تداعيات أزمة الرهن العقارية وهبوط الأسواق العالمية تضغطان على الأسواق الخليجية
أنهت أسواق الأسهم الخليجية تداولات النصف الأول من العام الجاري بارتفاع جماعي طال جميع البورصات باستثناء سوق الإمارات الخاسرة الوحيدة بميل نحو الانخفاض 0.01 في المائة رغم ارتفاعها في الربع الثاني بنحو 5.4 في المائة, وجاء الهبوط محصلة تراجع قوي في النصف الأول لسوق دبي بنحو 8.2 في المائة وارتفاعا لسوق أبو ظبي بنحو 8.8 في المائة.
وقادت سوق مسقط الأسواق الصاعدة بارتفاع 25.3 في المائة منها 12في المائة في الربع الثاني على الرغم من أنها سجلت هبوطا في الشهر الماضي حزيران (يونيو) بنحو 1.9 في المائة، حيث تراجعت جميع الأسواق الخليجية باستثناء سوق الكويت خلال الشهر الماضي بسبب تداعيات هبوط أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية إَضافة إلى تأثرها السلبي بالتوترات السياسية في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران.
وحلت سوق الدوحة في المرتبة الثانية بنمو نصف سنوي قدره 23.8 في المائة, ولوحظ أن السوق سجلت في الربع الثاني ارتفاعا قويا بلغت نسبته 24.1 في المائة، خصوصا في شهري نيسان (أبريل) وآيار (مايو ) الماضيين حيث تراجعت السوق في شهر حزيران (يونيو) الماضي بنحو 0.19 في المائة.
وجاءت سوق الكويت في المرتبة الثالثة خليجيا من حيث نسبة النمو نصف السنوي بارتفاع 23 في المائة منها 8.1 في المائة في الربع الثاني, وتعد السوق الكويتية الرابحة الوحيدة الشهر الماضي بارتفاع نسبته 2.9 في المائة, وحلت سوق أبو ظبي في المرتبة الرابعة بارتفاع نسبته 8.8 في المائة على عكس سوق دبي الخاسرة الوحيدة بانخفاض 8.2 في المائة منها 4.1 في المائة في الشهر الماضي , ورغم ذلك أنهت السوق تداولات الربع الثاني مرتفعة بنحو 1.7 في المائة.
وجاءت سوق البحرين في المرتبة الخامسة بارتفاع 3.7 في المائة منها 2.5 في المائة في الربع الثاني , رغم انخفاض السوق في الشهر الماضي بنحو 0.52 في المائة.
وأنهت الأسواق الخليجية تداولات اليوم الأخير من النصف الأول أمس على تباين واضح، حيث تمكنت 3 أسواق هي الدوحة وأبو ظبي ودبي من استرداد خسائر أول أمس، حيث ارتفعت الأولى والثانية بنحو 1 في المائة والثانية 0.70 في المائة، كما استمر الصعود في سوق البحرين بنحو 0.44 في المائة، وبقى الهبوط في سوق الكويت بنحو 0.18 في المائة.
وأجمع محللون ماليون لـ "الاقتصادية" على أن الهبوط الحاد الذي طال أسواق المال الدولية أثر سلبا في أداء أسواق الخليج، خصوصا في الشهر الماضي، حيث تراجعت جميع مؤشرات الأسواق باستثناء سوق الكويت غير أن هناك إجماعا على أن أداء الأسواق إجمالا جاء إيجابيا خلال النصف الأول باستثناء سوق الإمارات وبالتحديد سوق دبي.
وأرجع شهاب قرقاش المدير التنفيذي لشركة ضمان للاستثمار التي تدير محافظ عدة للاستثمار في الأسهم الخليجية السبب إلى نشاط صناديق التحوط التي دخلت الأسواق وسحبت معها على حد وصفه المستثمرون في الدخول والخروج، وهو ما أثر على المؤشرات صعودا وهبوطا، إضافة إلى الاهتمام الكبير من صناديق الاستثمار العالمية التي تركت أثرا سلبيا في الأسواق مع كل عمليات تسييل تقوم بها في حال تعرضها لأسواقها الرئيسة في الخارج.
وأوضح أن الحالة السياسية في المنطقة والتوتر المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة تركا تداعيات سلبية على أسواق الخليج ككل وعلى سوق الإمارات بدرجة أكبر مقارنة ببقية الأسواق الخليجية بسبب ارتفاع استثمارات الأجانب في سوق الإمارات بدرجة كبيرة، حيث تشكل أكثر من ثلت التداولات اليومية للسوق , وهو ما يجعل أسواقنا عرضة للتأثير بدرجة أكبر دون غيرها بحركة الأجانب.
وأضاف "أداء السوق الإماراتية، خصوصا في دبي في النصف الأول من العام جاء مخيبا للآمال إلا أن ذلك لا يعني أن عام 2008 ككل سيكون سلبيا بل على العكس لدينا تفاؤل بأن النصف الثاني من العام سيكون إيجابيا للغاية لاعتبارات عدة أهمها أن هناك قناعة بأن هناك قيمة في السوق الإماراتية، وأنها من أرخص الأسواق في المنطقة، وهو ما سيعزز الاستثمار فيها خلال الفترة المقبلة ويجعلها أكثر جاذبية.
وقال قرقاش إنه من هذا المنطلق أعلنت شركته طرح صندوق ضمان للمضاربة في الأسهم الخليجية برأسمال 200 مليون درهم يركز على الاستثمار في أسواق المال النشطة في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لوجود فرص استثمارية مجزية في الأسواق يمكن الاستفادة منها من خلال المضاربة المبنية على الدراسة والتحليل المعمق للأسهم وليس المضاربة العشوائية على حد وصفه.
وأوضح أن الحد الأدنى للاكتتاب في الصندوق 200 ألف درهم، ويقدر سعر السهم بنحو 100 درهم، وسيكون الدخول فيه أسبوعيا والتخارج شهريا متوقعا أن يحقق الصندوق عائدا بنحو 25 في المائة، وأن يركز على 33 سهما , مفضلا الاستثمار في أسهم قطاع الاتصالات في الإمارات ودول الخليج والابتعاد على الاستثمار في أسهم التأمين.
واعتبر قرقاش أن قضايا الرشا التي طالت قياديين في شركة ديار وبنك دبي الإسلامي أحد الأسباب التي أثرت سلبا في أداء سوق دبي خلال الربع الثاني من العام داعيا السلطات الحكومية إلى اختيار الشخصيات المناسبة في مجالس إدارات الشركات والبنوك التي تمتلك فيها الحكومة حصص الأغلبية أو نسبا مؤثرة من رأسمالها.
ومنذ إحالة عدد من قيادات شركة ديار وبنك دبي الإسلامي على خلفية عمليات رشى وتربح إلى النيابة العامة للتحقيق يسجل سهما الشركتين انخفاضا حادا حيث تراجع سهم دبي الإسلامي دوت مستوى الدراهم العشرة , وأغلق أمس على استقرار عند 8.02 درهم كما انحدر سهم ديار من مستوى 3 دراهم إلى 2.06 درهم أمس.
وأرجع ارتفاع سوق أبو ظبي مخالفا مسار سوق دبي خلال النصف الأول إلى نجاح السوق في استقطاب رؤؤس أموال أجنبية بدرجة أكبر من سوق دبي التي كانت قد نجحت في ذلك قبل سنوات، إضافة إلى استقطاب السوق الظبيانية لنوعية معينة من المضاربة قد تكون غير مدعومة بأداء وأساسيات جيدة للشركات، وهو ما قد يدخل السوق في أزمة في الفترة المقبلة على حد قوله.
وقال "إذا استمرت المبالغة، في رفع مؤشرات أسهم معينة في سوق أبو ظبي بطريقة مبالغة فإن هذه الأسهم مرشحة للتراجع بقوة، خصوصا أن هذه الأسهم مستهدفة من قبل مجموعة من المستثمرين يغالون في أسعارها".
وأعتبر أن سهم إعمار أثر سلبا في أداء سوق دبي وقال إن "بيات" سهم إعمار طيلة الفترة الماضية حدّ من قدرة سوق دبي على الارتفاع بسبب وزنه الثقيل في المؤشر, ووفقا للبيانات الصادرة عن سوق دبي أنهى سهم إعمار الربع الثاني من العام بتراجع 0.91 في المائة والنصف الأول من العام بانخفاض حاد بنسبة 27 في المائة إلى 10.85 درهم.
واعتبر قرقاش أن هناك المزيد من الفرص في أسهم الشركات العقارية رغم مخاوف البعض قائلا "أسهم العقارات لا يمكن التخلي عنها" لأنها أكثر القطاعات عرضة للصعود والهبوط، خصوصا في الإمارات, وعلى الرغم من الهدوء النسبي في سوق دبي، إلا أن هناك نشاطا متناميا في بقية الإمارات، خصوصا في أبو ظبي، إضافة إلى توقعات بصدور المزيد من التشريعات والإجراءات المنظمة للقطاع، فيما يتعلق بجانب التوريق، وهو ما يزيد من جاذبية أسهم العقار.
واتفق المحلل المالي محمد علي ياسين العضو المنتدب لشركة شعاع كابيتال قائلا لـ "الاقتصادية" إن إغلاق النصف الأول بالنسبة لأسواق الإمارات جاء مخيبا للآمال على الرغم من أن بدايته في كانون ثاني (يناير) كانت قوية، حيث قفزت تداولات الأسواق إلى 100 مليار درهم في الشهر وهو ما أعطى رسالة بأن عام 2008 سيكون قويا, وهو ما لم يتحقق في النصف الأول على الأقل بالنسبة لسوق دبي، حيث ارتفعت سوق أبو ظبي بنسبة جيدة.
ويرجع السبب من وجهة نظري إلى عوامل خارجية لا تتعلق بأداء الاقتصاد الإماراتي أو أداء الشركات، حيث يسجل الاقتصاد نموا مدعوما بعائدات ضخمة من ارتفاع أسعار النفط، كما أن أرباح الشركات ستكون قياسية عن النصف الأول، علاوة على أن أسواق الإمارات من حيث التقييمات من أرخص أسواق المنطقة والأكثر انفتاحا وهو ما يجعلها تتأثر أكثر من غيرها بالعوامل الخارجية المتمثلة في التوتر الحادث في الخليج .
وأكد ياسين أن التوقعات تشير إلى أن فرص النمو في أسواق الإمارات في النصف الثاني من العام ستكون أكبر إذا ما تلاشت العوامل الخارجية التي تركت تأثيرا واضحا في السوق، حيث لاحظنا عمليات بيع مكثفة من قبل محافظ الاستثمار الأجنبية المؤسساتية مع كل حالة هبوط تسجلها أسواقها الرئيسة في الخارج على الرغم من أن أسواقنا لم تـتأثر كالأسواق العالمية بأزمة الرهن العقاري، وليس لدى شركات الإمارات انكشافات على الأزمة.
واتفق ياسين مع قرقاش في أن المشكلات التي طالت شركة ديار، وبنك دبي الإسلامي أثرت سلبا في سوق دبي خلال الربع الثاني من العام قائلا المشكلات لم تؤثر فقط في سهمي الشركتين، بل انعكست بالسلب أيضا على بقية الأسهم لأنها أثارت قضايا الرقابة الداخلية في الشركات المدرجة.
ووفقا لتقرير هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية عن أداء الأسواق في الصنف الأول فقد ارتفعت قيم التداولات إلى 366 مليار درهم منها 166.3 مليار في الربع الثاني , وانخفض المؤشر العام للنصف الأول بنحو 0.01 في المائة في حين ارتفع للربع الثاني بنحو 5.4 في المائة.
وفي اليوم الأخير من التداولات ارتدت أسواق الإمارات بعد 4 جلسات متتالية من الهبوط في السوقين, وعلى الرغم من استقرار سهمي إعمار والإمارات دبي الوطني الأكثر وزنا في المؤشر دون تغير إلا أن المؤشر أنهى الجلسة على ارتفاع بنحو 0.70 في المائة وبتداولات قيمتها 791.7 مليون درهم .
وجاء الدعم من الأسهم صغيرة القيمة السوقية، التي سجلت ارتفاعات قوية مثل سهم تمويل الذي ارتفع بنحو 6.3 في المائة إلى 8.40 درهم وأملاك 1.8 في المائة إلى 4.50 درهم ودو 4.1 في المائة إلى 5.73 درهم وأرابتك 2.2 في المائة إلى 16.20 درهم.
وجاء الارتداد قويا في سوق العاصمة أبو ظبي بدعم من أسهم قطاعات العقارات، الطاقة، والصحة, وعادت التداولات إلى الارتفاع القياسي ملامسة الملياري درهم، استحوذ منها سهما ميثاق وأسمنت رأس الخيمة على أكثر من النصف وارتفع الأول بنسبة 6.1 في المائة إلى 6.77 درهم والثاني 4 في المائة.
وتمكنت سوق الدوحة من استرداد كامل خسائر أول أمس مرتفعة بنحو 1 في المائة بدعم من أسهم البنوك التي كانت سببا في التراجع, غير أن قيم التداولات بقيت على تراجعها بقيمة 841.5 مليون درهم من تداول نحو 16.1 مليون سهم.
وسجلت جميع أسهم البنوك ارتفاعا بقيادة سهم مصرف الريان الأكثر نشاطا وتداولا مرتفعا بنحو 1.8 في المائة إلى 22.20 ريال والخليجي 2.2 في المائة إلى 2.4 في المائة والمصرف 2.2 في المائة وقطر التجاري 4.7 في المائة وقطر الوطني 1.5 في المائة وبنك الدوحة 0.36 في المائة .
وحافظت سوق البحرين على صعودها لليوم الثاني مرتفعة بنحو 0.44 في المائة وقفزت تداولاتها إلى 5.2 مليون دينار من تداول 15.8 مليون سهم منها 11.6 مليون لسهم مصرف الخليجي التجاري الذي استقر عند سعر 0.305 دينار.
ودعم صعود سهم مصرف الإثمار بنحو 2.7 في المائة إلى 0.750 دولار ارتفاع المؤشر، وحقق سهم بنك الخليج المتحد أعلى الارتفاعات بنسبة 5.3 في المائة إلى 0.811 دينار.
وتواصلت عمليات جني الأرباح في سوق الكويت التي تعرضت لضغط قوي من تراجع أسهم الصناعة وإن قلت ارتفاعات أسهم البنوك من خسائر المؤشر وتراجعت قيمة التداولات إلى 109.2 مليون درهم من تداول نحو 249.1 مليون سهم.
وتركزت عمليات جني الأرباح على الأسهم التي كانت قد سجلت في الفترة الأخيرة قفزات كبيرة مثل سهم دبي الأولى الذي تراجع بنحو 6.3 في المائة إلى 1.180 دينار، ومنا القابضة 6.1 في المائة إلى1.520 دينار.