السؤال المهم! ما العمل الآن؟

[email protected]

السؤال المهم الآن هو ماذا يعمل المستثمر؟ هل يستثمر في سوق الأسهم الخليجية، أم في السوق الأمريكية والأوروبية، أم في الآسيوية، أم يستثمر في العقار في أي من تلك البلدان، أم يتجه إلى سوق السلع، أم إلى الذهب، أم إلى السندات الحكومية.
إن الإجابة عن ذلك السؤال هي أصعب إجابة ممكن أن تطرح الآن فالمحفظة الاستثمارية لكل مستثمر تختلف من مستثمر إلى آخر. والنظرة المستقبلية غامضة للغاية على المستويين القصير والمتوسط. ومن الصعوبة صناعة أو اتخاذ أي قرار استثماري في الوقت الحالي. إذا ما العمل؟ سأكون مغامراً، وأقدم تصورا مبدئيا للإجابة عن ذلك السؤال الصعب، وآمل من القراء المشاركة في حله.
إن إجابتي بسيطة وهي الانتظار والاحتفاظ بالكاش فالذين لديهم أسهم أنصحهم بعدم البيع إلا في حالة الخروج التكتيكي لتوفير سيولة، والدخول في سهم آخر أو سوق أخرى. أما الدخول بأموال جديدة الآن فإنه يعتبر مجازفة كبيرة. والذين لديهم محفظة عقارية يجب عليهم الانتظار أيضاً فرغم أن القطاع العقاري في العالم آخذ في الانخفاض، فإنه ليس هناك دلائل مؤكدة على حالة السوق العقارية المحلية والإقليمية. إلا أن من المتوقع أن تترك تبعات الأزمة المالية الحالية آثاراً سلبية في السوق العقارية، فالحاجة إلى سيولة ستضغط على السوق العقارية بشدة قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل واضح. وسيكون التأثير أقل في السوق العقارية لأن طبيعة ملكية القطاع العقاري وتمويله، وكذلك الفترات الاستثمارية الزمنية الأطول التي يتسم بها العقار تساهم في بطء تراجع العقار.
إن أفضل قرار استثماري في الوقت الحالي – من وجهة نظري – هو الاحتفاظ بالكاش حتى تتضح الرؤية بشكل لا لبس فيه مع انجلاء الغموض، والتأكد من أن برنامج الإنقاذ العالمي الكبير آخذ في التأثير الإيجابي. إن مشكلة توافر السيولة هي أكبر مشكلة تواجه الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي. وهي تواجه اقتصادنا المحلي والإقليمي فرغم ارتفاع نمو عرض النقود المحلي إلا أن ذلك النمو هو مؤشر ماضوي وتاريخي، أما المؤشرات المستقبلية فهي تنبئ بوجود شح في السيولة. وهو السبب في نظرتنا التشاؤمية حول الاحتفاظ بالكاش، وتحين الفرصة المناسبة للبدء في الاستثمار.
فرعم أن البعض يرى أن هناك توافرا في السيولة لدى بنوكنا المحلية، فإن الوضع الراهن سيحتم عليها أن تكون متحفظة للغاية في الإقراض، رغبة منها في الاحتفاظ بالنقد أطول فترة ممكنة، حتى تتضح الرؤية وتقييم تبعات الأزمة العالمية على السيولة المحلية والعالمية. فالبنوك المحلية ستكون متحفظة للغاية في الإقراض مما يساهم في شح السيولة المتوافرة للإقراض. وهناك مؤشرات عديدة أخرى تجعلنا نتوقع تراجعا في السيولة من أهمها التراجع السريع في أسعار النفط، وأسعار البتروكيمياويات. ونتوقع تراجعا حادا في الاستثمارات الأجنبية القادمة إلى منطقتنا وإلى مناطق العالم الأخرى. و يضاف إلى ذلك تراجع قيمة استثماراتنا الحكومية والخاصة في الخارج بشكل كبير مما يسهم في انخفاض تدفقات العوائد الاستثمارية منها. إن هذه المؤشرات كافية على جعلنا نتوقع تباطؤا شديدا في الاستثمار، والتوجه إلى الادخار التقليدي بالاحتفاظ بالكاش سواء في شكل مرابحات أو سندات حكومية.
وفي اعتقادي أن عودة الثقة إلى الأسواق قد تأتي بطيئة، مما سيساهم في حدة الركود الاقتصادي إذ إن الانتظار سيطول، وعملية الاختيار بين الفرص الاستثمارية ستتسم بالحصافة والتأني، مما يسهم هو الآخر في تأخر اتخاذ قرارات استثمارية سريعة وبالتالي تباطؤ النمو.
إن ما يعوض عن كل ذلك البطء هو في أن حجم الاستثمارات في السنوات الأخيرة كان كبيرا ومتنوعا. وهي الاستثمارات التي يجب أن يتم استكمالها من قبل كل الأطراف، وهي كفيلة بتواصل النمو. وهي بحد ذاتها تحتاج إلى تمويل وسيولة عالية، أرى أن بنوكنا المحلية قادرة على توفيرها بمساندة ودعم قوي من صانعي السياسة المالية والنقدية في المملكة.

[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي