الدول المنتجة بريئة من حريق أسعار النفط.. والعلة في مصالح المضاربين والضرائب

الدول المنتجة بريئة من حريق أسعار النفط.. والعلة في مصالح المضاربين والضرائب

مع كل زيادة في أسعار النفط العالمية تتجه الأنظار إلى المنطقة العربية نظرا لأن الجزء الأكبر من إمدادات النفط في العالم يخرج من هذه المنطقة.
فالمستهلكون في الدول الغربية والصناعية الكبرى يسارعون في بتوجيه أصابع الاتهام إلى الدول المنتجة للنفط، قائلين إنها قادرة على زيادة الإنتاج بما يساعد على الحد من الارتفاع الصاروخي لأسعار النفط العالمية، في حين يرى آخرون أن أسعار النفط خرجت تماما عن السيطرة وتحتاج إلى ما هو أكثر بكثير من مجرد زيادة الإنتاج لكي تستعيد السوق توازنها.
أما المسؤولون والخبراء في الدول المنتجة للنفط فيرون أن الإمدادات في
الأسواق كافية وأن الأسعار المرتفعة حاليا ليست سوى نتيجة لعوامل لا
علاقة لها بآليات العرض والطلب بقدر ما ترتبط بالمضاربات والظروف
الاستراتيجية والسياسية في العالم.
وانطلاقا من هذه الرؤية أكدت الجزائر رفضها فكرة الزيادة في إنتاجها
النفطي لأنه ليس هناك ما يبرر الإقدام على هذه الخطوة، واستبعد شكيب خليل وزير الطاقة والمناجم ورئيس منظمة أوبك في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن تزيد بلاده ومعها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنتاجهما، موضحا أنه لا توجد حاجة إلى هذه الخطوة خاصة أن العرض يفوق الطلب بمقدار 500 ألف برميل يوميا وأن المخزون لدى
الدول المستهلكة كاف لتلبية الاحتياجات.
وتنتج الجزائر حاليا نحو 1.45 مليون برميل من النفط يوميا.
وأكد خليل أن منظمة أوبك ستدرس السوق النفطية في اجتماعها العادي المقرر في 9 أيلول (سبتمبر) المقبل، مرجحا أن تبقي على سقف الإنتاج لأنها ستتأكد من أن العرض يفوق الطلب.
وأرجع الوزير الجزائري ارتفاع أسعار النفط إلى المضاربة و العوامل
الجيوسياسية خاصة في منطقة الشرق الأوسط والأزمة الاقتصادية في
الولايات المتحدة وتأثيرها في قيمة الدولار.
أما الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الرحمن مبتول فحدد أسباب ارتفاع
أسعار النفط في خمسة عوامل، أولها نمو الاقتصاد العالمي خاصة في الصين والهند وروسيا وتأثيره في زيادة الاستهلاك المحلي لتلك الدول وثانيها
تراجع الدولار أمام اليورو بنسبة 50 في المائة تقريبا منذ عام 2000 علما بأن 90 في المائة من الصادرات النفطية و75 في المائة من حركة التجارة العالمية تتم بالدولار.
وأضاف مبتول أن ثالث هذه العوامل هو الضريبة على استهلاك المحروقات في الدول المتقدمة ثم اختلال الطلب والعرض نتيجة المضاربة وآخر هذه العوامل من وجهة نظر الخبير الاقتصادي الجزائري هو عدم رغبة الشركات المتعددة الجنسيات والولايات المتحدة في سعر برميل نفط "منخفض" لأن ذلك سيؤدي إلى غلق عدد كبير من حقول النفط في تكساس.
أما الخبير الدولي في مجال اقتصاديات الطاقة عبد الحق العميري فيرجع
الأسباب إلى عدم التوازن في العرض والطلب الناجم عن ارتفاع الاستهلاك
لدى الهند والصين بنسبة 10في المائة سنويا وتراجع الاستثمار في تكرير النفط الذي يؤدي إلى زيادة في مخزونات النفط و نقص الوقود.

الجهود والرؤية السعودية

لما كانت السعودية صاحبة الدعوة إلى عقد اجتماع دولي بمشاركة الدول
الكبرى المنتجة والمستهلكة للنفط الأسبوع المقبل في جدة لبحث تداعيات
أزمة سوق النفط العالمية الراهنة فقد كان من المهم استطلاع رأي صناع
القرار "النفطي" في الرياض حيث أكد مصدر نفطي رفيع المستوى وجهة النظر الجزائرية بشأن أسباب ارتفاع الأسعار ومنها "ضعف الدولار واستمرار فرض الدول المستهلكة ضرائب على المحروقات كوسيلة لخفض الأسعار إضافة إلى أسباب جيوسياسية واستمرار المضاربة والاستثمار في أسواق النفط".
وتساءل المصدر في تصريحات لـ (د.ب.أ) طالبا عدم ذكر اسمه: "لماذا نرفع من إنتاجنا لكسب رضا المستهلكين في الوقت الذي تتراجع قيمة الدولار الأمريكي؟" مشيرا إلى تبرع السعودية بمبلغ 500 مليون دولار لدعم برنامج الأغذية العالمي قبيل انعقاد قمة الغذاء في روما أخيرا في إطار مساهمتها في جهود احتواء أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار وآثارها الاقتصادية والسياسية على العالم.
وفي ضوء هذه المعطيات يستبعد المراقبون أن تقدم الدول المنتجة أي تعهدات بزيادة إنتاجها النفطي خلال اجتماع جدة يوم الأحد المقبل رغم أن
السعودية أكبر منتج تعهدت برفع إنتاجها في تموز(يوليو) المقبل في محاولة للحد من أزمة ارتفاع أسعار النفط ورفعت السعودية الإمدادات بالفعل 300 ألف برميل يوميا هذا الشهر لمواجهة الارتفاع القياسي في الأسعار.
ورغم الاعتقاد الراسخ بأن الأسعار الحالية لا تعبر عن حقيقة العلاقة بين
العرض والطلب في الأسواق فإن السعودية تبدو عازمة على بذل كل الجهود الممكنة من أجل خفض الأسعار، حيث يرى السعوديون وبشكل متزايد أن من مصلحتهم الاستراتيجية على المدى الطويل خفض أسعار النفط.
وتضاعفت أسعار النفط في العام الماضي وارتفعت بنسبة 40 في المائة خلال العام الحالي مدعومة بتوقعات بعدم قدرة المعروض على مواكبة الطلب من دول صناعية صاعدة مثل الصين والهند.
ويؤكد المصدر النفطي الخليجي أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد
العزيز "يعتقد أن أسعار النفط الحالية مرتفعة بشكل غير عادي" مضيفا أن الملك على استعداد لإعادة أسعاره إلى مستويات مناسبة.
ورفض المصدر الخليجي اتهام منظمة أوبك على الدوام بأنها السبب وراء
ارتفاع أسعار النفط التي زادت بواقع خمسة أمثال منذ عام 2003 بسبب عدم زيادة إنتاجها وقال: "هذه الأزمة تعود إلى المضاربين ومشكلات التكرير في الولايات المتحدة والتوترات الجيوسياسية.

مصادر إنتاج جديدة

في المقابل، قال دبلوماسي غربي في الرياض لـ (د.ب.أ) إنه لا تيزال هناك
خيارات جيدة للحصول على مصادر إنتاج جديدة ولاسيما إذا ما بدأ التنقيب في خليج المكسيك وسواحل أمريكا على الأطلسي الذي سيمكن من الحصول على قرابة مليوني برميل يوميا، بالإضافة إلى الحصول على إمدادات كبيرة من الغاز الطبيعي.
وأظهرت بيانات حكومية أمريكية أن السعودية هي ثاني أكبر مورد للنفط
الخام إلى الولايات المتحدة في العام الحالي حيث جرى شحن 1.518 مليون برميل يوميا في المتوسط خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام مقابل 1.358 مليون برميل يوميا خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
من ناحيتها، شددت مصادر سعودية على أهمية تجاوب دول أوروبا الغربية مع المساعي السعودية "من خلال خفض الضرائب المقررة على الوقود" مشيرة إلى أن أزمة الطاقة الراهنة "ليست بفعل ضغوط السوق في الأصل وإنما نتيجة فقاقيع المضاربات والتكهنات التي تتحين مثل هذه الظروف ما يعني وجوب أن يضطلع المستثمرون بمسؤولياتهم إزاء معالجة الأسباب التي أدت للأزمة".
وقالت المصادر إن أسعار النفط والغذاء تتأثر بصفة مباشرة بعواقب
التغيرات المناخية من جفاف وسيول وغيرها وتنتظر من العالم التكاتف
لتوفير حلول ناجعة، مؤكدة حرص السعودية على تلبية طلبات زبائنها الذين يراوح عددهم بين 30 و60 بلدا.
في الوقت نفسه أكد المصدر النفطي الخليجي أن اتخاذ المملكة خطوة
الزيادة منفردة ربما يثير بعض الخلافات في صفوف أوبك إذ لا يمتلك معظم الأعضاء في المنظمة القدرة على زيادة إنتاجهم لذا فإن احتمالات إقدام دول أوبك الأخرى على زيادة إنتاجها ليست قوية رغم أن بمقدور المملكة أ تضيف مليوني برميل إلى إنتاجها اليومي إذا شاءت ولكنها تطالب الحكومات المستهلكة في المقابل بأن تخفف الضرائب المفروضة على المحروقات كوسيلة لخفض الأسعار بالنسبة للمستهلكين.
وقال مصدر غربي في الرياض إن "السعودية تعرض فحسب بيع كميات إضافية من خامي العربي الخفيف المتوسط والعربي الخفيف الممتاز في حين تفضل المصافي في تلك المنطقة مزيجا من خاماتها المختلفة".
وتعمل السعودية على بدء الإنتاج من حقل نفط الخرسانية الذي تبلغ طاقته
500 ألف برميل يوميا وسينتج خام "العربي الخفيف".
ورغم أن شركات التكرير الآسيوية تحجم على ما يبدو عن قبول كميات إضافية فوق الكميات الشهرية التي تحصل عليها إلا أن العديد منها ولاسيما في الصين والهند زاد الواردات من نفط الشرق الأوسط على أساس سنوي وهو ما يقلل ضرورة إجراء تعديلات شهرية.
وأظهرت بيانات أن السعودية زادت الصادرات إلى شمال آسيا في الربع الأول بواقع 200 ألف برميل يوميا مقارنة بالربع السابق وبواقع 300 ألف برميل يوميا مقارنة بالفترة ذاتها قبل عام عندما خفضت الإنتاج تمشيا مع سياسة "أوبك".

مصالح المضاربين لا "أوبك"

في العاصمة القطرية الدوحة تظل الأسعار المرتفعة للنفط تثير جدلا وأسئلة بين المستهلكين والمنتجين على السواء في كل أنحاء العالم.
وترى قطر ممثلة في عبد الله بن حمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الطاقة والصناعة أن استقرار السوق هو مسؤولية مشتركة بين المنتجين والمستهلكين.
ويعتبر العطية أن ارتفاع الأسعار وتقلبات السوق ليس في مصلحة المنتجين والمستهلكين ولكنهما يخدمان مصالح المضاربين وحدهم. وفي ضوء الأزمة الراهنة المتمثلة في الارتفاع الكبير في أسعار النفط فقد حمل العطية المضاربين في أسواق النفط المسئولية في الارتفاع الكبير في الأسعار والتي تفوق في تأثيرها كثيرا قوانين السوق الأساسية من العرض والطلب.
وقال العطية "بصفتنا منتجين فنحن نعمل كل ما في وسعنا لمواجهة هذه
المشكلة ونأمل بصدق أن نحصل على تعاون المستهلكين للوصول إلى استقرار السوق بأسعار ذات مستويات معتدلة من شأنها أن تدعم الاستثمار لتوفير النفط طالما وجدت الحاجة إليه".
ويتفق العطية مع وجهات النظر السائدة بين شركاء قطر في "أوبك" بشأن أزمة الأسعار الحالية حيث قال إن هذه الأسباب تتمثل في "الارتفاع غير المتوقع في الطلب من الاقتصاديات ذات النمو الكثيف مثل الهند والصين والانخفاض المتواصل لسعر الدولار والعناصر الجيوسياسية وانخفاض الإمدادات من الدول غير الأعضاء في أوبك والنقص في مصافي التكرير المتقدمة مما زاد من الطلب على النفط الخام عالي الجودة". وأضاف أن "التغطية الإعلامية المتزايدة لنظريات الذروة البترولية والتقديرات المبالغ فيها للاحتياطيات القابلة للاستخراج تتسبب في الاندفاع إلى زيادة المخزونات وتأمين إمدادات مستقبلية".
وقال المسؤول القطري إن ارتفاع الأسعار في ظل قدرة شرائية محدودة لقيمة برميل النفط ليس في مصلحة أحد، مضيفا: " نحن جميعا نحاول التوصل لتلبية الطلب المتزايد ليس فقط في الاستثمار من اجل رفع قدراتنا الإنتاجية بل أيضا بتوفير مصادر طاقة أخرى نظيفة من الغاز في كل أشكاله الممكنة من أجل تقليص ضغط الطلب على الطاقة". وتعمل قطر على رفع إنتاجها إلى أكثر من مليون برميل يوميا وهي أيضا تعزز من إمداداتها من الغاز لكي تصبح أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال والمنتجات الأخرى ذات الصلة على مستوى العالم.
من ناحيته، قال محمد صالح السادة وزير الدولة في وزارة الطاقة والصناعة القطرية لـ (د.ب.أ) إن قطر لا ترى أن هناك نقصا في كميات النفط المعروضة في الأسواق، "لو أن هناك نقصا لرأينا معاناة الدول المستهلكة متمثلة في طوابير أمام محطات ومستودعات النفط".
ومضى السادة إلى القول إن أسباب الارتفاع ناجمة عن المضاربات التي هي سبب رئيس ومؤثر، مشيرا إلى أن "المشكلات الجيو سياسية المحيطة بمناطق الإنتاج وفي مناطق حساسة من العالم تؤثر في الأسعار ولكن بدرجة أقل..لابد من إيجاد حل لهذه المشكلات ونزع فتيل الأزمات، وان الجهد الدولي مطلوب لأجل استقرار الأوضاع السياسية ومعالجة ظاهرة المضاربة حتى تستقر الأسعار".
أما رمزي سلمان مستشار النفط بوزارة الطاقة القطرية فقد قال لـ (د.ب.أ)
إن اجتماع جدة الذي سيجمع بين المنتجين والمستهلكين سيدرس إمكانية زيادة الإنتاج، مشيرا إلى أن الجزائر أعلنت أن لديها كميات غير مباعة من النفط في حين أن كل المنتجين لم ترد إليهم طلبات للنفط مما يعني أن السوق فيها نفط كاف. وأضاف أن ارتفاع الأسعار لابد أن يؤثر في الطلب الذي بدأ في الانخفاض منذ بداية العام.
وقال سلمان إن الاستهلاك ينخفض في كل دول العالم ومعدلات النمو أخذت في التراجع "ولكن بسبب عامل الوقت الفاصل بين شراء النفط الخام وتوزيعه كمنتجات والذي يصل إلى مابين ثلاثة إلى أربعة أشهر يقل الاستهلاك الفردي والصناعي".
ويشير رمزي إلى التكهنات بزيادة الطلب لعام 2009 التي صدرت عن منظمة الطاقة الدولية والتي انخفضت إلى 800 ألف برميل فقط فيما كانت ضعف هذا الرقم في بداية السنة.
وأوضح أن معظم الزيادة في الأسعار كانت خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة وكانت في حدود 40 في المائة. وأضاف أن الأسعار الآن ستة أضعاف ما كانت عليه عام 2002.
وقال رمزي إن الأمر لا يتعلق بكمية المعروض بكل تأكيد، ومضى محذرا من التخوف الفعلي من المستقبل حيث تحولت أسواق عقود النفط المستقبلية من أسواق تجارية إلى أسواق استثمارية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام ودخلت السوق مبالغ هائلة وصلت إلى 70 مليار دولار دخلت أسواق التجارة الورقية من قبل صناديق الاستثمار وفي مدة ثلاثة أشهر فقط.
وأوضح أن "المضاربين ليسوا هم أصحاب المصافي أو المنتجون وإنما هم مراهنون ومجازفون وغالبا ما تكون تلك الأموال لغيرهم.. بموجب أساسيات تجارة النفط من عرض وطلب وتكلفة الإنتاج والبدائل وأسعار التكلفة فإن سعر النفط المبرر هو بين 60 و80 دولارا للبرميل لا أكثر".
وحذر سلمان من أن انهيار الأسواق الآن وانهيار الأسعار قد يعني إفلاس
عدد هائل من الشركات والمصافي وتجار النفط، وأضاف أن "جهة ما يجب أن تدفع الثمن لارتفاع الأسعار".
واختتم حديثه بالقول إن مستقبل الأسعار يتوقف على خروج المضاربين من الأسواق، مضيفا أن الجميع في انتظار أن "يترك المضاربون السوق (النفطية) ويتحولوا إلى أمور أخرى وقسم منهم تحول بالفعل إلى المواد الغذائية الآن".
وأشار سلمان إلى أن المضاربين مغامرون لا يمكن منعهم "حيث تتم
تعاملاتهم عن طريق الإنترنت، هم مثل المرض الذي أصاب السوق والوقت وحده الكفيل بعلاجه".

النفط وغلاء الأسعار

رغم أن الإمارات من الدول المنتجة والمصدرة للنفط فإنها بدأت تعاني تداعيات ارتفاع الأسعار حيث تفاقمت أزمة الغلاء في الإمارات بسبب الارتفاع المستمر وغير المسبوق في أسعار النفط.
ويعاني سكان الإمارات وهي سادس أكبر مصدر للنفط في العالم هذا
الارتفاع الذي خلف غلاء طال سلعا غذائية ضرورية ومواد البناء، وانتقل
ليشمل أسعار الديزل (السولار)، ورفعت محطات الوقود في الإمارات أسعار الديزل ثلاث مرات الشهر الماضي، ما أدى إلى ارتفاع سعر جالون الديزل بنسبة تجاوزت 51 في المائة منذ بداية العام بسبب تسع زيادات متتالية.
وأمام ارتفاع أسعار الديزل ارتفعت أسعار النقل، وتم تحميل هذه الزيادة
على القيمة النهائية للسلع، خاصة الغذائية، ما أثار غضب مواطني الإمارات وسكانها، الذين طالبوا بتحرك وزارة الاقتصاد للحد من ارتفاع أسعار السلع.
وعلى الجانب الرسمي، لا تمانع الإمارات في زيادة حجم إنتاجها من النفط، في حال كانت هناك ضرورة لذلك.
وقال علي اليبهوني مندوب الإمارات في منظمة أوبك في تصريح صحافي الشهر الماضي إن بلاده ستزيد إنتاجها من النفط في حال نقص المعروض في السوق.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه البيهوني أن أسعار النفط ترتفع بسرعة كبيرة،
أكد أن السوق تتلقى إمدادات جيدة، مشيرا إلى أن العرض الحالي يتجاوز
الطلب، بما لا يبرر زيادة الأسعار.
وكان وزير الطاقة الإماراتي محمد الهاملي قد أعلن الشهر الماضي اعتزام بلاده زيادة إنتاجها من النفط في حال احتياج السوق لكميات إضافية.
وقبل أيام، أعلن الهاملي أن ارتفاع أسعار النفط يعود إلى عدم توجه الدول
الصناعية لتوظيف استثمارات جديدة في قطاع صناعة تكرير النفط الخام
وإصدار تشريعات تحد من بناء مثل هذه المصافي في وقت تعاني فيه الأسواق العالمية نقص المنتجات النفطية وليس النفط الخام فقط.
وقال خالد هادي مدير التسويق في شركة بترول الإمارات الوطنية لـ (د.ب.أ) إن 'الإمارات لا تمانع في ضخ كميات إضافية من البترول إذا ما احتاجت السوق، وهو أمر أكده مسؤولون حكوميون في أبوظبي".
واعتبر أن "منظمة أوبك ليست السبب في ارتفاع أسعار النفط، لأنها تضخ كميات تكفي السوق، لكن السبب يعود للمضاربين الذين يحققون أعلى نسبة من الأرباح".
وأضاف أن "من الأسباب أيضا انخفاض قيمة الدولار الذي أدى بدوره إلى
ارتفاع سعر النفط" مشيرا إلى أن "حجم الطلب يشهد تزايدا كبيرا، خاصة من الهند والصين اللتين تشهدان نموا اقتصاديا كبيرا، وتحتاجان إلى تأمين
وارداتهما من النفط، ما خلق حالة تنافس عالمي على الإنتاج".
واعتبر هادي أن "شركات النفط العالمية لها دور في استمرار ارتفاع أسعار النفط، كونها تحقق أرباحا بمليارات الدولار تفوق أحيانا أرباح بعض الدول المنتجة".
وتتوقع شركة بترول الإمارات أن "يتجاوز الطلب العرض، ولن تكون الدول المنتجة للنفط قادرة على مواكبة هذه الارتفاعات غير المسبوقة في الطلب خلال السنوات العشر المقبلة".
من جانبه، قال عزت الجيطاني الخبير الاقتصادي في الإمارات لـ (د.ب.أ) إن الدول الأعضاء في أوبك ترفع أسعار إنتاجها من النفط لتواجه الارتفاع
المستمر في السلع، خاصة أنها تستورد معظم احتياجاتها الاستهلاكية من
الغرب.
وأضاف أن من أسباب ارتفاع الأسعار المضاربات العالمية على أسعار البترول التي تكون على أساس سعر البيع الآجل، إلى جانب التضخم الذي تعانيه دول "أوبك".

الأكثر قراءة