ما انعكاسات خطة الإنقاذ الأمريكية؟

[email protected]

مع إعلان الحكومة الأمريكية وإقرار الكونجرس خطة الإنقاذ الأكبر في التاريخ التي من خلالها تم تخصيص مبلغ 700 مليار دولار لدعم استقرار المؤسسات المالية، يلفت نظرنا أن خطة الإنقاذ تتضمن إجراء مزادات علنية لبيع الأصول المتعثرة بالأسعار السوقية التي انخفضت بشكل كبير عن أسعار التكلفة حيث إن المؤسسات المالية ستقبل بالبيع بأي سعر كان بهدف البقاء ولا شيء غير البقاء وهو ما عبرت عنه أخيراً أكثر من 11 مؤسسة مالية في الولايات المتحدة وحدها.

ماذا يعني ذلك؟

ذلك يعني أن هذه المؤسسات المالية ستقبل بتحويل خسائرها غير المحققة من إعادة تقييم الأصول إلى خسائر محققة تسجل مباشرة ضمن قوائم الدخل، وهو ما قد يؤثر سلباً في ربحية هذه المؤسسات المالية ولسنوات طويلة جداً آخذين في الاعتبار أن إجمالي الأرباح السنوية لأكبر عشر مؤسسات مالية أمريكية لا تتجاوز قيمته بأي حال من الأحوال 100 مليار دولار وهو ما يمثل نسبة 15 في المائة فقط من إجمالي المبلغ المخصص لخطة الإنقاذ، وبالتالي فإن وضع مخصصات لتحميل هذه الخسائر على فترات زمنية طويلة (عشر أو عشرين سنة مثلا) سيكون له تأثيراته السلبية والكبيرة في ربحية ونمو هذه المؤسسات لفترة زمنية طويلة وهو ما قد يضعف قدرتها على منح الائتمان.

تكمن المشكلة في أن المؤسسات المالية تعد العصب الرئيسي لنمو باقي القطاعات الاقتصادية في أي دولة وبالتالي فإنه في ظل المصاعب التي ستواجهها المؤسسات المالية الأمريكية مستقبلاً فإن نمو النشاطات الاقتصادية هناك سيواجه بلا شك مصاعب كبيرة أيضاً ولفترة زمنية طويلة، مما يدل على حتمية دخول الاقتصاد الأمريكي مرحلة ركود طويلة نسبياً مع احتمالات أن يكون هذا الركود مشابهاً إلى حد كبير للركود الاقتصادي الذي عاشته اليابان منذ بداية التسعينيات الميلادية الذي لم تتعاف منه بشكل كامل حتى يومنا هذا.

في أوروبا، نجد أن الصورة لا تختلف كثيراً عن الولايات المتحدة مما يعني أن أهم الاقتصادات العالمية ستواجه مخاطر الركود الذي لن يكون سهلاً هذه المرة، مما يعني أن فرص نمو الاقتصاد العالمي للسنوات المقبلة سيكون في يد الاقتصادات الناشئة التي لديها الآن فرصة تاريخية لعمل توازن اقتصادي على المستوى الدولي يدعمها في ذلك تأثرها المحدود بهذه الأزمة وتطور منتجاتها وخدماتها إضافة إلى المرونة السعرية التي لا تملكها اقتصادات الدول المتقدمة حتى قبل نشوء هذه الأزمة الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي