المدونة تأصيل لتطبيق الشريعة الإسلامية وخدمة كبيرة للعمل القضائي

المدونة تأصيل لتطبيق الشريعة الإسلامية وخدمة كبيرة للعمل القضائي

أكد حمد بن حمود الحوشان مدير عام الإدارة العامة لتدوين نشر الأحكام في وزارة العدل, أن إيجاد المدونة القضائية أصبحت ضرورة, بل لا أبالغ إن قلت إنها حاجة ماسة لعدد من شرائح المجتمع ابتداء من القضاة في المحاكم وانتهاء بأفراد المجتمع. وأوضح أن بالتدوين والنشر الاختيار من القرارات والأحكام القضائية النهائية التي تكتسب القطعية، ثم تصنيفها ونشرها عبر وسائط ورقية وإلكترونية، وقال إنه من المهم جدًا أن تنشر جميع الأحكام القضائية دون استثناء، والعبرة في كيفية تكييف القاضي القضية وتنزيلها على الحكم, وأوضح أنه تمت الاستفادة من ملاحظات كثيرة من المحامين والقانونيين، وأساتذة الفقه في الجامعات، والمهتمين، وقبل ذلك القضاة، وذلك إثر صدور المدونة الأولى, ونحن استفدنا منها بالفعل سواء من ناحية الموضوع أو التصنيف أو الشكل, وتطرق الحوشان إلى عدة أمور أخرى متعلقة بتدوين الأحكام ونشرها.. فإلى التفاصيل:

بداية كيف أتت الفكرة لإعداد مدونة الأحكام القضائية؟
الفكرة كانت موجودة منذ فترة طويلة جدًا لدى وزارة العدل؛ لأنه كما يعرف المختصون أن أحد الأهداف التي تسعى إليها وزارة العدل هي نشر الأحكام وإظهارها للمختصين، وسبق أن ورد مثل هذا في نص في نظام القضاء القديم الصادر مسبقًا، وإنما بدأ العمل وتنفيذ العمل على مدونة الأحكام القضائية عندما صدر توجيه سامٍ من قبل خادم الحرمين منذ أربع سنوات يقضي بنشر وإظهار الأحكام القضائية، واختيار أنسبها وتوجيهها إلى الجهات القضائية، ومنها وزارة العدل، عندها بدأت الوزارة في إنشاء إدارة لنشر الأحكام، وبدأت هذه الإدارة في وضع آليات العمل، وبدأت العام الماضي في تنفيذ أول إصدار لها.
ما الأهداف التي من أجلها وجدت هذه المدونة؟
حتى يمكن لنا أن نعرف أهمية هذه المدونة وهي ضرورة، وعندما نقول ضرورة فهي حاجة ماسة بالفغل لعدد من شرائح المجتمع ابتداء من القضاة في المحاكم وانتهاء بأفراد المجتمع، لا بد أولاً أن نعرف ماذا نقصد بالتدوين والنشر، فهو الاختيار من القرارات والأحكام القضائية النهائية التي تكتسب القطعية، وتصنيف هذه الأحكام ونشرها عبر وسائط ورقية وإلكترونية.. أما أهم الأهداف التي وجدت من أجلها المدونة فهي الإسهام في خدمة الفقه الإسلامي وإثراء العمل القضائي بتلمس الأحكام لكي يستعين بها القضاة في أحكامهم موافقة للقواعد الشرعية ومساعدة لأهل الاختصاص والباحثين بإيصال الوقائع القضائية إليهم، وأيضًا أذكر هنا أنه يهم الوزارة بالفعل إطلاع عموم الناس على ما تقوم به وزارة العدل، وعموم الناس فئة مستهدفة من قبل الوزارة.

كيف يتم اختيار الأحكام التي يمكن أن تضم ضمن نشرة مدونة الأحكام القضائية؟
عملية الاختيار بعد صدور قرار الوزير بتشكيل عدة فرق عملية اختيار الأحكام ضمن عمل المدونة، وهي الفريق العلمي والمتضمن الباحثين الشرعيين الموظفين في الوزارة، ويساندهم أحد أصحاب الفضيلة القضاة، ويقوم هذا الفريق بالاختيار الأولي لاختيار الأحكام وتصنيفها وفرزها وإعدادها وإعداد الملخصات لها، وهناك فريق آخر وهو اللجنة العلمية، وهذه تحكم على الأحكام المراد نشرها من حيث الصلاحية وفق ضوابط وضعتها هي، ولا بد من إجماع جميع الأعضاء على صلاحية هذه الأحكام، وهذه اللجنة مكونة من ثلاثة قضاة عاملين، ويرأسها الدكتور إبراهيم السلطان (قاضي تمييز متقاعد)، وعضوية كل من الدكتور علي الدبيان (القاضي في المحكمة الجزائية في الرياض) والشيخ سلمان الماجد (القاضي في المحكمة العامة في الرياض).
هل تشمل مدونة الأحكام الشرعية أحكاما معينة في جوانب معينة دون أحكام، أم تشمل العديد من الأحكام في كل المواضيع؟
لا تختص المدونة بجزئية معينة من الأحكام القضائية، بل تختار من جميع الأحكام، وإنما هناك تصنيف داخل المدونة لكل نوعية من القضايا، وهناك تصنيف عام للمدونة، ويشمل أنواعا من القضايا، مثل: (الأحوال الشخصية – الإنهائية – الحقوقية – الجزائية)، إضافة إلى أن هناك تصنيفا داخليا داخل كل تصنيف عام يشمل أنواع القضايا، مثل الرضاعة والخلع والطلاق، وهذا تصنيف فني يمكن الرجوع إليه بسهولة.

هل تتطلع مدونة الأحكام القضائية إلى نشر الأحكام الحدودية التي نص عليها القرآن ونصت عليها السنة المشرفة؟ أم أنها تنشر فقط الأحكام التعزيرية التي لم يأت فيها نص شرعي؟
من المهم جدًا أن تنشر جميع الأحكام القضائية دون استثناء، والعبرة في كيفية تكييف القاضي القضية وتنزيلها على الحكم، وقد يظهر أمام المتلقي العادي أن هناك قضيتين متماثلتين، ولكن من تفاصيل القضية وآليات النظر فيها وتكييفها الشرعي يكون هناك اختلاف فكان لا بد من إيجاد مثل هذه الأحكام، ونحن لا ننشر ما يجتهد فيه القاضي من غير نص، كما نرغب بدورنا دائمًا من أصحاب الفضيلة القضاة أن من يريد نشر حكمٍ فيجدر به أن يرجع كل كلمة إلى مصدر الحكم حتى يعلم من يستأنس بالمدونة كيف نزّل هذا الحكم على هذه القضية. ويشمل هذا أيضًا حتى الأحكام التعزيرية التي ليس فيها نص من القرآن والسنة.
هل استفدتم من أهل العلم والاختصاص من غير القضاة في إصدار هذه النشرة؟
نعم تمت الاستفادة من ملاحظات كثيرة من المحامين والقانونيين، وأساتذة الفقه في الجامعات، والمهتمين، وقبل ذلك القضاة، وذكر أثر صدور المدونة الأولى ونحن استفدنا منها بالفعل سواءً من ناحية الموضوع أو التصنيف أو الشكل.

هل هناك إمكانية في مشاركة المجتمع الخارجي (خارج المملكة) في جانب دعم المدونة؟
أولاً لا بد أن أوضح أن المدونة وزعت بالفعل على السفراء والقناصل حتى خارج السعودية والتابعين للمملكة، أما في جانب مشاركة دول أخرى ضمن المدونة, فالمنهج أن نأخذ الأحكام المنتقاة من محاكمنا فقط؛ أما أننا استفدنا من تجارب الآخرين فبالتأكيد تمت الاستفادة من المخرجات ومن الشكل ومن الدراسات السابقة، وبالتالي ما نتج لدينا هو خلاصة لخبرات طويلة في هذا المجال.

كم مدونة صدرت إلى الآن؟ وهل صدور مدونة تلغي ما قبلها؟
صدر إلى الآن مدونتان، ونحن نأمل في خطتنا أن نصدر مدونتين سنويًا، بمعنى مدونة كل ستة أشهر، والمدونة التي تنشر لا تلغي ما قبلها، بل هي معضدة لما قبلها من مدونة، ونحن نحاول جاهدين ألا نختار أحكامًا متشابهة، كما نراعي الأحكام المنشورة من حيث العدد ومن حيث النوعية، ومن حيث المنطقة أيضًا، فمثلاً إذا نشرت حجج استحكام من محكمة في الجنوب في مدونة ما فإننا نحاول أن ننشر حجج استحكام من الغربية مثلاً، وبالتالي هناك تنوع في الأحكام، ولا بد أن أؤكد أن جميعها مصدقة من التمييز، فلا حكم يلغي منها الحكم الآخر.

هل المدونة تعمم على أصحاب الفضيلة القضاة؟ وهل هي ملزمة الأخذ بها أم أنها اختيارية؟
المدونة ترسل لجميع أصحاب الفضيلة القضاة، وكتّاب العدل، وجميع أساتذة الفقه وأصوله في جميع جامعات المملكة، وجميع المكتبات الجامعية والعلمية في المملكة، كما ترسل إلى كبار الشخصيات في المملكة ولجميع المهتمين والباحثين، ولأصحاب الخبرة وأهل الاختصاص، أما أنها تعمم على القضاة من أجل الأخذ بها، أو أنها ملزمة فهي ليست ملزمة للأخذ بها, كما أوضح ذلك وزير العدل في حفل تدشين المدونة.
ما القادم في التدوين والنشر؟
حقيقة توجيهات الوزير الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم ووكيل الوزارة للشؤون القضائية الدائمة والدائبة تحثنا دائما على الاستفادة من كل جديد في هذا الجانب، ولدينا مشاريع كثيرة، ومخرجات لهذه المدونة نثق بها ـ إن شاء الله ـ ستحدث نقلة كبيرة في مجال تدوين الأحكام ونشرها.
كلمة أخيرة تريد قولها في هذا الخصوص؟
أشكر أولاً وأخيرًا المولى سبحانه على أن أتم هذه المدونة وصدر منها عددان إلى الآن، ثم الشكر موصول لوزير العدل، ولفضيلة وكيل الوزارة للشؤون القضائية اللذين لا يألوان جهدًا في تقديم الدعم الكافي لهذه المدونة، ثم نهيب بجميع المختصين من أصحاب الفضيلة القضاة في دعم مسيرة هذه المدونة بجلبهم الأحكام التي يرون صلاحية نشرها للاسفادة منها.. ودعمنا بما يرونه مكملاً لهذا العمل.

الأكثر قراءة