محافظ مؤسسة النقد: تعديل أسعار صرف الريال لن يحل قضية التضخم
اعتبر حمد بن سعود السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أن دول الخليج العربية ستضع جدولا زمنيا "قابلا للتطبيق" لإصدار عملة موحدة بعد أن تجري مراجعة هذا العام للموعد النهائي المستهدف للوحدة النقدية في عام 2010.
وفي مقابلة مع "رويترز" صرح السياري أن تنفيذ الجدول الزمني الموضوع للوحدة النقدية أضحى صعبا للغاية بسبب نسبة التضخم المرتفعة وطفرة في الاقتصاد لا تستند إلى أساس دائم، ولكنه أكد أن الالتزام الإقليمي بالمشروع لم يتزحزح.
وفي مقابلة في ساعة متأخرة البارحة الأولى في مدينة بال السويسرية أضاف السياري "أن الجدول الزمني مضغوط جدا، من الصعب الوفاء به، ولكن لا يعني ذلك التخلي عن الوحدة .. اتفقنا بالفعل على إطار العمل".
وأضاف "من الصعب جدا الالتزام بالجدول الزمني لإصدار عملة، لذا سنراجع هذا الجدول ونضع جدولا قابلا للتطبيق.. لأنه يفترض أنه تم تحديد عام 2010 لإصدار أوراق نقد جديدة".
وقال إن أي قرار بشأن تعديل الجدول الزمني ينبغي أن يتخذ في الفترة بين اجتماع محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية في أيلول (سبتمبر) وقمة زعماء الخليج في تشرين الثاني (نوفمبر) وتابع "من السابق لأوانه توقع ما سيحدث"، وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوعين التي يشير فيها السياري إلى صعوبة الإيفاء بالوحدة النقدية الخليجية التي تتضمن عملة موحدة مع مطلع عام 2010.
ويواجه المشروع عقبات مع ارتفاع نسبة التضخم لمستويات قياسية أو قربها في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم وازدهار الاقتصاد وارتفاع سريع في أسعار النفط، وارتفعت أسعار النفط فوق 143 دولارا للبرميل البارحة الأولى وهي زيادة سبع مرات عن مستواها في عام 2002.
وأنفقت الحكومات الخليجية عائدات النفط الضخمة على تطوير البنية التحتية والعقارات والصناعة وهو عامل رئيسي وراء ارتفاع الأسعار، وفضلا عن ارتفاع الأسعار قال السياري إن عددا من المتغيرات الاقتصادية التي ينبغي أن تفي بها المنطقة قبل الوحدة مرتفعة جدا أو منخفضة جدا بسبب الطفرة الاقتصادية.
وقال "هناك طفرة تؤثر المتغيرات المختلفة وهو أمر غير طبيعي في الوقت الحالي"، وخرج مشروع الوحدة النقدية عن مساره بالفعل حين قررت عمان في عام 2006 عدم الانضمام إليها وخرجت الكويت عن الإجماع مع جيرانها في عام 2007 وألغت ربط عملتها بالدولار الأمريكي.
وأوضح السياري أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط يعني أنه قد يحدث تراجع كبير وتعرض الاقتصاد لمثل هذا التقلب ليس محل ترحيب، وبين "ليست محل ترحيب لأن الزيادات ستكون سببا لانخفاض كبير في المستقبل، نريد استقرارا وأسعارا مقبولة"، وتابع "الطفرة والهبوط مظهران غير صحيين ونحن لا نرحب بالتقلب".
وقاد ارتفاع تكلفة النفط عالميا لزيادة التدفقات المالية على السعودية أكبر منتج للنفط فى العالم ونتيجة لذلك ارتفعت نسبة التضخم لأعلى مستوى فيما يزيد على ثلاثين شهرا متجاوزا 10 في المائة.
وأضاف السياري أن تعديل أسعار صرف العملة لن يحل قضية نسبة التضخم المرتفعة رغم أن بعض المسؤولين ومن بينهم ميرفن كينج محافظ بنك انجلترا المركزي قالوا إن أسعار الفائدة المنخفضة في بعض الدول التي تربط عملتها بالدولار يسهم في ارتفاع أسعار السلع الأساسية، كما أن ربط عملات الخليج بالدولار يسهم في التضخم لأنه يرفع تكلفة الواردات من أوروبا بعدما هوى الدولار لمستويات قياسية مقابل اليورو هذا العام، وتابع السياري "التضخم العالمي مستورد ولكن ليس بسبب أسعار الفائدة، هناك بعض (التأثير) ولكنه محدود، تعديلها لن يحل مشكلة التضخم".
وقال السياري إنه مع تجدد الزخم لإعادة الوحدة النقدية لمسارها من المنطقي أن يكون هناك مدى زمني بين تكوين وحدة نقدية وإصدار عملة موحدة كما حدث في منطقة اليورو حيث مر عامان بين إطلاق اليورو وإصدار العملات الورقية، وتابع "من الناحية النظرية يمكن البدء .. على مراحل كما فعل الأوروبيون".
ومن المقرر أن يوافق صناع القرار في الخليج هذا العام على مسودة نهائية لاتفاق وحدة نقدية ومسودة اتفاق لمجلس نقدي يمثل نواة لتأسيس بنك مركزي. وتابع السياري أن الوفاء بمعايير للتقارب سيستغرق بعض الوقت. وبين السياري أن تحديد نسبة التضخم المستهدفة عند نسبة لا تتجاوز المتوسط الإقليمي بأكثر من 2 في المائة "أمر غير قابل للتحقيق في الوقت الحالي".
ورفض التعليق على ما إذا كان ينبغي على دول الخليج إعادة دراسة الهدف، ونسبة التضخم في قطر نحو 15 في المائة في الربع الأول بينما تجاوزت النسبة 6 في المائة بقليل في البحرين في نيسان (أبريل )، وقال "هذا أحد التحديات التي تواجهنا، لا يمكننا ان نضع هدفا جديدا قبل أن نقيم الوضع".
يشار في هذا الجانب إلى أن التضخم في السعودية سجل في أيار (مايو) الماضي تراجعا طفيفا ليصبح 10.4 في المائة من 10.5 في المائة في نيسان (أبريل) بفعل انحسار الزيادة في تكاليف الغذاء، وقال تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد والتخطيط إن مؤشر تكاليف المعيشة سجل 115 نقطة في 31 أيار (مايو) مقارنة بـ 104.20 نقطة قبل ذلك بعام. وسجل مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر أيار(مايو) الماضي 2008 انخفاضا بنسبة 0.2 في المائة مقارنة بشهر نيسان (أبريل) السابق له ليصل إلى 115 مقابل 115.2 لشهر نيسان (أبريل).