الدعم الأمريكي للمزارعين يتلقى ضربة قضائية عالمية
قضت محكمة استئناف تابعة لمنظمة التجارة العالمية أمس الإثنين بأن الولايات المتحدة لم تلتزم بقرار سابق للمنظمة في قضية رفعتها البرازيل بشأن الدعم الأمريكي لمزارعي القطن.
ويفتح الحكم الباب أمام البرازيل لطلب موافقة منظمة التجارة العالمية على عقوبات بأكثر من مليار دولار سنويا تلمح برازيليا إلى أنها قد تفرضها على الخدمات أو عن طريق تعليق حقوق الملكية الفكرية الأمريكية.
والمعلوم أن الدعم الحكومي للمزارعين الأمريكيين كان يشكل أزمة في تحرير تجارة السلع الزراعية، حيث تتهم دول منتجة مثل البرازيل، الصين، والهند، واشنطن بدعم المزارعين وبالتالي تضعف تنافسية السلع المصدرة للسوق الأمريكية. وكان عدد من الخبراء قد أشاروا في وقت سابق إلى أن الدعم الذي تقدمه أوروبا والولايات المتحدة لقطاعها الزراعي، والذي يكلف مواطنيها مليار دولار يوميا، إنما يسهم في قلة الإنتاج الغذائي وغلاء أسعاره ودمار صغار المزارعين في البلدان النامية.
وأغضبت أمريكا، الدول النامية تجاهها للموضوع الخاص بالقطن الإفريقي والذي قدمته أربع دول إفريقية هي: مالي، تشاد، بوركينا فاسو وبنين، والذي يدعو أمريكا إلى إيقاف الدعم الكبير الذي تقدمه لعدد محدود من مزارعي القطن في أمريكا، ويتأثر به سلبا مئات الملايين من الأفارقة مزارعي القطن. وكان رد أمريكا أنه على الدول الإفريقية قبول المساعدات الأمريكية لهذه الدول وتطوير التقانة ووسائل الإنتاج وأن السبب في عدم قدرة القطن الإفريقي على المنافسة هو تطور البدائل الصناعية وليس الدعم الأمريكي للقطن والذي يخرج الدول الإفريقية من الأسواق حتى يفقر مئات الملايين، علما بأن أمريكا تدعم القطن بأكثر من 3.3 مليار دولار سنويا.
وأوضح حينها ثيلو بود مدير المنظمة غير الحكومية الألمانية "فوود ووتش"، أن "المزارعين في بلدان الجنوب يعجزون عن منافسة المنتجات الزراعية التي تدعمها أوروبا". وأضاف أن "الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي للمزارعين في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وغيرها، يتسبب في رخص الإنتاج الزراعي الأوروبي بدرجة تقضى على صغار المزارعين في بلد كالسنغال على سبيل المثال".
وقال إن "هذه الدول هي نفسها التي أرغمت البلدان النامية، عبر المنظمات الدولية، على إلغاء الرسوم الجمركية والحواجز التجارية، مما أجبرها على استيراد الغذاء المدعوم" من الدول الصناعية.
وأفاد بأن التداعيات الاقتصادية لمثل هذه السياسيات تتبلور في زيادة البطالة والفقر بين المزارعين في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، مما يترتب عليه شح الغذاء جراء خسارة المزارعين وسائل الإنتاج.
وينفق الاتحاد الأوروبي على مزارعيه أكثر من 50 مليار دولار سنويا على شكل دعم، في إطار برنامج السياسة الزراعية المشتركة. ويعادل هذا المبلغ 45 في المائة من ميزانية المفوضية الأوروبية. من ناحيتها، تنفق دول صناعية أخرى خاصة الولايات المتحدة، أموالا طائلة على صورة دعم لمزارعيها، كما تحمي الأسواق المحلية من خلال رسوم الاستيراد وحصصها. وكانت قضية الدعم مركز نقاش مستمر في المحافل الدولية كمنظمة التجارة العالمية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والأمم المتحدة. وتسببت موجة الغلاء في احتجاجات شعبية واسعة في بلدان منها هايتي، مصر، والكاميرون، ساحل العاج، موريتانيا، إثيوبيا، أوزبكستان، اليمن، الفلبين، تايلاند، إندونيسيا، وإيطاليا أيضا.