محافظ البنك المركزي الأوروبي: آثار أزمة الرهن العقاري لم تنته بعد
عدّ رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه أن الآثار الاقتصادية المحتملة لاضطرابات الأسواق المالية، إضافة إلى الزيادات في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية هي "صدمات متراكمة" و"أنها لم تنته" بعد.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل الذكرى السنوية العاشرة لإنشاء البنك المركزي الأوروبي أكد تريشيه فوائد الوحدة النقدية في منطقة اليورو قائلا إنها حققت "نجاحا لا يمكن إنكاره."
وأضاف قائلا: "لدينا عملة يمكن الوثوق بها وهي تحقق ما يتعين عليها أن تحققه وهو استقرار الأسعار على المدى المتوسط". وأشار تريشيه إلى مسح نُشر مؤخرا تكهن فيه محللون اقتصاديون بأن التضخم في منطقة اليورو سيبلغ 1.9 في المائة في خمسة أعوام. وقال إنه في الوقت الحالي "لدينا فترة طويلة لمعدلات مرتفعة للتضخم. لكننا سنحقق استقرارا في الأسعار على المدى المتوسط". وأضاف أن "أوروبا يمكنها، بل ينبغي لها أن تحسن الأداء فيما يتعلق باحتمالات النمو.. يمكننا أن نحسن النمو بشكل أكبر، ويمكننا أن نحسن إيجاد الوظائف بشكل أكبر إذا تسارعت الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية"
وخلال الأسبوع الماضي، قدم المستثمر الأمريكي جورج سوروس أكثر تقديراته تشاؤما حتى الآن بشأن حالة الاقتصاد الأمريكي والعالمي. ففي مقابلة أجراها معه الصحافي روبرت بيستون، محرر الشؤون الاقتصادية في "بي. بي. سي"، قال سوروس إنه في الوقت الذي تكون فيه أزمة الائتمان العالمية قد تخطت "مرحلة الحرج أو الخطر"، إلا أنه ما زال يتعين علينا انتظار انعكاسات تلك الأزمة وآثارها في الاقتصاد الحقيقي.
وحذر سوروس من أنه لربما نكون بصدد نهاية "الفقاعة المالية"، التي شهدها الاقتصاد العالمي على مر الـ 25 سنة الماضية، وأن "الازدهار الكبير" الذي أعقب الحرب العالمية الثانية قد تولى إلى غير رجعة. وقال: "إن التباطؤ الاقتصادي سيكون أكثر حدة، وبالتأكيد أطول مما يتوقعه معظم الناس".
وأضاف أن بريطانيا في وضع أسوأ من أمريكا بشأن قدرتها على الصمود في وجه العاصفة الاقتصادية المقبلة، لأن لديها قطاعا ماليا ضخما وشهدت أكبر معدل زيادة في أسعار المنازل.
وقال سوروس إن الوضع الراهن لمعظم البنوك المركزية في العالم، التي انصبَّ تركيزها في الفترة الماضية على مكافحة التضخم، يعني أن هنالك مجالا محدودا لتخفيض نسب الفائدة من أجل مساعدة اقتصادات بلدانها على التعافي. وبخصوص بنك إنجلترا المركزي، قال سوروس: "إنه يشبه مأساة إغريقية، لأنه ببساطة لا يستطيع أن يقفل راجعا إلى الوراء، ما لم تصل الأمور إلى درجة الركود الاقتصادي الذي يمكن أن يزيح معه الضغوط الناجمة عن ارتفاع الأسعار".
وأردف الملياردير الأمريكي قائلا إنه "لا مفر" أمام البنك المركزي البريطاني من أن يبقي أسعار الفائدة مرتفعة جدا من أجل خير اقتصاد البلاد.
وتُعد تصريحات سوروس بمثابة صدى للتنبؤات المتشائمة والقاتمة السواد التي طالعنا بها محافظو البنوك المركزية في العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ففي لقاء أجرته معه "بي. بي. سي" أخيرا، قال جانكلود تريشيه رئيس المصرف المركزي الأوروبي، "إن عملية تصحيح وضع السوق ما زالت جارية". أما ميرفين كينج، محافظ مصرف إنجلترا، فقد حذر في التقرير الذي أصدره البنك من أن التضخم في بريطانيا سيرتفع فوق المعدل المستهدف، بينما يتباطأ الاقتصاد على نحو حاد.
ويعتقد سوروس أنه يجب توجيه اللوم جزئيا إلى محافظي البنوك المركزية في وقوع أزمة الائتمان، وذلك بسبب سلوكهم خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بتقديم الكفالة للقطاع الاقتصادي كلما دخل في مشكلة إفراط الإقراض المالي، وهذا ما يُطلق عليه "مشكلة الخطر الأخلاقي".
وذكر سوروس أنه كان يتعين على البنوك المركزية استهداف ومعالجة قضية الأرصدة والمبالغ المالية الوهمية، مثل الارتفاع الكبير في أسعار المنازل، وأن تحاول كبح جماحها وأن تمنع خروجها عن نطاق السيطرة، الأمر الذي قامت بمقاومته حتى الآن.
وشدد على أنه لا بد في المستقبل من اتخاذ إجراءات أكثر حزما وصرامة، ولكن أكثر ذكاء، من أجل تخفيض تقديم الائتمان المبالغ فيه والزائد على حده في الاقتصاد.