مَن سيبدأ الزيارة الصحية الإلكترونية للمنازل الشعبية؟ (1)

[email protected]

إذا ما اهتزت ثقة طالب الخدمة الصحية في قدرة مقدميها على إرضائه، ولو بالحد الأدنى، وشاع ذلك في عدة مناطق وتحت مختلف الظروف والحالات ولم تفلح المحاولات في عمل إصلاحات جذرية لتتعافى بها الخدمة، فهذا يعني أن النظام الصحي القائم لم يعد محققا الأهداف الأساسية، وعلى المشرعين والمسؤولين أن يطوروا أجزاء منه أو يحاكوا نظاما جديدا لتجديد الثقة، لأن المستهلك أصبح مراقبا ومتابعا مصالحه ولن يتنازل عنها.
واقعيا يعتقد أن مما أفقد الناس الثقة هو وضع القرارات والتعامل مع المجتمع بآلية توحي بأن صناع القرار يعرفون مالا يعرفه غيرهم، في حين أن كثيرا من المستفيدين من وضعوا لبنات لمستقبل الشأن الصحي وهم - لله الحمد - لا يزال لديهم الكثير ليضيفوه. جراء ما يحدث الآن في العالم اقتصاديا هل نعتبر أنفسنا استفدنا من الطفرة بما يحقق استقرارا طويل الأمد؟ ثم ماذا نريد أن نرى في نظام تقديم رعاية صحية جديد إذا كان ينظر لتشغيل أكبر عدد ممكن من القوى العاملة في مرافق صحية يزداد بمعدل شهري وستكون الزيارات والعلاج في المنازل؟ من الناحية المثالية الرعاية ينبغي أن تكون متاحة وميسرة للجميع، فهل نعني بالجميع مواطنين ومقيمين, موظفي الشركات والقطاع العام, القادرين وغير القادرين على الدفع؟ هل نواجه التحديات بتوفير هياكل تنظيمية تساعد على التطبيق وقواعد بيانات تحكم قبضتنا على كل شاردة وواردة في معلومات طالب الخدمة ومقدمها, وكادر متخصص على مستوى عال من المهنية والحرفية والأخلاقية المهنية وتمرس في تطبيق النظام خارجيا أو آليا عن طريق المحاكاة Simulation؟. ألا يعد هذا تخطيطا للمستقبل وتوفيرا لخدمات في سوق باتت تحت قوى شد متعددة، حيث ضغوط إتاحة العمالة والتأهيل والترخيص والسيولة والتأمين ... إلخ؟. آمل أن يكون اجتماع العالم ومنظماته على قرار طرح أو تقديم الخدمة بهذا الشكل صائبا فعلا.
لكي أكون عمليا هناك أسئلة كثيرة أطرح بعضها فيما يلي: (1) علاج المسنين والمعوقين عاملين أو متقاعدين ظل لسنوات تحت مظلة وزارة الصحة وجهات مختلفة أو جمعيات خيرية، وهاهم الآن بالخدمة الصحية المنزلية قد يوفرون أسرة لا يعرف حصرها، وقد يتوافر طاقم تمريضي لغيرهم وقد يباشرون وهم في منازلهم, فهل بثقافتهم البسيطة سيعرفون ماهية المقدم لهم؟ وهل ذووهم على دراية كافية بما سيؤول إليه وضعهم سواء كان إيجابا أو سلبا؟ وهل تكون الخدمة مدفوعة يوما وهم غير قادرين على ذلك؟ ومَن سيتحمل فاتورة الوصول إلى المنزل؟ (2) هل إذا احتاج ألف أو ألفان من المرضى إلى عمليات جراحية، فهل نستطيع تحديد الجراحين وأطباء التخدير والممرضين والممارسين الصحيين في الإنعاش ثم في التنويم لتكون المنظومة متكاملة وتحقيق نتيجة مرضية ويتم تنظيم النقل وأداء العمل دون تكاليف أخرى؟ أما إذا كان هؤلاء مرضى بالربو ولا بد من تقديم الرعاية المباشرة لحساسية المرض، فهل يمكن للفرق الطبية أن تدير هذه المهمة بنجاح في وقت واحد وفي كل مدينة وتجنيبهم نوبات أخرى مستقبلية، أي رفع مستوى الوعي العام؟ (3) مرضى القلب أيضا ينبغي أن يكونوا قادرين على معرفة ما المضاعفات، وما الأدوية، وما المطلوب عمله عند حدوث الأزمة، وما المطلوب تناوله من أدوية عند الحاجة، فهل سيكون الجميع على القدر نفسه من الفهم والثقافة ليتعامل بما يتطلبه هذا النظام ويتفاعل معه بينما ينتظر الزيارة المقبلة؟ وهل لو تحول التفاعل والتواصل إلكترونيا مثلا مع الطبيب أو المباشر لرعايته وعلاجه سيكون الحل أسرع؟ (4) بناء على ذلك هل نرى قريبا المزيد من الطبيب الإلكتروني، الصيدلي الإلكتروني، الزيارة الإلكترونية، والتقارير الإلكترونية كما هناك تجارة إلكترونية وتعليم إلكتروني؟ نعم أثرت الإنترنت في مجالات عدة، ولكن كيف تتعامل شركات الاتصالات مع الزخم القادم من الأعمال وتبادل البيانات والمعرفة على مستوى المملكة مع مقدمي الخدمة والمستفيدين وباقي المنظومة؟ ثم هل يكون على المريض أن يتحصل على نتائج التشخيص والتحاليل الطبية والوصفات الدوائية عبر الإنترنت؟ كذلك استكمال إجراءات القيام بالعمليات وخلافه، فهل سيتحمل مسؤولية كل هذه المعلومات ليخطط يومه ويساعد نفسه فيساعد طبيبه ليتمكن من خدمة آخرين؟ أما في شق الزيارات الميدانية فنعلم أن معدات الاختبار والفحص في المنازل ستكون متاحة على الإنترنت، فهل سيحضر الطبيب ليستخدم أدوات المريض أم سيحضر بأدواته أم بأدوات الجهة العامل الممثل لها؟ وما رأي الجهات الصحية في تحميل مثل هذه التكاليف على المريض؟ (5) قد يكون الدجل سمة لبعض الخدمات الإلكترونية، فكيف سيؤمن المريض ضد خيار اللجوء للتقنية وهو لا يعرف مستوى الأمن المعلوماتي لمعلوماته الشخصية وحفظ سجله الطبي وخطط العلاج المخصصة له؟
(6) النمو السكاني في ازدياد، وبالتالي عدد غير المؤمن عليهم في ازدياد أيضا وحتى الآن هناك نقص حاد في متابعة قطاع التأمين الصحي والحاجة إلى إشراف متخصص أيضا، فهل نرى التغيير الكبير الذي يهم الفقير ويحميه عند حصول تقصير؟ (7) الهجرة والترحال لبعض المجموعات، وإن كانت صغيرة، إلا أنها كانت تشكل عبئا تحمله النظام الصحي سنين، فكيف سيتحمل النظام الجديد هذا العبء؟ (8) هل سيكون الـ GPS مؤثرا في الخدمة على كل الأصعدة؟
في الواقع لا حصر للأسئلة، ولكن إذا كان المشرعون يقولون إنهم جاهزون للإصلاحات الصحية الجديدة التي تسمح لتنمية حقيقية في رعايتنا الصحية، فهل ستعقد ندوات وورش عمل عامة لشرح ماهية ونوعية الخدمة الصحية المنزلية وكيف ستطبق؟ ومن هم أول المستفيدين، إن كانت ستطبق على مراحل؟ وكيف سنحدد ما يمكن أن يكون تأثيرا إيجابيا لها؟ وللحديث بقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي