"الاقتصادية" تنشر نص الورقة السعودية المشتركة المقدمة إلى اجتماع جدة للطاقة

"الاقتصادية" تنشر نص الورقة السعودية المشتركة المقدمة إلى اجتماع جدة للطاقة

طرحت ورقة العمل المشتركة التي قدمتها السعودية والأمانة العامة لوكالة الطاقة الدولية والأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي والأمانة العامة لمنظمة "أوبك" أمام اجتماع جدة للطاقة الذي انعقد في 23 من الشهر الجاري، سبعة مقترحات لمعالجة الوضع الحالي لسوق النفط العالمية.
ومن أبرز تلك الاقتراحات – وفق ما ورد في ورقة العمل التي تنشرها "الاقتصادية" اليوم، تحسين الشفافية وتنظيم أسواق المال من خلال اتخاذ إجراءات للحصول على مزيد من البيانات عن نشاط صناديق الاستثمار في المؤشرات المالية ودراسة التفاعلات والارتباطات بين البورصات المختلفة في سوق النفط الخام.
وتعرض الورقة خمسة عوامل ترى أنها أدت إلى التطورات الأخيرة في أسعار النفط وهذه العوامل مرتبطة بأساسيات السوق، ومن بينها انخفاض الطاقة الاحتياطية من النفط الخام مقارنة بالمستويات العالمية السابقة. في المقابل هناك أسباب أخرى لا تتعلق بالضرورة باتجاهات العرض والطلب، ومن بين تلك الأسباب زيادة التفاعل بين سوق النفط والأسواق المالية، مما جعل النفط يتخذ صفة الأصول المالية أكثر من ذي قبل.

نص الورقة

أعد هذه الورقة الخاصة لاجتماع الدول المنتجة والدول المستهلكة، وممثلي بعض شركات البترول العالمية والوطنية - الذي عقد في جدة في 22 حزيران (يونيو) 2008 - كل من الدولة المضيفة، المملكة العربية السعودية، الأمانة العامة لوكالة الطاقة الدولية، الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي، والأمانة العامة لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك). وتسعى الورقة إلى تحديد أسباب وعواقب سلوك الأسعار في الآونة الأخيرة، وتقترح مجالات لتحسين كفاءة أداء سوق البترول.

مقدمة

ارتفعت أسعار البترول للعقود الفورية والعقود الآجلة طويلة الأجل ارتفاعا حادًا خلال الفترة القريبة الماضية. وقد صاحب ذلك زيادة في تقلبات الأسعار وعدم استقرار السوق البترولية.
وعلى الرغم من هذه الظروف السعرية، فإن الطلب العالمي على البترول، وإن كان قد تباطأ نسباً، إلا أنه ما زال ينمو باطراد، وخاصة في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث يعد نمو الناتج المحلي الإجمالي فيها من العوامل المحددة للطلب التي تفوق في أهميتها عامل السعر. وقد عزز هذا النمو أن الطلب على البترول يحدث أساسا في القطاعات التي تتصف بعدم مرونة الأسعار، مثل النقل والبتروكيماويات، وتؤثر فيه مستويات الإعانات والضرائب.
وقد صاحب هذا النمو أيضًا زيادة الارتباط بين أسواق البترول (وكذلك أسواق السلع الأخرى) والأسواق المالية، مع زيادة النشاط في بورصات السلع الخاضعة للقيود النظامية وغير الخاضعة لها.
إن التقلبات السعرية وعدم الاستقرار يؤثر سلباً في المستهلكين والمنتجين على حد سواء، وفي الصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة وفي مسار نمو الاقتصاد العالمي. وعلى الرغم من أن هذا الوضع الحالي للأسعار قد تم، حتى الآن، استيعابه، إلا أن تأثيره في الدول الأقل نمواً كان واضحا.
إن التطورات الأخيرة في أسواق البترول العالمية تحتاج إلى تضافر جهود جميع الأطراف - المستهلكين والمنتجين، وصناعة البترول، والمنظمات الحكومية الدولية المعنية وجميع الأطراف الأخرى المهتمة - للعمل من أجل فهم الأسباب الكامنة وراء هذه التطورات، والحد من الظروف التي يكتنفها الغموض واتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان استقرار واستدامة نظام الطاقة.

أسباب التطورات الأخيرة في أسعار البترول

إن أسباب تطورات أسعار البترول في الآونة الأخيرة متعددة ومعقدة. وقد ساهمت فيه مجموعة من العوامل، ويصعب تقييم مساهمة كل منها على وجه الدقة.

ويمكن في هذا الصدد تحديد تطورات أساسيات السوق التالية:
  ـ انخفاض الطاقة الاحتياطية من البترول الخام، مقارنة بالمستويات العالية السابقة، مع الزيادة في نمو الطلب، جعل الأسواق البترولية متخوفة من نقص الإمدادات. كما إن انخفاض الاستثمار في التنقيب والإنتاج في بعض المناطق المنتجة والمستهلكة، وذلك بسبب عوامل مختلفة، مثل صعوبة الوصول إلى التقنية، وارتفاع التكاليف، والنقص في الموارد البشرية المتخصصة، والقيود السياسية، وتدني القدرة على التنبؤ بالطلب. كان لها أثر في هذه الطاقة الاحتياطية.
ـ محدودية طاقة التكرير في أسواق منتجات البترول، ويرجع ذلك إلى انخفاض الاستثمار في قطاع التكرير، وزيادة المعايير البيئية، وارتفاع التكاليف وصرامة القوانين والأنظمة، مما أدى إلى تدني أرباح التكرير. وقد ضاعف من ذلك عدم التوافق بين نوعية الزيوت الخام المعروض من جهة، والطلب على المنتجات الخفيفة والمواصفات الشديدة الصرامة من جهة أخرى. وإضافة إلى ذلك فإن زيادة إنتاج الوقود الحيوي كان له تأثيرات مركبة في صناعة التكرير في بعض المناطق.
ـ التخوف من انقطاع الإمدادات، التي يدعمها العوامل الجغرافية والسياسية (الجيوبوليتيكية)، وتوقف الإنتاج من بعض الآبار البترولية في بعض المناطق لأسباب فنية، وأسباب تتعلق بالأحوال الجوية والكوارث الطبيعية مثل الأعاصير.
ـ تصورات بعض المشاركين في السوق بشأن محدودية قاعدة الموارد البترولية، وانخفاض النمو في الإمدادات من الدول غير الأعضاء في منظمة "أوبك" وانخفاض المعروض من بعض المنتجات البترولية عن المستويات العادية.
ـ ميل مصافي التكرير إلى زيادة إنتاج الديزل لتلبية الطلب المتزايد عليه ما أدى إلى تحسين هوامش أرباحها نتيجة ارتفاع أسعار هذه المنتجات، والتي بالتالي قادت سعر البترول الخام إلى الارتفاع.
وإضافة إلى عوامل أساسيات السوق المذكورة أعلاه، فإن هناك أسبابا أخرى لا تتعلق بالضرورة باتجاهات العرض والطلب. ويمكن تحديد بعض هذه الأسباب على النحو التالي.
ـ زيادة التفاعل بين سوق البترول والأسواق المالية، مما جعل البترول يتخذ صفة الأصول المالية أكثر من ذي قبل.
ـ الزيادة في التدفقات الاستثمارية من المؤسسات المالية، وصناديق معاشات التقاعد وصناديق الاستثمار الوقائية، إلى عقود البترول (وغيرها من السلع) الآجلة وأسواق المعاملات الفورية، ويرجع ذلك إلى الضعف النسبي في قيمة الدولار وانخفاض العائد على الأصول الأخرى.
ـ عدم اليقين بشأن السياسات النقدية، والمالية، والسياسات الخاصة بالطاقة والاستثمار، والتجارة الدولية والبيئة للدول المنتجة والمستهلكة.
ـ تقييم بعض الجهات غير الواقعي لوضع سوق البترول وتوقعات الأسعار.
وفي حين كان الطلب العالمي يتزايد خلال السنوات القليلة الماضية، كما كان الحال مع العرض العالمي، فإن جميع العوامل والأسباب المذكورة أعلاه لعبت دورًا في زيادة مستويات الأسعار وتقلباتها.

النتائج المترتبة على تطورات أسعار البترول

إن ارتفاع أسعار البترول وتقلباته، إذا ما استمرت دون اتخاذ إجراءات متضافرة من جميع الأطراف، سوف يكون لها تأثير في اقتصادات الدول المستهلكة والدول المنتجة على حد سواء، وكذلك في استقرار سوق البترول والاقتصاد العالمي على المدى البعيد. ويمكن أن تترتب على ذلك النتائج التالية.
ـ التأثير السلبي في النمو الاقتصادي، ولا سيما في الدول الأقل تقدمًا، من خلال الارتباطات بين الطاقة والاقتصاد.
ـ ارتفاع أسعار البترول سيؤثر بشدة في الصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة، وتكلفة النقل، ويمكن أن يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم.
ـ ارتفاع أسعار البترول سيؤدي إلى زيادة تدفق الاستثمارات في أنواع الوقود البديلة، وهذا من شأنه أن يضع حدًا أدنى لأسعار البترول.
ـ استمرار تقلب أسعار البترول يعطي إشارات مربكة للمستثمرين في مجال التنقيب والإنتاج ومجال التكرير والتوزيع ويؤدي إلى تأخير الاستثمار المطلوب.
ـ ارتفاع أسعار البترول وتقلباتها أدى إلى زيادة النشاط في أسواق عقود البترول الآجلة وبشكل تصاعدي مستمر.

مقترحات لمعالجة الوضع الحالي لسوق البترول العالمية

إن أسباب وعواقب التطورات الحالية لأسعار البترول المشار إليها أعلاه تدعو إلى بذل جهود متضافرة من جانب الدول المنتجة والدول المستهلكة معًا، ومن جانب العاملين في صناعة البترول وجميع الأطراف الأخرى المهتمة. ومع مراعاة تباين الظروف والأولويات الوطنية للدول المختلفة، فضلا عن المصلحة المشتركة في استقرار سوق البترول العالمية والنمو الاقتصادي المستدام، يمكن أخذ الاقتراحات التالية في الاعتبار.
ـ الطاقة الاحتياطية لجميع سلسلة الإمدادات البترولية مهمة لاستقرار سوق البترول العالمية. ومن ثم فإن حدوث زيادة مناسبة في الاستثمار، في كل من مجال التنقيب والإنتاج ومجال التكرير والتوزيع على حد سواء، أمر ضروري لضمان إمداد الأسواق في الوقت المناسب وبطريقة ملائمة. كما أن اتباع سياسات واضحة للطاقة والاستثمار يمكن التنبؤ بها، وتحسين فرص الحصول على التقنية، أمور لازمة لتحقيق هذه الغاية.
ـ تحسين شفافية وتنظيم الأسواق المالية من خلال اتخاذ إجراءات للحصول على مزيد من البيانات عن نشاط صناديق الاستثمار في المؤشرات المالية ودراسة التفاعلات والارتباطات بين البورصات المختلفة في سوق البترول الخام.
ـ تحسين نوعية واكتمال وتوقيت بيانات البترول المقدمة من خلال مبادرة البيانات البترولية المشتركة الشهرية، والتي تشمل الإنتاج والاستهلاك والصادرات والواردات والمخزون. ومن أجل زيادة تحسين شفافية واستقرار السوق، فإن المنظمات السبع المشاركة في هذه المبادرة (منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا - المحيط الهادي "ابيك"، المكتب الإحصائي للأسواق الأوروبية "يوروستات"، وكالة الطاقة الدولية، منتدى الطاقة الدولي، منظمة الطاقة لدول أمريكا اللاتينية، منظمة الدول المصدرة للبترول وقسم الإحصاءات في الأمم المتحدة) يمكن أن تبدأ العمل لتغطية البيانات السنوية، والتي تشمل بيانات طاقات الإنتاج والتكرير وخطط التوسع.
ـ التعاون الفوري بين الأمانة العامة لوكالة الطاقة الدولية والأمانة العامة لمنظمة الدول المصدرة للبترول، إلى جانب الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي، في إعداد تحليلات مشتركة لاتجاهات سوق البترول وتوقعاتها المستقبلية، وكذلك تأثير الأسواق المالية في مستوى وتقلب أسعار البترول، والتي يمكن الاستفادة منها لفهم أوضاع السوق بصورة أفضل.
ـ تكثيف المساعدات من أجل التنمية من المؤسسات المالية ومؤسسات المعونة الوطنية والإقليمية والدولية، للتخفيف من حدة آثار ارتفاع أسعار البترول في الدول الأقل نموا.
ـ تعزيز التعاون فيما بين الشركات العالمية والوطنية وشركات الخدمات من جميع الدول المنتجة والمستهلكة وذلك في مجالات الاستثمار والتقنية وتنمية الموارد البشرية.
ـ تعزيز كفاءة استخدام الطاقة في جميع القطاعات، من خلال نقل إشارات أسعار السوق إلى المستهلك، ونقل التقنية وتبادل أفضل الممارسات في إنتاج الطاقة واستهلاكها.

الأكثر قراءة