أوجه فساد النظام المالي الأمريكي وصعوبة تطبيق القوانين على الشركات

أوجه فساد النظام المالي الأمريكي وصعوبة تطبيق القوانين على الشركات

في عام 2002 كان مؤلف الكتاب ديفيد آينهورين رئيسا لإحدى الشركات، وكان يلقي خطابا في مؤتمر خيري لصالح مستشفى متخصص لعلاج سرطان الأطفال, فطلب منه أحد الحاضرين أن يخبرهم بأفضل فكرة استثمارية لديه فاستجاب له, وسرد الأسباب التي دفعت شركته جرين لايت لبيع نصيبها في إحدى الشركات الأخرى التي كانت رائدة في مجال الاستثمارات المالية.
أكد ديفيد أن سعر سهم هذه الشركة سينحدر لأن الشركة تعاني مشكلات متعددة، كما أنها كانت تعاني الفساد المحاسبي. كانت المحاضرة مؤثرة للغاية، حتى أنه في اليوم التالي تأثرت عمليات التداول لأسهم هذه الشركة في البورصة تأثرا كبيرا. فقد عرض عدد هائل من مالكي أسهم هذه الشركة أسهمها للبيع، حتى أن نظام التداول الإلكتروني في البورصة لم يتمكن من متابعة عمله بطريقة عادية.
نتج عن هذا جدال واسع النطاق، حيث هاجمت شركة الاستثمارات المالية ديفيد وأخذت تنشر الأكاذيب حول موقفها المالي. لم تحاول لجنة مراقبة عمليات البورصة بحماية المستثمرين ومراجعة الوثائق التي قدمها ديفيد لدعم ادعاءاته، وإنما فضلت التحقيق معه بتهمة التلاعب في الأسهم.
وخلال ست سنوات تالية تضخمت المشكلة بموافقة لجنة مراقبة عمليات البورصة لهذه الشركة على أكثر من عشرة عروض أسهم إضافية جعلتها تجمع أكثر من مليار دولار من المستثمرين الجدد. لم تمنع التحقيقات والأكاذيب اللتان نشرتهما الشركة ديفيد من الاستمرار في التنقيب عن الحقيقة، واكتشف أن سلوك هذه الشركة كان أسوأ من توقعاته، فكان أن قرر كتابة هذا الكتاب للدفاع عن الحقائق التي اكتشفها وتكذيب ادعاءات هذه الشركة وكشف تلاعبها.
وصفحة تلو الأخرى يصطحب الكتاب القراء في جولة واسعة في عالم البورصة الأمريكية، كاشفا حقيقة ما يدور وراء الكواليس من عمليات التلاعب والممارسات غير القانونية التي يلجأ إليها عدد من الشركات لتحقق أرباحا غير مشروعة في أسواق الأسهم.
كما يكشف الكتاب الصعوبات التي تمنع الحكومة من فرض الجزاءات على الشركات المتلاعبة، خاصة تلك التي ترتبط سياسيا بالحكومة، ما يجعل تكرار فضيحة شركة إنرون أمرا غير مستبعد.
يستعرض الكتاب أوجه القصور في البورصة الأمريكية فيما يتعلق ببنوك الاستثمار، المحللين، والصحافيين، وبوجه خاص التشريعات الحكومية المتعلقة بالأسواق المالية. وفي النهاية يدعو الكتاب لإعادة الفعالية لعملية فرض القانون وحرية التعبير.
ترجع أهمية هذا الكتاب إلى كشفه لأوجه الفساد في النظام المالي الأمريكي في وقت يتعرض فيه الاقتصاد الأمريكي إلى حالة من التراجع لم يعد مجديا معها الإنكار. وفي وقت يترقب فيه العالم ما سيحدث من مستجدات على الساحة السياسية الأمريكية كنتيجة لهذا التراجع، وتأثيره في النظام العالمي.

الأكثر قراءة