المقاولون يحجمون عن تنفيذ المشاريع الحكومية ويصعدون مطالبهم للجهات العليا
في مؤشر جديد على الصعود المستمر لأزمة مواد البناء أحجم مقاولون سعوديون عن إكمال المشاريع التي قطعوا فيها مراحل متقدمة من العمل، وذلك نتيجة تصاعد أسعار الحديد والأسمنت، في الوقت الذي أبرمت عقودهم وفقا لأسعار منخفضة قياسا بالأسعار الحالية، وهو الأمر الذي دفع الجهات الرسمية لبحث حلول جديدة تهدف إلى مواجهة توقف المشاريع.
وأوضح مسؤول في مجلس الغرف السعودية أن المقاولين صعدوا مطالبهم إلى الجهات العليا عن طريق لجان المقاولات مطالبين بإيجاد حلول لاحتواء الأزمة، حيث باتوا عاجزين عن الاستمرار في المشاريع التي زادت تكاليف إنشائها أضعافاً بسبب التصاعد المستمر في أسعار مواد البناء الأساسية.
ويشير مقاولون إلى أن نحو 40 في المائة من المشاريع الحكومية لم تطرح للمنافسة بعد بسبب نقص المهندسين ومسؤولي المواصفات، إضافة إلى أن هناك مشاريع كبيرة في القطاع الخاص، وعدداً من المباني السكنية للمواطنين لا تتوافر لها بيانات دقيقة، وهو يؤكد أن هناك حاجة كبيرة من الحديد في الفترة المقبلة ولابد من دراسة الموضوع بشكل سليم.
وأكد لـ"الاقتصادية" المهندس ناصر المطوع رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض أن أزمة ارتفاع أسعار مواد البناء تسببت في توقف عدد من المشاريع خصوصا المرتبطة بعقود حكومية، حيث بلغ نحو 400 مشروع وهناك الكثير من المشاريع الأخرى التي في طريقها للتوقف خاصة أن الارتفاع الذي يحدث غير تدريجي وبالتالي فإن المقاول غير قادر على الاستمرار، إضافة إلى أن المشاريع الحكومية لا يمكن من خلالها المطالبة بالتعويضات إلا بعد إنجاز المشروع ومع ارتفاع التكاليف فإن المقاول عاجز عن الاستمرار.
وقال المطوع إن لجنة المقاولين في الرياض رفعت طلبا إلى مجلس الغرف أوضحت من خلاله المشكلات التي واجهت المقاولين الذين يرتبطون بعقود مع الدولة والذين أصبحوا غير قادرين على مواصلة أعمالهم مع ارتفاع التكاليف عليهم، مشيرا إلى أنه تم عقد اجتماع مع وزير التجارة تم خلاله عرض المشكلة وكان متفهما لما يمر به المقاولين من ضغوط أجبرتهم على التوقف وتم رفع التوصيات إلى الجهات العليا، ومن أبرزها إعادة النظر في رفع الدفعة الأولى للمشاريع وتعويض المقاولين عن الخسائر التي يتعرضون لها بسبب ارتفاع الأسعار.
وتواجه سوق المقاولات في السعودية مشكلة نقص الحديد والأسمنت وارتفاع أسعارهما لمستويات قياسية طالت تأثيراتها حركة نمو المشاريع الاستثمارية، الأمر الذي دفع عدداً من المقاولين إلى البطء في تنفيذ المشاريع ترقبا لحل الأزمة، إلا أن الأمر يشتد خطورة في التهديد بتوقف المشاريع وهو الأمر الذي سيحدث أزمة حقيقة في قطاع الإسكان واستكمال المشاريع الاقتصادية الضخمة.
ويرى مقاولون أن توقف المشاريع أو بطء تنفيذها سيؤديان حتما إلى أزمة كبيرة في سوق الوحدات السكنية التي تحتاج إلى مضاعفة الاستثمار والبناء في ظل الطلب المتزايد الذي تشهده السوق المحلية إذ إن أي توقف سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب قلة المعروض.
ويرى مراقبون أن بطء تنفيذ المشاريع خاصة المتعلقة بالإسكان يمكن أن يؤدي إلى خلل في توجهات البنوك والشركات التي شرعت في إقرار أنظمة لإقراض المواطنين منازل جاهزة، حيث ستواجه البنوك شحا كبيرا في الحصول على الوحدات الجاهزة التي تنفذها شركات المقاولات والاستثمار العقاري.
وتعتمد السوق السعودية في وارداتها من خام الحديد على السوق البرازيلية في مجال كريات الحديد، التي تعد المدخل الرئيس في منتجات شركة حديد، وعلى كتل الحديد الجاهزة التي يتم استيرادها من السوق التركية. وعادة ما يعود الارتفاع إلى عدد من العوامل الداخلية والخارجية، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار خردة الحديد في السوق المحلية، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الخام للحديد في الأسواق الخارجية، حيث لا تظهر نتائج الأسعار العالمية على السوق المحلية قبل ثلاثة أشهر، وفي ظل ما تشهده أسواق مواد البناء خلال السنوات الأربع الماضية من ارتفاعات مطردة تجاوزت حدود المعقول سيما فيما يتعلق بأسعار الأدوات والأسلاك الكهربائية التي قفزت بنسبة وصلت إلى 450 في المائة، وكذلك الارتفاع الكبير جدا في المواد البلاستيكية والسباكة.