دور المؤسسات التعليمية في نمو المصرفية الإسلامية

دور المؤسسات التعليمية في نمو المصرفية الإسلامية

[email protected]

كما هو معلوم اليوم أن المصرفية الإسلامية تنمو بشكل كبير ومتسارع، وتشهد اهتماما من قبل كبرى المؤسسات المالية العالمية في مختلف أنحاء العالم، وبعد الأزمات الاقتصادية التي تمر بها كبرى المصارف في العالم اليوم دعى ذلك المستثمرين للبحث عن أدوات أخرى للاستثمار ولعل النمو اللافت للمصرفية الإسلامية جعلها محط أنظار الكثير من المستثمرين.
فتنامي الطلب على المصرفية الإسلامية والنمو الكبير لها يثير تساؤلا وهو هل هناك دراسات وبحوث بحجم النمو الكبير الذي تشهده المصرفية الإسلامية؟ وهذا في الحقيقة سؤال مهم إذ إن عدم التناسب بين حجم النمو في المصرفية الإسلامية، والدراسات والبحوث المتعلقة بهذا المجال، من شأنه أن يتسبب في الحد من نموها في المستقبل وبالتالي انسحاب الكثير من الاستثمارات في هذا القطاع، حيث إن الأموال دائما ما تبحث عن الفرص والنمو.
نحن نعلم إن النقاش قد كثر من قبل الكثير من الباحثين في مجالات المصرفية الإسلامية فيما يتعلق بأن الكثير من المؤسسات المالية ليس لديها الرغبة الحقيقية في تحقيق أهداف الاقتصاد الإسلامي، حيث إنها دائما تبحث عن الطريق الأسهل للربح، حتى ولو كان ذلك الطريق مريبا. وهذا قد يصح في البعض منها، ولكن لا يمكن تعميم مثل ذلك على جميع المؤسسات المالية، حيث إنه ومن خلال بعض اللقاءات مع عدد من العاملين في قطاع المصارف والشركات الاستشارية، تجد أن لديهم رغبة في الحصول على قواعد وضوابط (standards) للدخول إلى هذا القطاع، ووجود خلاف بين العلماء في بعض المسائل يمثل قلق بالنسبة لهم.
لا شك أنه لا يمكن بحال تغيير طبيعة الفقه الإسلامي الذي تعتبر المسائل الخلافية الجزء الأكبر منه، ولكن بالإمكان أن نصل إلى ما يمكن أن نسميه أهداف سامية للاقتصاد الإسلامي مثل العدالة في توزيع الثروة، وتحريم الربا والغرر والظلم. وذلك لنبدأ من خلالها لتكون لدينا اتجاهات دراسة العقود والمعاملات التي ينبغي التركز عليها لدراسة تشريعاتها من خلال النظرة الفقهية وتطويرها كأدوات مالية ذات جدوى من الجانب التطبيقي، وتخدم حاجات المجتمع المسلم، وتوفر له البدائل التي تتوافق مع عقيدته وأخلاقه.
هذا يتطلب أن تكون دراسة الاقتصاد الإسلامي بفروعه هدفا لدى المؤسسات التعليمية، سواء ما كان منها دون المستوى الجامعي، من خلال تعريف الطالب بأهمية هذا العلم، وإعطائه شيء من مبادئه التي تهم كل مسلم، إما على المستوى الجامعي فمن المهم وجود مراكز للاقتصاد أو المالية أو المصرفية الإسلامية، تعتني بالدراسات المتعلقة بهذا المجال، حيث إن الجامعات تعتبر المحاضن الطبيعية للدراسات العملية المتجردة، والتي تخضع للتقييم، وهي المؤسسات الأقدر لتكوين فرق عمل متكاملة من المختصين لدراسة قضايا الاقتصاد الإسلامي، حيث إن لديهم في الغالب عدد من المختصين في المجالات الشرعية والقانونية والمالية والاقتصادية والمحاسبية، ولديهم القدرة على استقطاب الكفاءات المناسبة لدراسة كل قضية على حدة، يضاف إلى ذلك وهو أمر مهم، أن الجامعات بشكل عام لديها الآلية لمعرفة قدرة وكفاءة كل مختص، والمجال الذي يمكن أن يعطي فيه بشكل أكبر.
ولذلك إذا ما أردنا تطوير قطاعات الاقتصاد الإسلامي، لابد أن نمر بمرحلة مهمة وهي مرحلة المؤسسات التعليمية، وهذا يجعل من مسؤولية المؤسسات المالية والشركات ورجال الأعمال المهتمين بالمصرفية والمالية الإسلامية دعم دراسات الاقتصاد الإسلامي في مؤسسات التعليم.

متخصص في التمويل الإسلامي
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن

الأكثر قراءة