لقاء "البلديات" يؤكد رفض وجود رسوم على المواطن مقابل خدماتها

لقاء "البلديات" يؤكد رفض وجود رسوم على المواطن مقابل خدماتها

خرج اللقاء الأول للمجالس البلدية في منطقة الرياض، أمس، باتفاق شبه جماعي على أهمية العمل وفق خطط واستراتيجية تمكن من استقلال البلديات مالياً وإدارياً للحد من الفجوة المتوقعة خلال الأعوام المقبلة بين الخدمات البلدية للسكان وبين التوسع السكاني والجغرافي للمدن.
ورغم اختلاف وجهات النظر وسيطرة محور مناقشة الاستقلال المالي والإداري لأول لقاء للمجالس البلدية في مدينة الرياض، والذي نظمه المجلس البلدي لمدينة الرياض، في مركز الملك عبد العزيز التاريخي في حي المربع، إلا أن التأكيد ركز على عدم تضرر المواطن من استقلالية البلديات خشية فرض رسوم عليه مقابل الخدمات البلدية.
وحظيت الجلسة الأولى، وعنوانها "الاستقلال المالي لموارد البلديات" بنقاش حاد وجاد بين المشاركين، وخاصة بين ممثل وزارة المالية وبعض من أعضاء مجلس الشورى، في إشارة منهم إلى أن ما تقدمه الأمانات يعد خدمة لكل مواطن ليس لها مقابل، إضافة إلى أن لكل أمانة ميزانية سنوية مخصصة لتنفيذ مشاريعها البلدية في المدن وغيرها من القرى، وخلال الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور عبد الرحمن الحميد عضو اللجنة المالية في مجلس بلدي الرياض، قدم المهندس طارق القصبي نائب رئيس مجلس بلدي الرياض رئيس اللجنة المالية في المجلس عرضا تاريخيا لميزانية أمانة الرياض، استعرض خلالها الميزانيات المصروفة لأمانة الرياض، مقابل الخدمات المقدمة لعدد السكان.
من جهته، قال الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض رئيس مجلس بلدي الرياض: "إننا نعيش إشكالية القطاع الخدمي، لافتا إلى وجود نقاش مستمر بين قطاع البلديات ووزارة المالية، في إشارة منه إلى أن النفط مهما زاد سعره فهو لن يفي بمتطلبات السكان الذين يزيدون وكذلك نوعية الخدمات، التي أصبحت تزيد تكلفته جراء التضخم، لذا فإنه من الضروري أن يكون للبلديات إيرادات مستقلة، وهذا ليس بجديد في معظم مدن العالم، والحل لن يكون في زيادة الطلب على وزارة المالية، لأن المالية لديها أولويات".
وتابع: "إننا نعمل بنسب ضئيلة، فالميزانية المعتمدة لنا 1.3 مليار بينما متطلبات المدينة تحتاج إلى خمسة مليارات على الأقل، والحل يكمن في ترك الأمانات التي لديها مجال لتحصيل الإيرادات لتعمل بما يضمن لها عائد غير منقطع، مستشهدا بمدينة دبي حيث إن لإدارة المدينة دخل من الاستثمارات بنسبة تصل إلى 10 في المائة من الدخل العام، ونحن هنا بحاجة إلى زيادة الإيرادات، وليس فقط زيادة الخدمات، لأننا نخشى أن يأتي يوم لن نستطيع فيه تقديم الخدمة بالحد الأدنى".
وأوضح أمين الرياض أنه "لا يوجد توازن بين ما يأتي من اعتمادات وما يقدم من خدمات، رغم وجود بنية تحتية متميزة، ولكننا نتحدث عن الـ 20 عاما المقبلة، خصوصاً مع تزايد السكان والرقعة الجغرافية لمدينة مثل الرياض عاصمة المملكة، لذا يجب علينا هنا التوقف كثيرا والاهتمام بالأمر".
من جانبه، أشار المهندس عبد العزيز الحصين أمين منطقة المدينة المنورة عضو مجلس بلدي المدينة المنورة إلى أنه خلال عمله الطويل في مجال البلديات فإن التمويل يمر بمتطلبات كثيرة، فنحن في يوم من الأيام كان لدينا ميزانية شهرية استمرت لمدة عامين، ومرت هذه الفترة بسلام، واليوم نعيش طفرة فرغم الاعتمادات الكثيرة إلا أن الأسعار زادت، إضافة إلى الانفجار السكاني، وهذه من الأمور التي تؤرق البلديات. وأيد المهندس ضيف الله العتيبي أمين المنطقة الشرقية عضو مجلس بلدي الشرقية الحاجة إلى برامج لتطوير الخدمات البلدية سواء من خلال الاستقلال المالي، الذي يعد أحد العوائق الرئيسة لتنفيذ الأعمال التي كانت أمنية في الأعوام الماضية.
إلى ذلك، أوضح المهندس محمد النقادي وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية للتخطيط والبرامج أهمية التفاعل والإسراع في عملية الاستقلال المالي والإداري للبلديات، مشيرا إلى أن الاستثمار أحد طرق الاستقلال المالي.
من جانبه، قدم الأمير الدكتور منصور بن متعب نائب وزير الشؤون البلدية والقروية مداخلة لما أبداه أمناء المدن، مشيرا إلى أن التعامل مع الاستقلال المالي للموارد يعد موضوعا ملحا، وهي بداية جيدة، سبقها بعض المبادرات، قائلا: "بالنسبة لنظام البلديات الذي هو من عام 1377 هـ، ويشير إلى أن للبلدية شخصية اعتبارية، إلا أن الفلسفة الإدارية لدينا اتجهت إلى المركزية، أكثر من الاستقلال المالي والإداري للبلديات، وهذا موثق بالقرارات خلال 30 عاما، لذا هناك اعتبارات عدة، الأول إنه من الصعوبة اتخاذ الاتجاه العكسي، لذا فنحن نحتاج إلى فلسفة تطبيق مرحلية لهذا التوجه من خلال استراتيجية محددة وأهداف.
أما الاعتبار الثاني وهو أنه في حال الاستقلال المالي، تحتاج الأمانات إلى تحصيل إيرادات معتمدة على الجهد الذاتي، ولدينا دراسات موثقة تشير إلى أنه كلما اعتمدت الأمانات على التمويل الذاتي تبرز مشكلة العدالة في توزيع الخدمات، وبالتالي انعدام المساواة، لذا يجب الأخذ في الحسبان العدالة فيما يخص توزيع الخدمات.
أما الاعتبار الثالث فهو أن البلديات ليست بمعزل عن المنظومة الاقتصادية، حتى لو استقلت ماليا وإداريا، حيث يؤخذ في الحسبان أن قطاع البلديات جزء من منظومة الدولة.
وأكد الأمير منصور بن متعب، أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت فيها الوزارة قفزة ملحوظة من حيث ما خصصته الدولة من ميزانيتها للشؤون البلدية والقروية، مشيرا إلى أن ما نواجهه من تحد هو أن هناك مشاريع تطرح في بعض المناطق ولا نجد المقاولين المنفذين، كما أن هناك اتفاقا مع الشركات الصينية التي قد يكون لها دور في بعض المناطق الريفية إذا لم نوفق في إيجاد شركات محلية لها.
وأضاف في اللقاء الأول للمجالس البلدية في منطقة الرياض أمس، أن ما يخصص من فائض الميزانية لوزارة الشؤون البلدية في ازدياد مضطرد قد ينعكس على مستوى المشاريع والخدمات التي تهم المواطنين، موضحا أن معدل ما نفذ من قرارات في منطقة مكة نحو 70 في المائة، وفي الرياض في حدود 62 في المائة من القرارات التي نفذت غير القرارات التي تحت الدراسة، كما أن المواطنين يطلبون المزيد من تطبيق هذه القرارات.
وقال: إن الذي يحدث هو أن هناك بعض القرارات لا تخص وزارة الشؤون البلدية بل قد تخص وزارات أخرى، كما أن هناك بعض الاختلاف في وجهات النظر بين المجلس البلدي والمنفذين أو الإدارة التنفيذية لأن دور المجلس التقرير والرقابة وخاصة في القرارات الفنية والنظام يعطي رئيس البلدية حق الاعتراض على القرار خلال 30 يوما أن حدث هناك اختلافات فنية أو اختلاف في وجهات النظر.
وأوضح أن النظام الذي اقره مجلس الوزراء يعطي الحق لرئيس البلدية أو الأمين والمجمع القروي، إذا لم يتفق رأيه كجهة منفذه مع المجلس البلدي انه يعترض خلال 30 يوما، مشيرا إلى أن معظم هذه القرارات تتعلق بقرارات فنية.
وحول المركزية في أداء وزارة البلديات قال الأمير منصور بن متعب: "إن المركزية لها إيجابيات ولها سلبيات وللامركزية لها أيضا إيجابيات وسلبيات"، مشيرا إلى أن الاستقلال المالي والإداري قد نحققه بشكل مرحلي وتدريجي.
إلى ذلك علق المهندس سعد الحمدان وكيل وزارة المالية للإيرادات حول استقلالية الأمانات ومطالبتها بالمزيد من الاعتمادات لتقديم الخدمات إلى جانب عدم تجاهل الخدمات الأخرى المقدمة للمدن مثل الكهرباء والصرف الصحي. ولفت إلى أن وزارة المالية تدرس موضوع استقلالية البلديات ، مشيرا إلى أن وزارته تعطي حافزا قدره 5 في المائة لأي إيرادات، قائلا "نحن في الوزارة لا نشعر بتفعيل الاستثمارات، والأمانات بحاجة إلى تفعيل وتحفيز الاستثمارات، وعلى أية حال فجميع الأمانات تستفيد من الإيرادات التي تصب في مصلحتها.

الأكثر قراءة