المخاوف من التضخم تعمق حالة اللبس لدى المستثمرين في الأسواق العالمية

المخاوف من التضخم تعمق حالة اللبس لدى المستثمرين في الأسواق العالمية

هذا الأسبوع لم تغب المخاوف من التضخم عن أذهان المستثمرين، في الوقت الذي حافظ فيه النفط على أدائه المتصاعد المتحدي للجاذبية، وحيث أرسل بنك إنجلترا هزة خوف خلال الأسواق من خلال تقريره القائم تماماً حول آفاق الاقتصاد البريطاني.
ذكر ريكاردو باربيري، رئيس قسم التحليل الاستراتيجي في بانك أوف أمريكا، أن الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة يقترن بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، ما يعمق من الوقع المحتمل على التضخم.
وقال: "تشعر البنوك المركزية بأنه في حين أننا ربما نكون قد تجاوزنا معظم المرحلة الحادة من أزمة الائتمان وأسواق المال، إلا أن أكثر الفترات تحدياً من حيث التضخم ربما لا يزال في انتظارنا".
"هذه الحقيقة البسيطة تفسر السبب وراء إصدار بنك إنجلترا تقييما متشددا من هذا القبيل حين أصدر تقريره الجديد حول التضخم".
قال دانييل فايندلر، رئيس قسم الاقتصاد والاستراتيجية لدى بنك دريزدنر كلاينفورت: "أخذنا على حين غرة بسبب التطورات الأخيرة على جبهة التضخم، شأننا شأن معظم المحللين في السوق". ولكنه جادل بأن البيئة الحالية سينتهي بها المطاف إلى أن تكون بيئة تتسم بالانكماش الاقتصادي.
وقال: "لا نرى أن هناك خطراً كبيراً من نشوء سلم لولبي من ارتفاع الأجور ثم ارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذي لا بد منه لدفع معدلات التضخم الأساسي إلى أرقام مرتفعة على نحو لا يستهان به. بل الأمر على العكس من ذلك. فإن معدلات النمو التي تقل عن الاتجاهات العامة في الاقتصادات الكبرى ستزيد من فائض الطاقة الإنتاجية وتضغط على معدلات التضخم الأساسي باتجاه الأدنى على المدى المتوسط".
قال بنك إنجلترا إن التضخم سيظل عند مستويات تزيد كثيراً على الرقم الذي تستهدفه الحكومة، وهو 2 في المائة، لغاية أوائل عام 2010، وحذر من حدوث تباطؤ ملحوظ في النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام. وجاء هذا التقرير المتشائم في أعقاب بيانات قوية حول المنتجين والأسعار الاستهلاكية في بريطانيا.
أكدت البيانات النهائية حول الأسعار الاستهلاكية في منطقة اليورو حدوث هبوط في المعدل السنوي، ولكنها أظهرت أن التضخم لا يزال أعلى بكثير من الهدف الذي وضعه البنك المركزي الأوروبي. في المقابل كانت الأرقام في مؤشر الأسعار الاستهلاكية في الولايات المتحدة حميدة على نحو يفوق الأرقام الأوروبية.
تراجعت السندات الحكومية الأوروبية. تسبب التقرير القاتم حول آفاق الاقتصاد البريطاني بدفع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل سنتين إلى الأعلى بقوة بمقدار 46 نقطة أساس، وهي أكبر زيادة أسبوعية لهذه السندات خلال 14 سنة، لتصل إلى أعلى معدل لها خلال ستة أشهر، وهو 4.74 في المائة.
عملت الأرقام القوية بصورة لافتة للنظر للناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا، عملت على تقويض وضع سندات منطقة اليورو، رغم أن المحللين تبنوا وجهة النظر القائلة إن النمو سيتباطأ خلال الأشهر المقبلة. وقفز العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل سنتين بمقدار 30 نقطة أساس ليصل إلى 3.98 في المائة.
ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين بمقدار 23 نقطة أساس ليصل إلى 2.46 في المائة، على الرغم من البيانات الأمريكية المتراخية حول التضخم وعلى الرغم من أرقام الإنتاج الصناعي الضعيفة وتراجع أرقام ثقة المستهلكين، وهو ما يقول عنه المحللون إنه أعطى البنك المركزي الأمريكي مجالاً أوسع لتخفيض أسعار الفائدة من جديد.
ولكن العائد على السندات لأجل عشر سنوات ارتفع بمقدار نقطتي أساس ليصل إلى 3.79 في المائة، ما دفع بالفجوة بين تاريخي الاستحقاق إلى أدنى مستوى لها منذ شهر كانون الثاني (يناير).
في أسواق العملات، اقترب الاسترليني قرباً كبيراً من أدنى مستوى له خلال ثلاثة أشهر في مقابل الدولار قبل أن يستعيد وضعه السابق، في الوقت الذي تأثر فيه الدولار بالأنباء التي تقول إن ثقة المستهلكين الأمريكيين هبطت إلى أدنى مستوى لها منذ 28 عاماً.
كان هناك تغير حاد في المزاج العام في أسواق الائتمان حين ضاقت الفجوة بصورة لا يستهان بها بين العوائد على سندات الخزانة والعوائد على سندات الشركات. هبط مؤشر آي تراكس أوروبا للأسهم الممتازة بمقدار 14 نقطة أساس خلال الأسبوع ليصل إلى 67 نقطة أساس، في حين أن المؤشر الأمريكي المعادل للمؤشر الأوروبي، وهو مؤشر سي دي إكس نورث أمريكا للسندات الممتازة تراجع بمقدار 13 نقطة أساس ليصل إلى 91 نقطة أساس.
أوصى هنريك أرنت، وهو محلل ائتماني لدى دانسكه بانك، بعدم الإفراط في التفاؤل في الوقت الذي حذر فيه من أن هناك قضايا خطيرة لا تزال عالقة في أسواق المال، حيث السيولة لأجل، مثل يوريبور لأجل ثلاثة أشهر، لا يزال سعرها على نحو أوسع كثيراً من أسعار الفائدة المماثلة لليلة واحدة.
وقال: "ولكننا نرى بالتأكيد أن طبيعة أزمة الائتمان والسيولة هي الآن في حالة تغير، في الوقت الذي نبتعد فيه الآن من موقف اتسمت فيه الحركات الكبيرة للفروق بين عوائد السندات بالدرجة الأولى بقضايا فنية، مثل البيع الاضطراري وتفكك العقود".
"إننا نرى أن الانتباه سيتجه الآن إلى مدى عمق الأثر الذي سيصيب الاقتصاد الحقيقي بفعل الأزمة، وهو من شأنه أن يدفع بالفروق في العوائد إلى التباعد على نحو أكثر من ذي قبل".
كذلك تمتعت أسواق الأسهم بأسبوع أكثر إيجابية من الأسابيع السابقة، على الرغم من مطالبة بن برنانكي، رئيس مجلس البنك المركزي الأمريكي، البنوك بالسعي لجمع المزيد من رأس المال.
بحلول منتصف النهار ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز بمقدار 2.1 في المائة على مدى الأسبوع، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا ارتفع بمقدار 1.6 في المائة.
في طوكيو، ارتفع مؤشر نيكاي 225 بمقدار 4.1 في المائة، وهو أفضل أداء أسبوعي منذ منتصف شباط (فبراير)، في حين أن سيئول وتايبيه بلغا أرقاماً قياسية لعام 2008.
تمتعت الأسواق الناشئة بصورة عامة بأسبوع طيب، حيث ارتفع مؤشر بنك مورجان ستانلي لأسهم الأسواق الناشئة إلى أعلى مستوى له منذ شهر كانون الثاني (يناير).
في روسيا حقق مؤشر آر تي إس رقمين قياسيين متتابعين، في حين أن السوق الصينية تمكنت إلى حد كبير من تجاوز آثار الزلزال المدمر الذي ضرب القسم الجنوبي الغربي من الصين.
استمر النفط الخام في السيطرة على تداولات السلع، في الوقت الذي حقق فيه خام غرب تكساس المتوسط رقماً قياسياً جديداً هو 127.82 دولار للبرميل بالأمس قبل أن تعلن السعودية زيادة الإنتاج.
جاء الدليل على تسارع الطلب على السلع من ارتفاع قوي في مؤشر بالتك دراي لأسعار الشحن، حيث وصل إلى أعلى مستوى تاريخي له بالأمس.

الأكثر قراءة