لماذا اتجهت الصين أخيرا إلى رفع قيمة عملتها؟

لماذا اتجهت الصين أخيرا إلى رفع قيمة عملتها؟

للمرة الأولى منذ تخفيض الصين قيمة عملتها من 8.7 إلى 5.8 مقابل الدولار عام 1994، وفك ارتباطها بالدولار في منتصف عام 2005 وهي الآن تسمح بتخطي صرف عملتها الوطنية حاجز الـ 7 يوان مقابل الدولار الواحد.
وسبق أن دعت مجموعة الـ7 الصين إلى السماح لليوان بالارتفاع بشكل أسرع في تشرين الأول (أكتوبر) 2007 بل كانت أوروبا ترى في ضرورة تعديل صرف العملة الصينية في أعلى قائمة اهتماماتها قبل الدولار والين باعتبار أن الصين المستفيد الأكبر والأوحد من نظام التجارة المفتوح المعتمد على القوانين، فلا يمكن أن تتوقع معاملة خاصة لأن العجز التجاري في الاتحاد الأوروبي مع الصين يتنامى بنحو 20 مليون دولار في كل ساعة وسوف يلحق بالعجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين في غضون العام أو العامين. إذ يقدر فارق العجز بين الولايات المتحدة والصين إلى 250 مليار دولار لصالح الصين.
والاتحاد الأوروبي يطالب الصين بتقييم عملته حتى ولو أنه لم يحل الخلل في التوازنات التجارية ولكنه سوف يسهم في تهدئة قطاع الصناعات الثقيلة المفرطة في السخونة والمنتفخ بوجود طاقة تشغيلية زائدة ورأسمال رخيص بشكل مصطنع وفي نفس الوقت سوف يحسن الطلب المحلي في الصين ويقلص من المستويات الضخمة من الادخار الوقائي الذي يحشو القطاع المصرفي الصيني ويبعد الحاجة إلى الإصلاح.
وبعدما ارتفع الناتج المحلي للصين عام 2007 إلى 24.95 تريليون يوان يعادل 3.57 تريليون دولار أي ربع الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي ويمكن ان يتخطى الاقتصاد الألماني كثالث أكبر اقتصاد في العالم الذي يبلغ 3.8 تريليون دولار عام 2007.
وسمحت الصين بتخطي عملتها الـ 7 يوان مقابل كل دولار لعدة اعتبارات بعد أن تذمرت العديد من الحكومات في أنحاء العالم من أن المنتجات الصينية في بلدانها رخيصة بشكل غير واقعي بسبب الإبقاء على قيمة اليوان الصيني متدنية، وجاء هذا الإعلان بعد انخفاض فائض ميزان التجارة الخارجية للبلاد بشدة في شباط (فبراير) 2008 إلى الولايات المتحدة بـ 8.6 مليار دولار وهي أقل بكثير مقارنة بصادرات نفس الفترة من عام 2007 التي قدرت بـ 23.7 مليار دولار وهو ما يعطي مؤشرا على تباطؤ الاقتصاد الأمريكي الذي بدأ يؤثر في الطلب على السلع الصينية مما يهدد استمرار النمو الاقتصادي في الصين خصوصا بعدما أعلن البنك الدولي أن الصين حسب حساباته الجديدة هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وحتى وقت قريب فإن الإحساس بقرب التغيير في سعر صرف العملة أمر غير وارد واتخذت الصين تأكيدا على الحكومة الجديدة على تأخير أي نقاش حقيقي في هذا الخصوص حتى منتصف عام 2008 لأن الصينيين حذرين من الانفتاح تحت ضغط الثقل الأجنبي وشاخذ العبرة من رفع سعر صرف الين الياباني في منتصف الثمانينيات، والحسابات الرأسمالية المفتوحة لجنوب شرق آسيا التي أفرخت آثارها في الأزمة الآسيوية أواخر التسعينيات، لكن الواقع كان أقوى من صانعي السياسة المالية الصيني والرضوخ للنصيحة الأجنبية التي ترى زيادة مرونة سعر صرف اليوان نظرا للفائض في ميزان المدفوعات الجاري لدى الصين وخفض معدل التضخم الداخلي.
[email protected]

الأكثر قراءة