [النور:19]. ومن الغيبة لتضمنها نشراً لما يكره الإنسان أن يعلم به الناس، وخيانة للأمانة بفضح الأسرار، ونشر المواضيع المذكورة سبيل للعمل المحرم.
ولذا فإني أنصح مَن يستخدم ذلك بالبُعد عنها، ولاسيما أنه حرص على تحري الحلال ومعرفة الحكم الشرعي، وأن يبادر بإبعاد كل مقاطع ومواضيع تحتوي صوراً فاضحة، أو كشفاً لأسرار أحد.

المقاطع الصوتية والصور الثابتة
وقال الشريف هاشم بن محمد النعمي إمام جامع السلطان في الرياض، إن من التقنية التي سخرها الله للناس اليوم ما انتشر بين فئات المجتمع من الهاتف الجوال الذي بإمكانه إرسال المقاطع الصوتية والصور الثابتة والمتحركة عبر ما يقال عنه (البلوتوث).
وأكد أن في هذه التقنية، ولله الحمد والشكر، من النفع ما يصعب على المتحدث إحصاؤه، لكن للأسف الشديد أن هناك من الشباب مَن يستخدم هذه التقنية فيما يضره ويضر الآخرين، بل إنه يسخر وقته للأسف الشديد لإرسال الصور المحرمة، ولا يخفى على الجميع ما يترتب على ذلك من الأضرار الكثيرة منها:
1 - النظر المحرم، وقد نهى الله المؤمنين عن ذلك بقوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون)، وقال صلى الله عليه وسلم: (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه)، رواه الطبراني والحاكم.
وجاء في الحديث قول النبي - صلى الله عليه وسلم: (فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام). رواه البخاري ومسلم، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء!
وأضاف أن مَن تعلق بما في البلوتوث من صور ومقاطع محرمة أفسدت عليه قلبه وحياته وصرفته إلى ما لا ينفعه في دنياه وآخرته؛ لأن صلاح القلب وحياته إنما هو في التعلق بالله جل جلاله وعبادته وحلاوة مناجاته والإخلاص له وامتلائه بحبه سبحانه.
2 - كذلك أن مَن تسول له نفسه بإرسال الصور أو الأفلام المحرمة إلى غيره فإنه يوم القيامة يبوء بإثم صاحبه مع إثمه من غير أن ينقص من إثم من أُرسلت إليه شيء، ومن أدلة ذلك:
أ- قول الله ـ عز وجل: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ}. وهذه الصور المحرمة التي تتناقل في البلوتوث من أعظم الضلال، ومن أرسلها إلى غيره فهو يضله، ويدعوه لمشاهدة المحرم، ويعينه عليه بل يدفعه إليه دفعاً.
وإذا تقرر أنها من الضلال؛ فالذي ينشرها فهو ناشر للضلال، وإذا أهداها الشاب لزميله فهو يضله، وكلاهما يحمل أوزار من أُرسلت إليهم عن طريقهما؛ كما هو نص الآية. قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله تعالى: «أي: يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم».

الأكثر قراءة