الوقود الأحيائي يحضر في منتدى شرم الشيخ الاقتصادي

الوقود الأحيائي يحضر في منتدى شرم الشيخ الاقتصادي

أكد الرئيس المصري حسني مبارك أمس أن الشرق الأوسط يتوق للسلام والاستقرار والتنمية ويجتاز مرحلة مهمة على طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ويمتلك من الثروات الطبيعية والاستراتيجية والبشرية ما يؤهله للتقدم والازدهار.
ودعا مبارك في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ إلى "حوار دولي" عاجل للبحث عن حلول لأزمة الغذاء العالمية.
وأكد مبارك أنه "سيحمل الدعوة للحوار حول هذا الشأن الدولي المهم إلى
اجتماع منظمة الأغذية والزراعة "فاو" الشهر المقبل في روما". وأعرب عن أمله أن "يضع هذا الاجتماع دول العالم المتقدمة والنامية على الطريق الصحيح لاحتواء الأزمة الراهنة". وقال مبارك إن "توفير الأمن الغذائي للفقراء يمثل تحديا أساسيا وهو مسؤولية كبرى تجاه الفقراء والفئات الأقل دخلا بما في ذلك فقراء الدول الغنية المتقدمة". وأضاف أنه "لا ينبغي أن يصبح هذا الهدف محلا لمضاربات ترفع أسعار الغذاء أو توجهات تستخدم طعام الإنسان وقودا للمحركات". وتابع "أن الحاجة تشتد إلى حوار دولي عاجل يلتقي حول مائدته مصدرو ومستوردو الطاقة والغذاء من الدول المتقدمة والنامية، حوار يضع حلولا تضمن الوفاء باحتياجات سكان العالم من الطعام وتوفر - في الوقت ذاته- إمدادات الطاقة للاقتصاد العالمي، حوار يسفر عن حلول نتفق عليها جميعا ونلتزم بها جميعا". وأكد أن "العالم تجتاحه موجات تضخمية عاتية تشهد ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الطاقة والسلع الغذائية الأساسية والخامات، تلقي بالجانب الأكبر من تبعاتها وتداعياتها على الدول الفقيرة وعلى الفقراء داخل البلد الواحد". وتساءل الرئيس المصري "هل من المعقول أن يمضي البعض في إنتاج الوقود الإحيائي وبدعم من الحكومات لمنتجيه، وهل من المعقول أو المقبول أن تستخدم المحاصيل الزراعية في إنتاج الإيثانول لتزداد أزمة ارتفاع أسعار الغذاء تفاقما؟!".
وأضاف أن "المجتمع الدولي في حاجة لإعادة تقدير التكلفة الحقيقية لإنتاج
الوقود الإحيائي بانعكاساته الاجتماعية والبيئية وتداعياته على الأمن الغذائي
للبشر". وكان مبارك قد افتتح المنتدى أمس في مدينة شرم الشيخ بمشاركة نحو 1500 من كبار المسؤولين وكبار رجال الأعمال والمسؤولين الاقتصاديين من نحو 70 دولة من مختلف دول العالم والذي يستمر ثلاثة أيام.
وتشير تقارير عالمية إلى أن حصة الوقود الإحيائي في سوق الطاقة العالمية حاليا تقدر بنحو 1.5 في المائة، لكنه مسؤول عن 70 في المائة من ارتفاع أسعار بعض السلع خاصة القمح والذرة وقصب السكر التي يستخرج منها الإيثانول.
من جانبه، قال الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى إن دول المنطقة أمامها فرصة للتحرك قدما وتقديم إصلاحات بكل شجاعة وثقة من أجل إحراز وتحقيق تقدم في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن تحقيق هذا التقدم يتطلب إصلاحات اقتصادية مصحوبة في الوقت ذاته بإصلاحات سياسية. وأضاف أنه منذ عام 2004 فإن متوسط النمو الاقتصادي في المنطقة بلغ أكثر من 5 في المائة، كما شهدت التجارة توسعا ملحوظا و تقدما سريعا في مجال التكنولوجيا فضلا عن زيادة الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير التي أدت إلى تقلص معدلات البطالة في العديد من دول المنطقة. ودعا الرئيس الأمريكي دول المنطقة إلى الاستفادة من التجارة الحرة وإزالة الحواجز والقيود أمام التجارة مع بعضهم البعض، مؤكدا أن بلاده ستواصل التفاوض مع دول في المنطقة لإبرام اتفاقيات للتجارة الحرة بشكل ثنائي معها.
من جهته، قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس في كلمته أمام المنتدى إن الشرق الأوسط في موقع استثنائي يتيح له السير إلى الإمام "فالطلب المتزايد عالميا على الطاقة جلب معه سيولة مالية وفيرة وهذه الموارد تبني على الأصول والموجودات الإيجابية الأخرى في المنطقة التي تضم سوقا فيها 250 مليون مستهلك وتقاليد عريقة في ممارسة الأعمال والتعلم ومجتمعات شابة لها تطلعات كبيرة وتتمتع بوعي عالمي". وقال العاهل الأردني "نحن بحاجة إلى أن نقوم بكل ما نستطيع لاستثمار هذه الأصول والموجودات لتحقيق النمو في اقتصاداتنا".
من جانبه، قال أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري على هامش أعمال المؤتمر أمس الأول إن "ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب بنسبة 18 في المائة" وما تطلبته من إجراءات لمكافحة التضخم وانعكاساته على الفقراء كلفت ميزانية الدولة14 مليار جنيه مصري (نحو 2.8 مليار دولار).
وأكد أن "الكثير من السياسات التي كانت مأخوذة كمسلمات بحاجة لمراجعة" ومن بينها السياسات الزراعية التي كانت المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي ينصح بها الدول النامية التي اعتمدت على مبدأ حرية التجارة ووجهت الزراعة في اتجاه محاصيل غير غذائية.
وتعاني مصر التي يعيش 40 في المائة من سكانها تحت أو عند خط الفقر من أزمة ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب الغذائية، وهي أزمة أدت إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي في نيسان (أبريل) الماضي إلى نحو 17 في المائة.
وأدت هذه الأزمة إلى حركات احتجاج اجتماعي وإضرابات اضطرت الحكومة المصرية إلى الاستجابة لها برفع أجور العاملين في الدولة والقطاع الخاص بنسبة 30 في المائة.
وينعقد المنتدى هذا العام تحت شعار "التعلم من المستقبل" للتركيز على مجموعة من السيناريوهات تتناول تأثير التغيرات العالمية في الشرق الأوسط. وسيتناول هذا المحور الإجراءات والسياسات التي يتوجب اتخاذها للوقوف أمام التحديات واغتنام الفرص في المنطقة في الـ20 عاما المقبلة . وفي الجلسة الرئيسية "مستقبل الشرق الأوسط" سيتناول الحوار العناصر التي ستشكل الشرق الأوسط في عام 2008 وما بعده. وستتبعها جلسات تتناول التقدم "البطيء" في العراق ثم تعرج على القوى الإقليمية الآسيوية الصاعدة كالصين وعلاقتها بالشرق الأوسط. ولن تغفل قضايا اقتصادية ملحة مثل التضخم العالمي المتزايد. وسيتساءل رجال أعمال بارزون عما إذا كانت دول الخليج تعمل على تحويل الأرباح المتزايدة - بسبب ارتفاع أسعار النفط - إلى تنمية مستدامة في بلدانهم. أما المحور الثاني فسيتناول الأطر التي يجب العمل ضمنها لزيادة التعاون والتفاعل بين زعماء العالم. والدول التي سيسلط عليها الضوء في المنتدى هي الجزائر التي يتدفق عليها مزيد من المستثمرين، وكازاخستان بحضور رئيسها نور سلطان نزار باييف، وباكستان التي فاق نموها الاقتصادي مثيله في الهند بخمس مرات في السنوات الخمس الماضية. يشارك في هذا المنتدى، الذي سيفتتحه الرئيس المصري حسني مبارك، أكثر من 1500 زائر بينهم 14 رئيس دولة وأكثر من 80 وزيرا إضافة لرجال أعمال بارزين ونشطاء مجتمع مدني من 60 دولة. هذا هو المؤتمر السادس الذي يعنى بالشرق الأوسط، علما بأن الاجتماعات انعقدت حتى الآن في شرم الشيخ المصرية والبحر الميت في الأردن.

الأكثر قراءة