"هيئة المحاسبة" تبدد المخاوف.. برنامج تصديق العقود لن يلغي المجالس الشرعية
طمأن مسؤول رفيع في الصناعة المصرفية الإسلامية بأن البنوك الخليجية ليس لديها توجه للاستغناء عن مجالسها الشرعية وذلك بعد أن أصدرت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الشهر الماضي برنامجا يحظى بموثقية عالية و أطلقت عليه اسم"برنامج تصديق عقود الأدوات المالية الإسلامية"، إلى جانب مطالبة بعض المختصين بإنشاء مجالس شرعية في البنوك المركزية الخليجية تختص بمراقبة وإجازة المنتجات المصرفية الإسلامية.
ونظرا لأن البرنامج-الذي أطلقته الهيئة- يجعل عملية الإجازة الشرعية للمنتجات ذات طابع مؤسسي أكثر من كونها عملية فردية، فقد ظهرت في الفترة الأخيرة مخاوف من أن يسلب برنامج تصديق العقود من فقهاء المصارف المحليين مهمة إصدار الفتاوى الخاصة بجميع المنتجات المصرفية، إلا أن الدكتور محمد نضال الشعار الأمين العالم لهيئة المحاسبة والمراجعة قد أكد أن البرنامج سيقتصر على ثلاثة منتجات مالية وهي:الصكوك، القروض، والحسابات البنكية، على أن تُفحص للحصول على مصادقة الهيئة.
وقال الشعار لـ "بلومبرج" إن البنوك ستظل بحاجة إلى الاحتفاظ بمجالسها الشرعية الخاصة بها لمعاينة و تمحيص جميع منتجاتها، و أن نقاط عدم الالتزام بالأحكام الشرعية في العقود ستكون نادرة، على اعتبار أن فقهاء الهيئة هم أنفسهم يعملون أيضاً لدى عدد كبير من البنوك الإسلامية على حد قوله.
معلوم أن فقهاء مسلمون قد أطلقوا في الشهر الماضي مبادرة مهمة تهدف إلى تعميق أسس التحقق من التزام العقود المالية الإسلامية بأحكام الشريعة، من خلال برنامج ينظم عملية تصديق العقود المالية التي تبرمها المؤسسات المالية الإسلامية مع عملائها بما يضمن التزامها بأحكام الشريعة، في خطوة وصفت بأنها ستجلب معها "تجانسا معياريا عالميا" لصناعة تحاول لملمة جراحها من جراء تبعات أزمة الصكوك.
هذا البرنامج الذي ترعاه هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية, يعتزم فيه الفقهاء المسلمون الذين يضعون المعايير للأوراق المالية الإسلامية, إصدار "شهادة اتباع عالمية" إيقاف المخالفات والتجاوزات للأحكام الشرعية في صناعة الأوراق المالية وجعلها أكثر جاذبية في أعين المستثمرين.
وسيكون البرنامج- بحسب الفقهاء- بمثابة المصدر المستقل لقياس درجة التزام عقود ومعاملات المصارف التقليدية والإسلامية بالأسس والأحكام الشرعية المنظمة لها، الأمر الذي يساعد تلك المؤسسات على تسويق منتجاتها الموافقة لأحكام الشريعة لجمهور عملائها.
وكان عضو بارز في هيئات الرقابة الشرعية في المصارف المصرفية الإسلامية قد حذر من إلغاء اللجان الشرعية التابعة للمصارف الإسلامية في حال تطبيق مشروع المجالس الفقهية التابعة للبنوك المركزية في دول الخليج، لكونها تؤدي دورا حيويا في البحث والإبداع وتطوير المنتجات والرقابة الشرعية والإفتاء، إلا أنه اعتبر أن تشكيل تلك المجالس" أمر لابد منه " لتطوير الصناعة المصرفية الإسلامية.
ولم يمانع الشيخ نظام يعقوبي خلال حديثه لـ "الاقتصادية" في فرض مثل هذه المجالس معايير إسلامية جديدة، لكنه اشترط أولا استنفاد آليات البحث العلمي والاجتهاد لدى بعض الجهات وعلى رأسهم هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
ووصف يعقوبي دعوات تشكيل المصارف المركزية الخليجية لمجالس فقهية للبنوك الإسلامية، أنه "أمر مرحلي لابد منه ولا سيما في الدول التي ترغب في تطوير صناعتها المصرفية الإسلامية"، مشيرا إلى أن للسودان وماليزيا تجارب في هذا الصدد، إلى جانب أن البحرين تتجه إلى ذلك، وإن كانت الهيئة الشرعية في المصرف المركزي البحريني لم يتم تفعيلها بعد كما ينبغي على حد قوله.
وأُطلقت دعوات أخيراً تطالب بضرورة أن تعمل البنوك المركزية الخليجية على تشكيل مجالس فقهاء للمصارف الإسلامية بهدف حماية وصيانة الصناعة المصرفية الإسلامية وتوحيد معاييرها ومنع أي أزمات قد تواجهها، وإلزام المصارف الإسلامية بتلك المعايير والفتاوى.
وقال الخبير المصرفي الذي يتمتع بعضوية العديد من هيئات الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية "إن المصارف المركزية يمكن أن تنشئ مجلسا أو هيئة موحدة يتم اللجوء إليها للحصول على الإرشادات والتوجيهات، وعند الاختلافات الشرعية". وأضاف "كذلك يمكن أن تلجأ إليها الجهات الرقابية عند تطوير المنتجات الجديدة ومن ثم تعميمها على البنوك الإسلامية لتمكينها من تقديم أداء أفضل".