تقرير: نصف المشاريع المبتدئة في الإمارات حليفها الفشل
أكد تقرير متخصص حديث أن نتائج مسوحات ودراسات عديدة أجريت في الإمارات أظهرت ارتفاعاً غير اعتيادي في حالات فشل مؤسسات الأعمال المبتدئة على الرغم من إحراز تطورات ملموسة خلال السنوات القليلة الماضية على صعيد الدعم الموجّه لهذه الأعمال من قبل مؤسسات رسمية وشبه رسمية مثل صندوق خليفة ومؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، خصوصاً في مجالات تستهدف رفع المهارات والدعم المالي.
ولفت التقرير الذي أصدره أمس مجلس أبو ظبي للتطوير الاقتصادي بعنوان "المشاريع المبتدئة الصغيرة .. أسباب الفشل وعوامل النجاح" إلى أن نسبة فشل المؤسسات الصغيرة تزيد في الغالب على 50 في المائة وقد تصل إلى 70 في المائة، والسبب الذي يقف وراء حقيقة فشل هذه المشاريع هو أن مؤسسات الأعمال الوليدة غالباً ما تجد نفسها وحيدة في بيئة غير مواتية وعليها أن تتنافس فيها مع الكبار من أجل البقاء والاستمرار.
وأشار التقرير إلى أن نسبة الفشل تلك تتباين من بلد إلى آخر حسب طبيعة ومواءمة الظروف المحيطة بالأعمال الجديدة ودرجات الدعم والرعاية المتوافرة لهذه الأعمال ومستويات النمو والتطور والتنويع الاقتصادي وما تتيحه من فرص استثمارية وكذلك حسب مستويات الوعي بالاستثمار والتعليم لدى شريحة المستثمرين ورواد الأعمال.
وبين التقرير أن المسوحات كشفت أن حالات الفشل المرتفعة قد تسببت في انتشار خوف حقيقي من البدء بمشاريع جديدة في أوساط واسعة من المستثمرين المحتملين الأمر الذي انعكس سلباً على الاستثمار في القطاعات الإنتاجية.
وأكد التقرير أن النهوض ببيئة الأعمال الجديدة في الإمارات يتطلب تضافر جملة من العوامل والحوافز والجهود التي تصب جميعها في زيادة الوعي الاستثماري وتسليح أصحاب المشاريع الجديدة بالمعارف والخبرات وتوفير الدعم المادي للمشاريع والوقوف من كثب على جملة أسباب فشل المشاريع من أجل تذليلها، إضافة إلى معرفة عوامل النجاح من أجل تعميمها ونشرها.
ولفت إلى أن ثمة أسبابا عديدة ومتنوعة تقف وراء فشل المشاريع الجديدة في الإمارات يتأثر بعضها بأسباب خارجة عن سيطرة أصحابها ويعود بعضها الآخر إلى عوامل تقنية وإدارية وبعضها أسباب عامة يمكن أن نجدها في عديد من البلدان الأخرى وبعضها الآخر ذو سمة خاصة تعود إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة في الإمارات.
وأكد المجلس أن أول هذه الأسباب يتمثل في اختيار المشروع الخاطئ حيث غالباً ما ينجرف كثير من أصحاب أفكار المشاريع الجديدة إلى اعتقادات وممارسات خاطئة تقودهم إلى تأسيس مشاريع غير متناسبة مع اتجاهات النمو والاستثمار القائمة، وأن بعضاً من رواد الأعمال يساورهم تصور غير واقعي يقوم على الاعتقاد بأن مشاريعهم ستنجح لمجرد أنهم يعشقون الفكرة التي دفعتهم لإنشاء المشروع من دون دراسة حتى أبسط التحديات والعقبات التي تواجه المشروع في المستقبل.
ولفت التقرير إلى أن بعض أصحاب المشاريع الصغيرة يهملون أهمية وضع خطة عمل أو إجراء دراسة جدوى مستفيضة ومعمقة تعتمد على معلومات ومعطيات دقيقة بشأن السوق، مؤكداً أن فكرة المشروع لوحدها تبقى ناقصة من دون الإلمام الكافي بأوضاع السوق ووضع خطة مفصلة بشأن طبيعة واستراتيجية المشروع.
وأشار التقرير إلى سبب آخر للفشل يتمثل في ضعف الخبرة الإدارية لصاحب المشروع, حيث يتعين على صاحب المشروع الجيد أن يركز أولاً على خطة العمل المعدة وعدم الانحراف عن هدف المشروع الأساسي وأنه لا يمكن لأي مشروع سواء كان كبيراً أو صغيراً أن ينجح من دون إدارة مالية كفؤة تأخذ بنظر الاعتبار حركة الأصول وتقديم الخدمات ووضع المخزونات اعتماداً على سجلات مالية علمية.
ونوه التقرير إلى أن السبب الثالث لفشل المشاريع الصغيرة يتمثل في استنزاف المشاريع رؤوس أموالها خلال مرحلة التأسيس بسبب الإنفاق الباهظ على بنود غير جوهرية الأمر الذي يؤدي بالمشروع إلى مواجهة العجز المالي في مراحله اللاحقة، ويعود الفشل في بعض الأحيان إلى غياب القدرة على تحديد السوق المناسبة للمشروع عبر تأمين قاعدة كافية من الزبائن الدائمين لمنتجات وخدمات المشروع.
ولفت إلى أن هناك حالات عديدة من الفشل ترجع إلى ضعف التسويق والترويج للمنتج أو الخدمة أو عدم كفايتهما أو توجيههما إلى الأسواق والزبائن غير المستهدفين الأمر الذي يتطلب من أصحاب المشاريع معرفة كيفية تحديد سوق المشروع والتعامل مع الزبائن على أسس حديثة.
وأشار التقرير إلى أن أصحاب المشاريع الجديدة غالباً ما يركزون على إدارة وتنفيذ المهام اليومية مما يحصر تركيزهم في نطاق ضيق لا يأخذ بنظر الاعتبار التغيرات والأحداث وربما الفرص المتاحة الأمر الذي يتطلب دراسة التجارب القائمة والأخذ بنصائح الآخرين والاطلاع على أفضل الممارسات لضمان نجاح المشروع.
وأوضح التقرير أنه رغم الإدراك المتنامي في الإمارات لأهمية المشاريع الجديدة بالنسبة إلى الاقتصاد وضرورة رعايتها وتوفير مقومات النجاح أمامها إلا أن البيئة المحيطة بتأسيس ونشاط تلك المشاريع لا تزال قاصرة وبحاجة إلى كثير من أجل النهوض بها حتى تصبح بيئة مناسبة ومشجعة للمشاريع الصغيرة والجديدة.
وأكد أن دور النظام المصرفي في تمويل المشاريع الجديدة لا يزال محدوداً إن لم يكن غائباً وذلك بسبب إهمال المصارف لهذا الجانب الحيوي من النشاط وتركيزها على تقديم القروض الشخصية والاستهلاكية على حساب تمويل مؤسسات الأعمال وهو عكس ما هو موجود لدى الاقتصادات المتقدمة حيث تؤدي المصارف الحاضنة والصناديق الاستثمارية دوراً أساسيا في نشأة المشاريع الجديدة من خلال مختلف الآليات والخدمات التي تقدمها لها.