المتاجرة بالمرأة في الإعلانات التجارية وأدٌ للحياء واغتيال للأنوثة

المتاجرة بالمرأة في الإعلانات التجارية وأدٌ للحياء واغتيال للأنوثة

[email protected]

من المسالك الإعلامية المسيئة للمرأة: استغلال جسد المرأة وأنوثتها في كثيرٍ من الإعلانات التجارية بهدف تحقيق رواجٍ أكبر للسلعة المُعلن عنها، وبات التركيز على الجانب الغرائزي مرتكزاً لهذه الدعايات، وتم من خلاله قولبة شأن المرأة وتحجيم كيانها في إطار قاتم من معاني الغريزة ودوافع الشهوة.
وامتدت مفاهيم الإسفاف بالمرأة لتتجاوز إلى أمور لا صلة لها بعالمها، على غرار ما يكون في الإعلانات الترويجية للمبيدات الحشرية ولأدوات السباكة ولأطعمة القطط والكلاب ولقضبان التلحيم ولأنواع الأدهان والإطارات، كل ذلك تقحم فيه المرأة مبدية مفاتنها ومستغلةً أنوثتها، مع أنه لا علاقة لها مباشرة بذلك، ولكن هكذا تتابعت العديد من شبكات التلفزة ووكالات الدعاية ومن ورائها عدد من التجار.
وحتى لو كان للسلعة علاقة مباشرة بالمرأة ففي ذلك من إهدار كرامتها وفتنتها والافتتان بها ما هو غير خافٍ. ولا يزال مسلسل الاستغلال لطُهر الأنوثة وفضيلتها يتوالى من خلال وجوه الغيد ومفاتنهن بلا حياء من الله ولا خجل بين الناس، بل ومن خلال أصوات النساء بأسلوب متغنج وبعبارات تنضح بالفحش والسقوط، حتى إن إحدى المحطات الإذاعية العربية بثت إعلاناً تجارياً بصوت امرأة تطلب أقراص منشطة جنسيا بأسلوب فاحش وممجوج!!
ووقفت مرة على إعلان متلفز حول هذا العقار بأسلوب مستفز ومنسلخ من الحياء بما أنزه عنه مشاعر القراء الكرام، وليس ذلك في دول أو قنوات إباحية.. بل في ديارنا وبين أفراد مجتمعنا.
وهذه واحدة من الثمرات المأفونة لحضارة العصر المادية، ومظهر من المظاهر الساذجة لتقليد بني جلدتنا من الذكور والإناث لغيرهم فيما يستقبح.
ولا ريب أن من أعظم الجنايات التي أوقعها هذا النوع من الإعلام المفسد كانت بتشويه الأنوثة الطاهرة واغتيال حيائها.. وعبر تكرار عرض هذه المفاهيم وتردادها بات ركوب ذلك التيار أُمنية نرجسية يتردد صداها في خَلَد عدد من الإناث تحت ستار الشهرة والثراء والدواعي الوجدانية والفطرية.. وغيرهما.
وقد كان من المحصلة النهائية لهذا الأسلوب أن المرأة بدلاً من أن تكون رمز الطهر والعفاف.. صارت جسراً وهدفاً للفحش والابتذال.
وبدلاً من أن تكون خير المتاع في هذه الحياة.. باتت موبئ فتنة وارتكاس. وبدلاً من أن تستمر منبع الإنتاج والعطاء والبناء.. انتكست لتكون معول هدم ومصدر شقاء.. فتم بذلك الوأد الشنيع للأنوثة الإنسانية بما تمثله من معاني الكرامة والطهر والعفاف.
وفي ضوء ما تقدم: فإن من المتعين على تجار المسلمين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات والمصانع وغيرها ـ عليهم ـ أن يتقوا الله في ثقافة الأمة وأخلاقها، وأن يعلموا أن الإعلانات التجارية والحملات الترويجية هي جزء من ثقافة من صدرت عنه، حتى ولو تم تنفيذها من قبل الشركات المتخصصة، فنِسبتها في النهاية إليه لأنه لا بد أن يكون مطلعاً عليها.
وينبغي الحذر من الاغترار بالربح المادي وتحصيله من خلال طرقٍ محرمة من بينها الدعايات التي تتاجر بالغرائز وتستثير الفتن والشهوات المحرمة، وأن يتذكروا أن أصحاب الأموال يحبسون يوم القيامة في أرض الموقف أكثر من غيرهم بسبب مساءلتهم عن أموالهم ومعاملاتهم، كما صحَّ بذلك الخبر عن سيد البشر ـ صلى الله عليه وسلم.
ولفتةٌ أخرى إلى القائمين على وسائل الإعلام وعموم الإعلاميين في بلاد الإسلام ـ مقروءة أو مرئيةً أو مسموعة ـ أن يتقوا الله في أنفسهم وفي أمتهم وألا يقلدوا أمم الضلال فيما سلكوه من مسالك تخالف شريعة ربهم. وينبغي أن نتذكر التحذير الرباني: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ) سورة النور:19
وقد بات من المعروف أن جنوح وسائل الإعلام لاستغلال مفاتن المرأة في الدعايات المتنوعة يُعد علامة بارزة على أن تلك الوسيلة الإعلامية تعاني إفلاسا في جانب المصداقية الإعلامية التي ترتكز على دعائم النجاح والتميز في عالم الإعلام فسارعت إلى ردم ذلك الفشل وتعويض إفلاسها بهذا الأسلوب غير الأخلاقي المتمثل في استغلال الأنوثة والمتاجرة بالغريزة ودغدغة العواطف واستغفال الناس.
وفق الله الجميع لما فيه الخير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الأكثر قراءة