ماذا سيقول المنتجون والمستهلكون أمام اجتماع جدة؟
بعد قرن من النفط الرخيص الذي كان أهم ما أسهم في تطور الصناعات ومستوى الحياة فيما يسمى اليوم الدول المتطورة، يمر العالم اليوم في منعطف مهم وقد يكون مصيرياً لصناعة الطاقة والنمو الاقتصادي العالمي وديمومة الفجوة بين الدول المتطورة والنامية من حيث المستوى المعاشي والاكتفاء الذاتي.
بعد أن استمرت أسعار النفط الخام عندما كانت تحددها شركات النفط الكبرى (الأخوات السبع) بمستويات متدنية تفوق تكلفة الإنتاج بقليل للحد مما تدفعه هذه الشركات صاحبة الامتيازات النفطية إلى الدول مالكة الثروات النفطية مقابل استنزاف ثرواتها الناضبة ـ تسلمت منظمة الأوبك مهمة تسعير نفوطها مطلع سبعينيات القرن الماضي.
بعد إجراءات المقاطعة النفطية العربية (1973 - 1974) ارتفعت الأسعار، واعتبرت تلك الصدمة السعرية الأولى، وبعد تشكيل منظمة الطاقة الدولية كند لمنظمة الأوبك، وتسابق أعضائها لبناء الخزين الاستراتيجي استمرت الأسعار في الزيادة بسبب تصاعد الطلب بصورة غير مسبوقة جاءت الصدمة السعرية الثانية سنة 1979 مع الثورة الإسلامية في إيران.
حرصت منظمة الأوبك على أن يكون تسعير نفوطها واقعياً ومتماشياً مع الأسعار السائدة في الأسواق الحرة، وفي الوقت ذاته المحافظة على القوة الشرائية لقيمة برميل النفط بتعديل الأسعار للتعويض عن الخسارة بسبب التضخم وكذلك انخفاض قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية الأخرى.
شهد النصف الأول من الثمانينيات انهيار الأسعار بسبب زيادة العرض على الطلب بسبب توقف الشراء للخزين الاستراتيجي وتزايد الإنتاج من حقول بحر الشمال وألاسكا وغيرها، التي لم تكن لتتطور لولا ارتفاع الأسعار في السبعينيات. انكماش الطلب على نفوط "الأوبك" أدى إلى خفض إنتاجها من 31 إلى 14 مليون برميل في اليوم وأدى إلى تخليها عن تسعير النفط، ودخلت ما سمي في حينه "معركة الأسعار وحصة السوق"، الأمر الذي أدى إلى انهيار الأسعار وتحول دول "الأوبك" من دول فائض مالي إلى دول مدينة.
أدى انخفاض الأسعار إلى خسارات كبيرة لكل منتجي النفط وعلى الأخص في الحقول عالية التكلفة خارج دول "الأوبك"، وكذلك إفلاس العديد من البنوك وبيوت المال التي مولت عمليات الاستكشاف والإنتاج مفترضة ديمومة أسعار السبعينيات المرتفعة، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التدخل لجعل "الأوبك" تتخلى عن سياسة إغراق الأسواق.
بعدها اعتمدت منظمة الأوبك مطلع 1987 سعر 18 دولارا للبرميل كمعدل لسلة نفوطها، وبالرغم من عدم تحقيقها هذا السعر في مبيعاتها رفعته في تموز (يوليو) 1990 إلى 21 دولارا للبرميل، واعتماد ميكانيكية تغيير الإنتاج صعوداً ونزولاً لتحقيق ذلك السعر لسلة نفوطها في السوق الحرة.
في آذار (مارس) 2000 اعتمدت "الأوبك" 18 - 28 دولارا للبرميل كإطار سعري لسلة نفوطها مع الاستمرار في العمل بميكانيكية رفع وتخفيض سقفها الإنتاجي لإبقاء الأسعار ضمن حدود الإطار السعري، واستمر العمل بذلك لغاية 2005 عندما انفلتت الأسعار ولم يعد هناك لزيادة إنتاج "الأوبك" من جدوى في إيقاف أو حتى الحد من التصعيد السعري الذي فرضته المضاربات والمراهنات في أسواق النفط الورقية التي أتخمتها الأموال الهائلة التي غزتها بعد انهيار أسواق العقارات واستمرار الاضطرابات وعدم الاستقرار في البورصات، الأمر الذي حول أسواق النفط المستقبلي من أسواق تجارة وأداة لاستكشاف الأسعار إلى أسواق استثمارية.
واليوم تشهد أسواق النفط أسعاراً تفوق ستة أضعاف ما كانت عليه سنة 2002، وأن الأشهر الخمسة الأولى من هذه السنة شهدت 40 في المائة زيادة في الأسعار.
الاتهامات المتبادلة
بكل تأكيد الزيادة في الأسعار منذ مطلع القرن الحالي، وعلى الأخص منذ مطلع 2003 هي استثنائية من حيث الكم والسرعة، ولعدم إمكانية تفسيرها أو تبريرها استناداً إلى الأساسيات المعروفة والمعتمدة ليس بالنسبة للنفط فقط، وإنما لكل السلع المتاجر بها عالمياً، ومن أهم هذه الأساسيات التوازن بين العرض والطلب.
بالنسبة للطلب على النفط الذي كان نحو مليوني برميل في اليوم مطلع القرن الماضي هو الآن أكثر من 85 مليون برميل، وذلك بسبب ازدياد سكان الكرة الأرضية من 1.7 مليار إلى سبعة مليارات، وزيادة استعمال النفط ومنتجاته للصناعات والنقل بأنواعه، وكذلك الإسراف والهدر لثروة ناضبة بسبب تدني أسعارها لأكثر من قرن من الزمن.
وبالرغم من أن الزيادة في الطلب على النفط كانت تدريجية لمعظم القرن الماضي شهد القرن الحالي طفرات في الطلب في بعض المناطق، وعلى الأخص في الدول ذات التعداد السكاني العالي كالصين والهند، التي تشهد نمواً اقتصادياً استثنائياً، وفي الوقت ذاته استمرت التجهيزات الطاقوية في النمو لإبقاء التوازن بين العرض والطلب.
ترى منظمة الأوبك أن الأساسيات كالعرض والطلب لا تبرر الزيادات في الأسعار التي سادت أسواق النفط أخيرا، وقد يكون من الممكن تبرير بعض الزيادات وليس كلها بسبب فقدان الدولار الأمريكي ـ عملة تسعير النفط ـ نحو 50 في المائة من قيمته وزيادة التكلفة بصورة عامة وبالتالي التضخم .
وتؤكد "الأوبك" أن معظم الزيادة في الأسعار بسبب المضاربات اللا مسؤولة والتهويل الإعلامي والتشكيك بخصوص الطاقات الإنتاجية الاحتياطية وحجم الاحتياطيات النفطية للدول المنتجة والمصدرة للنفط.
أما الدول المستهلكة وعلى الأخص الصناعية المتطورة منها، فتلوم "الأوبك" لعدم زيادة الإنتاج، أي خلق فائض في السوق ولعدم الاستثمار في طاقات إنتاجية إضافية دون تطرقها إلى أنها المستفيد الأكبر من زيادة الأسعار عن طريق الضرائب التي تجنيها، التي تفوق أحيانا نصف ما يدفعه المستهلك لوقود السيارات مثلاً، في حين أن دخل منتج النفط لا يتجاوز ربع ذلك مع تحمل المنتج تكاليف الاستثمار والإنتاج ونقل وتحميل النفط، إضافة إلى استنزافه ثروة ناضبة.
تؤكد دول "الأوبك" أنها تستثمر في طاقات إضافية وبتكلفة رأسمالية متزايدة، وأنها مستعدة لتستثمر أكثر إن ضمنت لها الجهات المستهلكة استغلال تلك الطاقات، فمثلما يطلب المستهلكون ضمان الإمدادات يطلب المنتجون ضمان الأسواق.
الجدير بالذكر أن الأسعار المرتفعة تسببت في انخفاض الطلب الآني، وكذلك توقعات نمو الطلب للسنة المقبلة 2009، الذي أصبح الآن 800 ألف برميل في اليوم، وهو نصف ما كان متوقعاً بداية السنة الحالية.
مؤتمر جدة
بعد استمرار معظم النقاش وتبادل الاتهامات بين المنتجين والمستهلكين عبر وسائل الإعلام منذ بداية أزمة الأسعار الحالية قررت المملكة العربية السعودية ـ أكبر منتج بين دول "الأوبك" ـ الدعوة إلى اجتماع يضم المنتجين والمستهلكين وعدد من المعنيين من شركات وبنوك ومؤسسات تجارية يعقد يوم 22 حزيران (يونيو) الحالي في مدينة جدة.
وحسبما جاء في التصريح الرسمي السعودي يهدف الاجتماع إلى مناقشة زيادة الأسعار وأسبابها وكيفية التعامل مع ذلك موضوعياً. أما سكرتير عام منظمة الأوبك فقد نقل عنه أن الاجتماع سيبحث العرض والطلب والمضاربات ودور صناديق الاستثمار في السوق، حيث اعتبر الصناديق والمضاربين جزءاً من السوق ولا بد من وضع ضوابط لهما.
رحبت معظم الدول المستهلكة والمنتجة بالمبادرة السعودية، وأكدوا على ضرورتها وجدواها، حتى أن رؤساء بعض الدول أعربوا عن استعدادهم للمشاركة الشخصية قبل أن تعلن المملكة أن الاجتماع سيكون على مستوى الوزراء.
الجدير بالذكر أنه في منتدى الطاقة الدولي الحادي عشر الذي عقد في روما في 22 نيسان (أبريل) الماضي شارك معظم المتوقع دعوتهم إلى اجتماع جدة، وتم في المنتدى مناقشة معظم ما سيكون على جدول أعمال اجتماع جدة، هذا بالرغم من كون منتدى الطاقة الدولي هو تجمع تشاوري ولا يتخذ أي قرارات.
إن دعوة المملكة السعودية لهذا الاجتماع تعكس دون شك اهتمامها المتزايد بالحد من ظاهرة انفلات الأسعار وما يسببه ذلك من أضرار للاقتصاد العالمي ومصالح الدول المنتجة في المستقبل.
وبالرغم من تأكيد المملكة وبقية دول منظمة الأوبك عدم وجود أي شحة في الأسواق استمرت الضغوط السياسية لزيادة الإنتاج، وعليه فإن الدعوة لاجتماع جدة خطوة في الاتجاه الصحيح لطرح مبدأ مشاركة كافة الأطراف، وتوزيع الأعباء والتضحيات المطلوبة لحل المشكلات القائمة وتجنب تكرارها في المستقبل، مع التأكيد على ضرورة زيادة الشفافية للخطط الطاقوية لتتمكن "الأوبك" وغيرها من مالكي الاحتياطيات من التخطيط والاستثمار للإيفاء بالتزاماتهم لتوفير إمدادات الطاقة في المستقبل.
من المفيد أن نذكر أنه بسبب القوانين الأمريكية والتحقيقات الجارية من قبل الكونجرس الأمريكي ولجان أخرى بصدد الاتجار في البورصات وصناديق الاستثمار قد لا يحضر اجتماع جدة عدد من المنوي دعوتهم من الشركات والبنوك والمتاجرين، الأمر الذي سيضعف النقاش عن المضاربات ودور صناديق الاستثمار، وهو ما يعده كثيرون بيت القصيد لاجتماع جدة.
المواقف المتوقعة
دول "الأوبك" والمنتجون الآخرون سيصرون على مواقفهم المعلنة سابقاً مؤكدين على:
1. ليس هناك عجز في العرض، وسيؤكد بعضهم عدم إمكانيتهم بيع كل إنتاجهم.
2. لوم المستهلكين لعدم بناء مصاف متطورة وكافية، وفي الوقت ذاته وضع مواصفات قاسية تزيد الطلب على النفوط الخفيفة قليلة الكبريت والمعادن، مما يرفع أسعارها لندرتها النسبية مسببة رفع أسعار النفوط الأخرى.
3. الضرائب العالية واعتمادها كنسبة من الأسعار دون سقف، الأمر الذي يزيد من معاناة المستهلكين مع ارتفاع الأسعار.
4. عدم شفافية خطط المستهلكين وبالتالي صعوبة تخطيط "الأوبك" لاحتياجاتها المستقبلية للطاقة الإنتاجية والاستثمارات المطلوبة.
5. الارتفاع الهائل في تكاليف الاستثمار سواء للطاقات الإنتاجية أو غيرها من المرافق النفطية.
أما الدول المستهلكة فإنها ستؤكد على:
1. ضرورة زيادة الإنتاج للضغط على الأسعار.
2. ضرورة الاستثمار في طاقات إنتاجية إضافية، وكذلك زيادة الشفافية حول الاحتياطيات للحد من القلق لدى المستهلكين، وهو أحد عوامل الزيادة في الأسعار.
3. فتح الأراضي للمستثمرين الأجانب كأسلوب لضمان الاستثمارات في طاقات إضافية.
القرارات الممكنة
من حيث المبدأ اجتماع جدة هو اجتماع تشاوري، وفي الوقت الذي لا يوجد ما يمنع المشاركين من طرح ومناقشة أي موضوع ليس بالإمكان اتخاذ أي قرار ملزم للجميع، وقد تصدر توصيات مختلفة ولكل دولة ومنظمة التعامل معها حسب قوانينها وأنظمتها الداخلية، فقرار زيادة إنتاج دول "الأوبك"، على سبيل المثال، يتطلب قراراً من مؤتمر وزاري عادي أو استثنائي.
فقرة الإنتاج
سيطرح المستهلكون ضرورة زيادة الإنتاج لخلق فائض، الأمر الذي سيدفع المضاربين للحد من موجوداتهم، وبالتالي انخفاض الأسعار. وفي المقابل سيطرح المنتجون أن السوق مشبع وتتوافر لدى بعضهم كميات غير مباعة.
هذا وسيبدي المنتجون تخوفهم من زيادة الإنتاج الذي قد يؤدي إلى تسابق المضاربين لبيع موجوداتهم، الأمر الذي قد يؤدي إلى هبوط حلزوني للأسعار وبزخم قوي قد يسبب إرباكاً كبيراً في الأسواق النفطية والمالية.
في جميع الأحوال ولكون معظم الدول تنتج بطاقاتها القصوى قد تقرر السعودية ـ التي قد تكون الوحيدة بطاقة إنتاجية إضافية حتى وإن كانت لأجل محدود ـ زيادة إنتاجها كإجراء للعلاقات العامة، وتعبيراً عن حسن النية بالرغم من قناعتها بعدم جدوى الإجراء. قرار السعودية إن اتخذ سيتطلب من حيث المبدأ قراراً من "الأوبك" ولكن الظروف الاستثنائية لها أحكامها.
فقرة المضاربين
بالرغم من قناعة الجميع بتأثير المضاربات في الأسواق الورقية على الأسعار ليس هناك اتفاق على حجم هذا التأثير، خاصة بعد زيادة الأموال المستثمرة في أسواق النفط بعد انهيار سوق العقار، وارتباك البورصات عموماً لدرجة أن ما دخل السوق من أموال إضافية خلال الربع الأول من السنة الحالية 2008 فقط بلغ 70 مليار دولار حسبما جاء في تقرير الاتحاد الأوروبي.
مهما كان تأثير المضاربين وصناديق الاستثمار يبقى السؤال: هل هناك من طريقة قانونية لمنع نشاطهم أو على الأقل الحد منه أو تنظيمه؟ إن منعوا في نيويورك أو لندن، فما الذي يمنعهم من التعامل في بورصات أخرى أو التعامل إلكترونياً عن طريق الإنترنت.
السؤال المهم: هل كل هذه العمليات قانونية وذات شفافية كاملة يسهل معها مراقبتها وتأمين ضوابط لعملها؟
كل ما ممكن اتخاذه من قرار في جدة هو زيادة التحريات عن المضاربات واستثمارات الصناديق المالية في سوق الطاقة، وقد يقترح قيام الأمم المتحدة أو إحدى منظماتها العمل على إبرام اتفاقية دولية تحد من المضاربات ذات التأثير السلبي في الاقتصاد العالمي والشعوب الفقيرة أو ما شابه ذلك من إجراءات كنس النفايات تحت السجاد.
فقرة الأسعار
قد يكون موضوع الأسعار هو الأكثر وضوحاً واهتماماً من المشاركين في اجتماع جدة، ولاسيما أن ارتفاع الأسعار دون ضوابط هو المبرر للدعوة للاجتماع.
كان ترك تحديد السعر إلى السوق الحرة مطلباً مركزياً للمستهلكين كلما توافر الفائض النفطي وانخفضت الأسعار إلا في حالات انخفاض السعر إلى دون مستويات تكلفة الإنتاج خارج "الأوبك"، كما حصل عام 1986، واليوم يطالب المستهلكون بتوفير فائض لكي تنخفض الأسعار ولكن ليس لدى المنتجين من طاقات إنتاجية تمكنهم من خلق الفائض المطلوب.
وعليه ليس هناك ما يكفي من الإنتاج الإضافي لخفض الأسعار بسرعة، وليس هناك إمكانية لإيقاف المضاربات أو إخراج صناديق الاستثمار من السوق فلم يبق سوى العودة إلى تثبيت الأسعار.
اعتماد "الأوبك" الإطار السعري 22 - 28 دولارا اعتباراً من منتصف 2000 وتغيير الإنتاج بالزيادة أو التخفيض لجعل الأسعار في السوق الحرة ضمن الإطار السعري كان أقرب ما يكون لتثبيت الأسعار، والفرق هو بين تحديد سعر واحد أو استهداف سعر ضمن إطار ضيق محدد مسبقاً، وقد تكون العودة لمثل هذا الترتيب الحل الممكن للأزمة الحالية، شريطة توافر طاقات إنتاجية إضافية تضمن التنفيذ.
كان المعدل للمدى السعري المعتمد 22 - 28 دولارا للبرميل 25 دولارا للبرميل وهو ما تقرر في آذار (مارس) 2000.
وبقبولنا بأن ما حدث بالنسبة لسوق النفط هو تغيير هيكلي كانت إحدى نتائجه رفع أرضية مستوى الأسعار، التي كان معدلها 25 دولارا للبرميل منتصف 2000 إلى مستوى جديد يعكس الزيادة الكبيرة في تكلفة الاستثمار والإنتاج بسبب التضخم العالمي، وبالذات المستورد إلى الدول المنتجة، وكذلك التغير الكبير في قيمة الدولار الأمريكي - عملة تسعير النفط . النتيجة المستهدفة هي المحافظة على القوة الشرائية لبرميل النفط بالتعويض عن التضخم وتغيرات قيمة عملة تسعير النفط.
باعتماد الأرقام والمعلومات المتوافرة عن التضخم وتغير قيمة الدولار مقابل اليورو ومقابل سلة عملات "الأوبك" لاحتساب السعر الاسمي للنفط للمحافظة على القوة الشرائية لمعدل السعر المعتمد في آذار (مارس) 2000 (25 دولارا للبرميل) كانت النتائج:
* 53 دولارا للبرميل باعتماد التضخم العالمي وسلة عملات "الأوبك".
* 59 دولارا للبرميل باعتماد التضخم في الدول المنتجة وسلة عملات "الأوبك".
* 75 دولارا للبرميل باعتماد التضخم في الدول المنتجة والدولار مقابل اليورو.
ومعدل هذه الأرقام هو نحو 62 دولارا للبرميل، الذي يعني أنه لو أرادت الدول المنتجة المحافظة على القوة الشرائية لقيمة برميل النفط على ما كانت عليه في آذار (مارس) 2000 ينبغي أن يكون المعدل للإطار السعري الجديد أكثر من 60 دولارا للبرميل.
وهنا قد يكون من المفيد أن نذكر أن السيد تاكاو كيتاباتا نائب وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني قال يوم الإثنين 9 حزيران (يونيو) 2008:
"إن الأساسيات في سوق النفط اليوم تسند سعر النفط الخام بحدود 60 دولارا للبرميل، أي نصف ما عليه الآن".
وعليه قد يكون الحل في عودة "الأوبك" إلى اعتماد أسلوب الإطار السعري بمعدل يتفق عليه وزراء "الأوبك"، مع الأخذ في الاعتبار مصلحة المنتجين الآخرين.
ومن الضروري أن يعتمد مبدأ تعديل مستوى الإطار السعري دورياً للحفاظ على القوة الشرائية للبرميل من تآكلها بالتضخم وضعف العملة.
وقد يكون من المهم أيضا التأكيد على ضرورة توفير طاقات إنتاجية إضافية قادرة على تحريك السوق عند استغلالها، وإلا قد يكون من الصعب التحكم في الأسعار أو توجيهها.
في الختام لا بد من التأكيد على أن خيارات اجتماع جدة محدودة، ويجب عدم توقع حل أو حلول سحرية تعيد سوق النفط إلى الاستقرار وأسعار منطقية تعطي لكل ذي حق حقه. ومهما كانت التوصيات ومدى التزام الأطراف كافة، بها فإن العلاج سيحتاج إلى بعض الوقت بسبب حجم السوق والعدد الكبير من الأطراف والعوامل المؤثرة فيه، ولكل أجندته وجدوله الزمني وأهدافه والطريق طويل، وهناك أكثر من خريطة له.
* الكاتب عمل رئيساً لمؤسسة النفط العراقية (سومو) 1972-1991، وأمين عام مساعد لمنظمة الأوبك في فيينا 1991-1997، ومنذ 1997 مستشاراً لمعالي وزير الطاقة والصناعة ـ دولة قطر، وما جاء أعلاه يعبر عن آراء شخصية للكاتب.