مختصون يدعون للتحول إلى الاقتصاد المعرفي

مختصون يدعون للتحول إلى الاقتصاد المعرفي

"الاقتصادية" تفتح الحوار مع مختصين في صناعة المعرفة (1 من 3)

أكد مختصون أن التوجه نحو الاقتصاد المعرفي سيعود بالنفع الكبير على البلد ومواطنيه، بوصفه أكثر الاقتصادات جذباً للاستثمارات وتوفيراً للفرص الوظيفية عالية الدخل.
ودعا المشاركون في ندوة "الاقتصادية" التي تتحدث عن الاقتصاد المعرفي والتي تنشرها على ثلاثة أجزاء، إلى الاهتمام الشديد بهذا النوع من الاقتصاد، والعمل على الدخول فيه وتسهيل الإجراءات التي تضمن توطينه.
وباركوا الخطوات التي تقوم بها الجهات المعنية في السعودية للتحول نحو المجتمع المعرفي، وطالبوا بتسريعها وضخ المزيد من الاستثمارات للتنافس دولياُ على التقدم، مؤكدين أن المستقبل سيكون للاقتصاد المعرفي.
وأشاروا إلى أن العنصر البشري هو محور هذا الاقتصاد وعموده الفقري، الأمر الذي يتطلب التركيز على عنصري التحفيز والتأهيل لاستقطاب الشباب السعودي إلى المجالات التي تقوم عليها صناعة المعرفة. إلى التفاصيل :

800 ألف وظيفة
يقول الدكتور سالم المالك حول الاستثمار المعرفي: أود أن أذكر بعض النقاط المهمة:
إن مجلس الوزراء في إحدى جلساته هذا العام أكد أن السعودية تسعى و تشجع الاقتصاد المعرفي وأن نتحول إلى مجتمع معرفي، والهيئة العامة للاستثمار أنشأت قطاعا كاملا سمته قطاع الصناعات القائمة على المعرفة، ومن خلال هذا القطاع درست الهيئة جدوى الاستثمار في الصناعات القائمة على المعرفة، وقامت أيضا بإعداد استراتيجية لتشجيع الاستثمار في الصناعات القائمة على المعرفة وذلك بالتعاون مع مؤسسة ستانفورد للبحوث العلمية، وهي موجودة على موقع الهيئة في الإنترنت وملخص الدراسة.
إذا استمرت السعودية في تحسين البنية التحتية واستثمرت عشرة مليارات ريال سعودي على مدى السنوات الخمس المقبلة في تشجيع الصناعات القائمة على المعرفة، واستمر الدعم لسنوات أخرى لكانت المحصلة إيجابية ومشجعة ومن الممكن أن نحقق الآتي:
ستكون السعودية الدولة الرائدة في مجال الاستثمار المعرفي على مستوى الشرق الأوسط، إضافة إلى زيادة الناتج القومي بأكثر من 356 مليار ريال سعودي في عام 2020، وأضافت أيضا أكثر من 800 ألف وظيفة عمل عالية الدخل، ودخلت دائرة المنافسة على مراكز متقدمة في الترتيب العالمي.
وهناك دراسة أخرى قامت فيها مجموعة فكر سعودية تسمى مجموعة الأغر للفكر الاستراتيجي يرأسها الأمير فيصل بن عبد الله ونتائج الدراسة كانت مبنية على اجتماعات في ثلاث مناطق من مناطق المملكة جمعت رجال أعمال ورجال دولة ومفكرين وأكاديميين من مختلف القطاعات، وقدمت نتائج الدراسة إلى خادم الحرمين الشريفين، وكانت الرؤية أن تكون السعودية بلدا معرفيا منتجا بحلول عام 1444هـ ووضعت ستة محاور عرضت على المجلس الاقتصادي الأعلى وأرجو أن ترى حيز التنفيذ.
بالنسبة للأساسيات لتشجيع الاستثمار المعرفي فهي موجودة في المملكة، ولو أخذنا على سبيل المثال الاستثمار في القطاع المعرفي على مدى السنوات الماضية، نجد أن السعودية خطت خطوات كبيرة كان أهمها المدن الاقتصادية وإنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، والتي أصبحت محط أنظار العالم أجمع، إضافة إلى ما قامت به أخيرا جامعة الملك سعود بإنشاء مراكز البحوث وكراسي البحث العلمي واستقطاب علماء نوبل وكذلك الجامعات الأخرى، وما قدمته مؤسسة الملك عبد العزيز للموهبة والإبداع خلال معرض ابتكار هذا العام، كل ذلك يأخذنا إلى منحنى الصناعات المعرفية والاقتصاد القائم على المعرفة في المملكة.

الفرق بين الاقتصادات
يقول الدكتور أحمد يماني: إذا تحدثنا بشكل عام عن اقتصاد المعرفة، نحن نقصد شريحة معينة من الصناعات أو الاستثمارات أو الأنشطة التي تعتمد على التفكير أو المعرفة أو قدرة الإنسان على الإبداع، وطبعا هذا يميز حال الاقتصاد المعرفي عن الاقتصادات القائمة على الموارد الطبيعية، والاقتصادات القائمة على الموارد السياحية أو حتى على المهارات اليدوية، وهذا يميزها بأنها اقتصادات قائمة على قدرة الإنسان على التفكير والإبداع، والاقتصاد القائم على المعرفة مهم.. والهيئة العامة للاستثمار تسعى إلى تبنيه، وإذا أردت أن أختصر، فأقول إن العالم سوق تتنافس فيها الأمم والشركات والشعوب على الاستحواذ على جزء من هذه السوق، أو على التحكم في جزء من هذه السوق.
وطبعا قدرة المتنافس أو الدولة أو الشركة على استغلال هذه السوق بشكل مثالي تكمن في قدرتها على التأثير في السوق أو في قدرتها في تحفيز السوق للعمل في اتجاه معين، كل الاقتصادات القائمة على الموارد الطبيعية أو على المهارات اليدوية أو على الموارد السياحية، اقتصادات تقوم على ردود الأفعال.. سعة المورد الطبيعي "الفلاني" هو الذي يحسن وضع الاقتصاد.. رواج سياحة معينة هو الذي يحسن الاقتصاد.. وجود عمالة معينة هو الذي يحسن الاقتصاد، وطبعا هذا قائم على طلب السوق في كثير من الأحيان.
الفرق بين الاقتصاديات هو أن الاقتصاديات المعرفية قائمة على تغيير السوق والتأثير في السوق بشكل يخلق الطلب على منتجات هذه الاقتصادات، وهذا يشكل هوة شاسعة بين الاقتصاديات القائمة على المعرفة وبين الاقتصادات القائمة على أحد العوامل الأخرى المشهورة، وإذا لاحظنا استقراء سريعا لدول العالم التي صناعتها فعلا قائمة على المعرفة نجدهم أقل الناس حديثا عن الصناعات القائمة على المعرفة أو عن الاقتصادات القائمة على المعرفة، لأنهم لا يعرفون.. أو اقتصادهم لا يفكر إلا في الاقتصاد القائم على المعرفة، بالنسبة لهم الاقتصاد القائم على غير المعرفة اقتصاد أصلا غير مرغوب فيه ولو تنظر ـ على سبيل المثال ـ إلى الولايات المتحدة في كاليفورنيا تحديدا، تجد أن أي مورد اقتصادي غير قائم على المعرفة ليس فقط مرغوب فيه، بل ويسعون إلى التخلص منه بشكل أو بآخر.
عملية التخلص من الصناعات الروتينية والتي تعتمد على العمالة يتم بشكل مستمر في هذه الاقتصادات إلى دول تتوافر فيها العمالة وتتوافر فيها بعض الموارد من هذا القبيل.

العنصر البشري
ويقول الدكتور عوض الأسمري: الاقتصاد المعرفي يمكن أي إنسان حتى ولو كان إنسانا بسيطا في المجتمع أن يتعلم، ويصل إلى مراحل معينة، ومن هنا يستطيع أن يحصل على مورد اقتصادي جيد، وعلى سبيل المثال، الصناعات الثقيلة تحتاج إلى مصانع، إلى حماية للبيئة، إلى أياد عاملة قوية جدا، لكن الاقتصاد المعرفي يعتمد اعتماد قوي على العنصر البشري المنتج تقنياً، وهو اقتصاد واعد، اقتصاد قوي، واقتصاد جيد، خصوصا في الدول مثل السعودية التي أرى أنها ستكون من الدول التي تتجه إلى الاقتصاد المعرفي، وهي تعمل على توجيه الشباب إلى هذا النوع من التعليم.

خيار حتمي
ويقول الدكتور فهد الدهيش: الاقتصاد المعرفي أعتقد أنه خيار لا بد للدول النامية أو التي ستتقدم أو تريد المنافسة في العالم الدخول فيه، لذلك لو لاحظنا تقدم العالم في الصناعات وأيضا في التقدم التقني، نجد أنه قبل الثورة الصناعية كانت الصناعات والتقدم بسيطة جدا، حتى الحديد لم يكن كان هناك تقنية عالية لاستخدامه مثل الفولاذ، ثم جاءت الثورة الصناعية فجاء الفولاذ، ثم الآن التركيبات وهي "البتروكيميكال" وهذا من الاقتصاد المعرفي، لذلك أعتقد أنه خيار لا بد من الدخول فيه إذا أردنا أن نتطور، إذا أردنا أن نخرج عن المصادر، لأن المصادر مهما كثرت ستنضب، لذلك المعرفة لا تنضب، وستستمر هذه المعرفة لذلك لو نظرنا إلى الدول التي اتخذت هذا الخيار كانت هناك أسس، في الحقيقة لا بد أن نهمل الأشياء غير المعرفية، المعرفة لأجل الصناعة، فأعتقد أن التوجه في التفكير الاقتصادي المعرفي والدخول فيه والمساهمة في القطاع الخاص، هذا هو سبيلنا وهذا هو طريقنا إذا أردنا أن ننافس الدول المتقدمة في العلم.
نحن لدينا الوقت والمادة والحياة والطاقة، والتدرج الاقتصادي والتقني لهذه الأشياء في تقدم العصور، ولامناص من الاستثمار في الاقتصاد المعرفي في كل جوانبه لأنه هو حبل النجاة للـشعوب التي تسـعى إلى التقدم والرقي.

مجتمع معرفي
من جانبه يقول الدكتور علي الشايع: بالنسبة للعناصر التي يرتكز إليها اقتصاد المعرفة، هي بنية تحتية مجتمعية داعمة، حيث يكون المجتمع بكامله في عمل جماعي لرفع مستوى اقتصادات المعرفة، ووجود مجتمع يسعى إلى التعلم إضافة إلى صناع المعرفة.
ونحن بدأنا في الاهتمام بهذا الجانب وعدد الجامعات تضاعف حتى وصل إلى ما يقارب 25 جامعة وإذا تكلمنا عن المجال الصحي تحديداً فسنلاحظ أن عدد الكليات الصحية تضاعف إلى أربعة أو خمسة أضعاف.
ومن العناصر التي يرتكز إليها اقتصاد المعرفة وجود آليات ملائمة لنقل المعرفة.. وأخيرا إيجاد منظمات للبحث والدراسات والتطوير، وهذه مهمة جدا، وللأسف البحوث في هذا المجال في المملكة مازالت قليلة جدا، فالبحوث هي التي تعالج الأخطاء والمشاكل التي تواجه الدولة والمجتمع.
وبخصوص تعريف الاقتصاد المعرفي فمن الملاحظ أنه لا يوجد تعريف واضح ومبسط للاقتصاد المعرفي ومتفق عليه دوليا، ولكن جميع التعاريف تقول إنه يعتمد على العنصر البشري، وبالتالي فمن المهم التركيز من قبل الجامعات والكليات والمعاهد على بناء الإنسان وخلق جيل مهتم بالاقتصاد المعرفي.

تأهيل الكوادر
ويقول الدكتور بدر البدر: أريد أن أستطرد بناء على الكلام الذي ذكره الدكتور أحمد اليماني، عن الاقتصاد المعرفي، وأقول إن شركة سيسكو العالمية هي أ حد أهم نتاجات الاقتصاد المعرفي، حيث تعد من أنجح الشركات التي أنشئت في وادي السيلكون، في أثناء طفرة شركات تقنية المعلومات والاتصالات في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، هذه الشركة أخذت على عاتقها نقل تجربتها الناجحة في الدول التي تعمل فيها، فأهم التزامات الشركة هي التزامها بالإسهام في بناء الاقتصاد المعرفي في السعودية، وذلك من خلال برنامج استثماري قيمته بنحو مليار ريال سعودي، هذا البرنامج يتناول أبرز معوقات الانتقال إلى الاقتصاد المعرفي، وهذه المعوقات الثلاثة هي نقص الكوادر المؤهلة، الحاجة إلى نقل التقنية، والحاجة إلى تحفيز واحتضان الابتكار، ونظرا لضيق الوقت فإنني سأركز فقط على تأهيل الكوادر.
برنامجنا لتأهيل الكوادر في السعودية ركز على تأهيل الكوادر في عدة مستويات من الجنسين، فبدأنا منذ عام 2000 ببرنامج أكاديميات شبكات "سيسكو" الذي يهدف إلى تأهيل خريجي الدبلوم والثانويات ودربنا ما يقارب عشرة آلاف طالب وطالبة إلى الآن في السعودية، والمملكة، من أكثر دول العالم نموا في عدد الطلاب، وفي أكثر نسبة من الطالبات على مستوى العالم. وهناك برنامج آخر أطلقناه العام الماضي وهو برنامج جامعة سيسكو الشبكية، ويهدف إلى تخريج القادة، قادة الأعمال في السعودية، يسهم في ابتكار وإنتاج أعمال جديدة، هذه المعاهد والمبادرات التعليمية أيضا تطبق في المدن الاقتصادية الكبرى التي أطلقتها الهيئة العامة للاستثمار ومنها مدينة المعرفة الاقتصادية قي المدينة المنورة، ولدينا اتفاق مع هذه المدينة لإنشاء أكاديمية لشركة سيسكو لتسهم في بناء هذه المدينة.

الأكثر قراءة