تقرير: السعودية تخطط لاستثمار 80 مليار دولار لزيادة طاقتها الإنتاجية النفطية إلى 12.5مليون برميل
توقع تقرير اقتصادي حديث نمو الناتج المحلي الخليجي الإجمالي الاسمي بنسبة 27.9 في المائة ليصل إلى نحو تريليون دولار، وذلك مع توقع بقاء متوسط سعر النفط مرتفعاً في عام 2008، وأوضح التقرير الذي أصدره اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي أمس الإثنين حول تطور الأداء الاقتصادي لدول الخليج العربي منذ بداية عام 2008، أنه على بالرغم من الإفراط المستمر في الاستثمار لدول المجلس، فسيعوض ارتفاع أسعار النفط، ذلك الارتفاع وسيسمح بتحقيق فائض حساب جار يبلغ 31.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج عام 2008، وذلك مقارنة بنسبة 28 في المائة عام 2007، مما يسمح لمختلف الدول الخليجية بإضافة مبالغ كبيرة إلى احتياطياتها وثرواتها المالية، حيث بات من المؤكد أن يستمر الرخاء الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي في الأجل المتوسط، وأن أسعار النفط المرتفعة ستساعد على الاندفاع في الاستثمار لهذه الدول، وأن العدد الكبير من المشاريع الكبرى التي يجري تنفيذها سيوفر زخماً لنمو قوي للقطاعات غير الهيدروكربونية لسنوات عدة مقبلة.
وأشار التقرير الى أنه مع بقاء أسعار البترول في نطاق 85 و90 دولارا للبرميل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2008، وبلوغ إنتاج دول الخليج 16 مليون برميل يومياً، سيواصل الانتعاش الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي نموه بمعدلات متسارعة، حيث أعاد صندوق النقد الدولي تقديراته لمعدلات النمو الاقتصادي في دول المجلس خلال العام الحالي، وقد أتاحت الزيادات في أسعار النفط زيادة وتيرة الاستثمارات العامة والخاصة، حيث يتركز معظم هذه الاستثمارات في البنية التحتية والمشاريع العمرانية والعقارية والسياحة والمشاريع الاجتماعية، إضافة إلى وجود جهود للتوسع في قاعدة التصنيع والخدمات، إلا أن مخاطر التضخم وزيادة الأسعار زادت خلال الربع الأول من العام الحالي، في حين ظلت أسواق الأسهم الخليجية حذرة بشكل عام بسبب اضطرابات أسواق الأسهم العالمية.
وبين التقرير أنه نظراً للقيود المفروضة على التوسع في حجم الإنتاج، يتوقع أن تبقى أسواق النفط حساسة خلال عام 2008، مع بقاء أسعار النفط فوق معدل 95 دولارا للبرميل، ولا يتوقع زيادة إنتاج الدول خارج منظمة الأوبك سوى بقدر قليل، في حين لا يتوقع زيادة إنتاج الأوبك نظراً للركود الاقتصادي الذي تشهده الدول الصناعية، وفي الجانب الآخر، يتوقع استمرار ارتفاع الطلب بمعدلات متوسطة، لذلك فإن اتجاه أسعار النفط سيبقى في مسار تصاعدي في المدى القريب نظراً لحساسية الأسعار تجاه قيود الإنتاج وعدم الاستقرار السياسي.
وفي هذا الإطار أكد التقرير أن السعودية ستبقى تلعب دوراً إيجابياً وأساسياً في استقرار أسواق النفط، حيث تخطط السعودية لاستثمار نحو 80 مليار دولار في المدى المتوسط بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل، وزيادة طاقة التكرير بنسبة 43 في المائة، لتصل إلى نحو ستة ملايين برميل، وتعتزم دول المجلس الأخرى استثمار نحو 170 مليار دولار، كما يتوقع أن تبلغ أسعار الغذاء مستويات عالية خلال عام 2008، ولكنها ستتراجع تدريجيا بعد ذلك، وعلى المدى المنظور ستظل الأسعار في مسار تصاعدي بسبب استخدام المحاصيل الزراعية في إنتاج وقود الطاقة والطلب المتزايد من الدول النامية.
وتوقع التقرير أن يكون النمو الاقتصادي العالمي معتدلا بنسبة 3.7 في المائة عام 2008، مقارنة بـ 4.9 في المائة عام 2007، ولا يتوقع تغير ذلك المعدل عام 2009، حيث بني هذا التقدير على أساس بقاء أسعار السلع عند مستوياتها في نهاية عام 2007، واتجاه أسواق المال مستقرة نوعا ما في مطلع عام 2008، كما يتوقع انخفاض معدل النمو الاقتصادي في الدول الصناعية إلى 1.3 في المائة عام 2008، مقارنة بـ 2.7 في المائة عام 2007، أما في الدول المصدرة للنفط فيتوقع بقاء معدلات النمو الاقتصادي فوق 6.5 في المائة خلال عام 2008، ودول مجلس التعاون الخليجي فوق 7.5 في المائة، حيث يعزز ذلك الاستثمارات الكبيرة في القطاعات غير النفطية، وفي دول المجلس ونظراً لامتلاكها موجودات استثمارية أجنبية كبيرة، يتوقع بقاء برامج الاستثمار الكبيرة متواصلة حتى في حالة انخفاض أسعار النفط، كذلك يتوقع بقاء الضغوط التضخمية في مسار تصاعدي خصوصا أنها تتزامن مع الانتعاش الاقتصادي. وفي دول مجلس التعاون الخليجي بالذات، ونظراً لربط عملاتها بالدولار الأمريكي، فإنها مضطرة لإرخاء سياستها النقدي أيضاً، ما سيسهم في زيادة الضغوط التضخمية، وقد تودي جهودها في إزالة اختناقات الطلب وخاصة على المساكن إلى التخفيف من تلك الضغوط، حيث تواصل كل من الكويت، قطر، والإمارات تنفيذ برامج إسكانية ضخمة تخطط للانتهاء منها قريبا، وستبقى الأجور في مسار تصاعدي نظرا لضعف الدولار الذي يخفض القيمة الحقيقية لمداخيل العمالة الأجنبية التي تحول جزءا كبيرا منها لبلدانها.
وتطرق التقرير إلى أنه يتوقع استمرار الفائض المالي بمستويات كبيرة في الدول المصدرة للنفط ولا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث من الملاحظ أن التوسع في الإنفاق في هذه الدول يذهب معظمه في برامج استثمارية وخاصة مشاريع البنية التحتية والقطاعات الاجتماعية، بينما سيظل الفائض المالي غير النفطي مرتفعاً ولا سيما في السعودية، وذلك فوق معدل 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لافتاً إلى أنه على الرغم من نمو حجم الصادرات، يتوقع بقاء أرصدة الحسابات الجارية إيجابية وفوق معدل 18 في المائة في الدول المصدرة للنفط، وفوق 31 في المائة في دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي سيساهم في استمرار تراكم الاحتياطيات والموجودات الأجنبية، وعلى الرغم من الارتفاع الملحوظ في عجز الحساب الجاري بعيدا عن النفط، فإن الركود الاقتصادي في الدول الصناعية مع استمرار اضطراب أسواق المال قد يجبر دول المجلس على توجيه جزء متزايد من استثماراتها خارج الدول الصناعية، وقد استفادت دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولا سيما مصر، المغرب، تونس، الجزائر، والأردن بصورة كبيرة من التدفقات الاستثمارية الخليجية، حيث يقدر معهد التمويل الدولي إجمالي تلك التدفقات بنحو 60 مليار دولار خلال الفترة من عام 2002 إلى عام 2006، بينما تقدر إحصائيات ارتفاع هذه التدفقات إلى نحو 85 مليار دولار عام 2007، وقد ناهزت 100 مليار دولار مطلع عام 2008، وهي تمثل نسبة 11 في المائة من إجمالي التدفقات الاستثمارية الخارجة من دول مجلس التعاون التي تقدر بنحو تريليون دولار خلال الأعوام السبعة الماضية، وفي الجانب الآخر، فإن تلك الأوضاع قد يكون لها تأثير في الأجل المتوسط على معدلات النمو الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط ولا سيما دول المجلس، خاصة عندما تطول تأثيراتها الطلب على النفط، مما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط.