اقتصاديون: الملك حدد سياسة المملكة في إدارتها مواردها النفطية وعلاقتها بالاقتصاد العالمي

اقتصاديون: الملك حدد سياسة المملكة في إدارتها مواردها النفطية وعلاقتها بالاقتصاد العالمي

رسم خادم الحرمين الشريفين في كلمته التي ألقاها أمس أمام المشاركين في اجتماع جدة للطاقة فلسفة المملكة الاقتصادية في إدارتها لمواردها النفطية كأكبر منتج للنفط في العالم، عندما كشف وبصورة محددة أنها لا تقوم فقط على المصلحة الوطنية، إذ يتبعها وبصورة دائمة ومن خلال مبادرة متعددة اهتمام بالاقتصاد العالمي واقتصادات الدول النامية.
وهنا قال لـ"الاقتصادية" أعضاء في لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في مجلس الشورى، إن كلمة خادم الحرمين الشريفين في الاجتماع كشفت وبصورة واضحة أن الأسباب وراء ارتفاع أسعار النفط لا علاقة لها بالإمدادات، وبرهن بالفعل أن السعودية رغم ذلك ملتزمة بإمدادات إضافية في حال كان العالم في حاجة إليها، إلى جانب مبادرات حيوية لدعم المتضررين من حول العالم بارتفاع أسعار النفط.
وبين الاقتصاديون أن المبادرات التي اشتملت عليها كلمة الملك أكدت حرص المملكة الدائم على توازن سوق النفط العالمي، وأن سياستها في هذا الصدد ليست معلنة فقط بل مطبقة، كما أنها رسمت خريطة طريق تتجاوب ومتطلبات الوضع العالمي، والتي منها رصدها مليارات الدولارات لمزيد من الاستثمارات في مجال الطاقة ما يعزز من دورها في الاقتصاد العالمي، وتبرعها بمليارات أخرى لدعم الدول الفقيرة.
وفي هذا الصدد أوضح الدكتور عبد الرحمن الزامل، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في مجلس الشورى السعودي، أن خطاب الملك أكد أن السعودية هي من الدول القليلة التي تهتم بشكل مباشر باقتصادات الدول الأخرى، مشيرا إلى ما اشتملت عليه الكلمة والتي أعطت مصداقية صريحة لرغبة المملكة في استقرار سوق النفط.
وبين الزامل أن خطط المملكة المتعلقة بالاستثمارات النفطية والتي رصد لها مبالغ تبلغ نحو 100 مليار دولار للاستثمار في قطاع النفط، وبناء مصافي جديدة وتعزيز الإنتاج تسهم في تعزيز هذه المصداقية.
وقال " على الرغم من كل ما تقوم به السعودية على مدى السنوات الماضية، إلا أنها لم تجد التقدير الملائم من المستهلكين الرئيسين في العالم، وإنما يطلبون المزيد دون أن يفعلوا هم شيئا ملموس".
وتابع الدكتور الزامل" إن تأكيد الملك على أن الفقير هو المتضرر الرئيس من هذا الارتفاعات في أسعار الطاقة، واقتراحه إنشاء صندوق يقوده البنك الدولي، وقدمت المملكة نصف قيمة هذا الصندوق كقروض ميسرة، وإبدائه استعدادا برفع الإنتاج، هي خطوات عمليه، فيما الآخرون يتحدثون ويقدمون النصائح فقط".
وذكر الزامل أن الاجتماع قام بوظيفته لكشف الأوراق أمام العالم، وأضاف" الجميع يعلم ألا علاقة لـ "أوبك" بالتنامي المتسارع لأسعار النفط
وأن السعودية تلتزم وتضع أموالها أمام التزاماتها ونذكر هنا أنه عندما طلب صندوق الأمم المتحدة للغذاء قبل أسابيع مساعدة عاجلة تبلغ 900 مليون دولار بادرت السعودية بالتبرع بأكثر من نصفها، فيما ألزمت بقية الدول واستجديت أخرى لإتمام المبلغ".
من ناحيته، بين المهندس أسامة محمد مكي كردي، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في مجلس الشورى، أن مبادرة المملكة باقتراح صندوق لمعالجة أثر ارتفاع أسعار النفط في الدول الفقيرة، تأتي لتؤكد عادة السعودية وخادم الحرمين الشريفين في الاهتمام بما يحدث للعالم، وتأكيدا لأثرها المباشر في الاقتصاد العالمي.
وقال" إن تقديم المملكة 500 مليون ريال يؤكد اهتمام المملكة بتنمية الدول الأقل نموا خصوصا وأنها تبرعت في وقت سابق بنحو 300 مليون دولار لصندوق الطاقة التابع لـ "أوبك"، ولصندوق الغذاء العالمي بـ 500 مليون دولار، وهي مبادرات جعلت المملكة تتصدر قائمة أكبر الدول المانحة في العالم، إذ تتجاوز تلك المساعدات 4 في المائة من دخلها القومي".
وزاد كردي" مجرد عقد المؤتمر هو تأكيد والتزام بحرص السعودية على أسواق النفط العالمية وأمن الطاقة، ومن المعروف أن السعودية رصدت أخيرا 90 مليون دولار لزيادة إنتاجها في العام 2009 إلى نحو 12.5 مليون برميل نفط يومي".
وبين كردي أن كل تلك المواقف جاءت لأن السعودية تعلم أن هناك تخوفا من قبل المستهلكين حول مستقبل النفط العالمي، نتيجة تراجع الإنتاج في بعض الدول المنتجة مثل المكسيك وأمريكا وغيرها، مشيرا إلى أن المملكة تدعم أيضا برامج الأبحاث والتطوير وزيادة مستوى استخدام الطاقة على مستوى العالم، وهو ما تتردد دول أخرى في القيام به كما هو الحال في رفض الكونجرس الأمريكي فتح المجال أمام استكشاف النفط في ألاسكا والبحار الأمريكية.
وأضاف" نتوقع أن تقوم دول أخرى بإجراءات مماثلة، يمكن من خلالها رسم مستقبل الطاقة العالمي والحد من تداعيات ارتفاع أسعار النفط على الاقتصاد الدولي".
في المقابل رأى مطشر المرشد، خبير اقتصادي، أن كلمة الملك في اجتماع جدة أكدت مبدأ المملكة القاضي في التعامل بمسؤولية ذاتية أمام المجتمع الدولي، موضحا أن الكلمة أكدت على أن السعودية تنتهج سياسة ثابتة تتمثل في توفير أسعار عادلة ومقبولة بين المنتجين والمستهلكين.
وقال المرشد" موضوع النفط أمر يهم كل سكان العالم، وبما أن السعودية ـ وبفضل من الله ـ هي من أكبر المنتجين لهذه السلعة، فإنها تتعامل بصورة مثالية وداعمه لكل ما من شأنه دفع النمو الاقتصادي العالمي نحو الأمام ورفاهية المجتمع الدولي".
وأوضح المرشد أن مبادرات السعودية في كلمة الملك أمس دليل حسي على حرصها على استقرار الاقتصاد العالمي، وأعادت بشكل مؤكد أهمية دورها في الاقتصاد الدولي.
وتابع" عندما تحدثت السعودية عن قدرتها على رفع الإنتاج وتأمين حاجات العالم من الطاقة فهي ترسل رسالة اطمئنان للأسواق العالمية".
ونوه المرشد إلى أن الملك لم يغفل أيضا أهمية تلك السلعة للاقتصاد الوطني وحرصه أيده الله على استغلالها في تنمية المجتمع السعودي، وقال" حرص الملك في كلمته على أن يبين للجانب الآخر وهي الدول الصناعية والمستهلكة أن هناك أسبابا أخرى وراء الأزمة كالمضاربة والغموض الذي يكتنف تداول هذه السلعة، وعلى تلك الدول تحمل مسؤولياتها في هذا الصدد".
وختم المرشد مشاركته بالتأكيد على أن الملك حرص في اجتماع جدة ومنذ الإعلان عنه أن يعزز من مبدأ التعامل بشفافية ووضوح مع مشكلة ارتفاع أسعار النفط، ما يسهم في استمرار النمو الاقتصادي العالمي.

الأكثر قراءة