أمننا الغذائي في الصندوق...
يدور الحديث حول جدوى إنشاء شركة قابضة للاستثمار الزراعي المباشر في الخارج بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويبدو أن القرارات الأولية التي صدرت عن مجلس الوزراء الموقر يوم 5 أيار (مايو) 2008م، أصبحت مادة دسمة للنقاش وتبادل الأفكار حولها.
وحسبما ورد في بيان مجلس الوزراء أنه على وزارة المالية ووزارة الزراعة، ووزارة التجارة والصناعة إعداد الدراسات اللازمة المتعلقة بإنشاء شركة سعودية قابضة بين القطاعين العام والخاص للتطوير والتشغيل والاستثمار الزراعي والحيواني في الدول الأخرى. ومن ثم ترفع هذه الدراسات إلى مجلس الوزراء لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة، وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القرار. فبكل تأكيد ستعمل كل الجهات المعنية وبإخلاص لكي يتم تكوين هيكل تنظيمي وإداري لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي رسمتها قيادتنا الرشيدة ، وكفرد من أفراد هذا المجتمع العزيز سأطرح فكرة إنشاء صندوق بدلا من إنشاء الشركة. والسبب أن إنشاء الصناديق الاستثمارية لهذه الأغراض يعطينا مرونة أكثر وتقل تكاليف إنشائه وتشغيله ومراقبته عن تلك التي تتطلبها الشركات والكيانات الضخمة. أيضا هناك أمر أهم من التكاليف، ويحتم علينا أن نكون أكثر مرونة وسرعة، وهو أننا ليس وحدنا في هذا الميدان أي التخطيط الاستراتيجي للأمن الغذائي، فهناك دول ومجتمعات كثيرة تتسابق وتتنافس للسيطرة على مناطق وكوادر الإنتاج على رأسها اليابان.
لذلك أرى أننا يجب أن نعمل على رسم استراتيجية واضحة ليعمل من خلالها صندوق استثماري يقوم بالشراء أو الدخول كشريك مع شركات إنتاج زراعي قائمة وتعمل في بلدانها. والكل يعلم أن الكثير من الشركات الزراعية حول العالم من الهند وتايلاند إلى أوروبا تواجه مشكلات شح السيولة، ولأن التمويل والحصول على رؤوس الأموال أصبح صعبا جدا بسبب ظروف أسواق المال والائتمان العالمية. لذا سيعمل هذا الصندوق على تقييم أسواق ومناطق المنتجات الزراعية الأساسية، ومراجعة أسماء الشركات العاملة في كل سوق من ثم تدرس قوائمها المالية لتحديد الجدوى الاستثمارية. ففي حال تم تحديد الشركات المستهدفة يقوم الصندوق باتخاذ الخطوات نفسها التي تتخذها صناديق الـ private equity المحترفة، التي تتملك نسبة الأغلبية في الشركات وتضخ رؤوس أموال بها لتعيد هيكلتها وتجعلها تسير حسب الخطط الاستراتيجية لتلك الصناديق. وبلا شك سنجد أن الكثير من الشركات الزراعية حول العالم بحاجة إلى رؤوس أموالنا، وقد تكون نسب النجاح أوفر لمثل هذا الاتجاه بدلا من دخول أسواق أجنبية، ومنافسة أصحابها من خلال إنشاء شركات جديدة هناك.