رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أوروبا تواجه التضخم والصناعة الأمريكية تتحسن

أظهر تقرير الدقائق لاجتماع لجنة سياسات السوق المفتوحة في "الاحتياطي الفيدرالي" أن أعضاء اللجنة لم يكونوا على اتفاق بشأن عمليات التخفيض السريعة لسعر الفائدة. حيث أظهر التقرير أنه قبل الرابع عشر من آذار (مارس) الماضي، أي قبل انهيار بيرن ستيرن، أيد ستة فقط من أعضاء اللجنة الاثني عشر التخفيض بمعدل نصف نقطة مئوية فقط، بينما طالب ثلاثة من أعضاء اللجنة بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير. لكن "الاحتياطي" قام بالتخفيض بمعدل ربع نقطة مئوية يوم الأحد السادس عشر من آذار (مارس)، كما قام بتخفيض آخر بمعدل ثلاثة أرباع النقطة المئوية في الثامن عشر من آذار (مارس) خلال اجتماع لجنة سياسات السوق المفتوح. وأهمية هذا الأمر تكمن في أن ذلك سيؤثر في توقعات المستثمرين بشأن عمليات تخفيض سعر الفائدة المستقبلية، إذ إن ذلك يعني أن "الاحتياطي" لن يستمر في عمليات التخفيض السريع تلك بسبب عدم توافر الإجماع الكافي بين أعضائه. وتجدر الإشارة إلى أن سعر الفائدة المستهدف يبلغ حالياً 2.25 في المائة، بينما يبلغ سعر الخصم الذي تقترض به البنوك من "الاحتياطي" 2.5 في المائة.
ويواجه "الاحتياطي الفيدرالي" الكثير من الانتقادات بشأن السياسة التي اعتمدها لتصحيح الوضع الاقتصادي باستخدام تخفيضات سعر الفائدة السريعة ولدعم عملية الاستحواذ التي قام بها "جي بي مورجان" لإنقاذ "بيرن ستيرن". حيث يضمن "الاحتياطي" الخسائر المترتبة على تلك العملية ولحد 29 مليار دولار. ما سيؤدي إلى مفاقمة مشكلة (الخطر الأخلاقي)، حيث سيشجع البنوك الاستثمارية على أخذ المزيد من المخاطرة في عمليات الاستثمار ما دام "الاحتياطي الفيدرالي" سيهب لإنقاذهم عند تدهور قيمة أصولهم. أضف إلى ذلك أن هذا الأمر يسبب عدم توازن في أهداف "الاحتياطي" حيث يدعم البنوك الاستثمارية وبيوت المالية الكبرى عندما تقع في مشكلة ما، بينما لا يأبه عندما يتعلق الأمر بتفاقم المشكلات المالية للأفراد بسبب زيادة فوائد القروض التي تفرضها تلك البنوك عليهم، ما أدى إلى تناقص قيمة أصولهم العقارية.
وتضاربت التقارير الصادرة هذا الأسبوع بشأن الوضع الاقتصادي، حيث بدا بعضها إيجابياً بينما بدا البعض الآخر سلبياً. فعلى الجانب السلبي أظهرت بيانات المنازل الجديدة انخفاضاً بضعف قيمة الانخفاض المتوقع، حيث توقع المحللون انخفاضاً بمعدل 65 ألف وحدة، بينما أظهرت التقارير انخفاضاً بمعدل قارب 130 ألف وحدة وليستقر عدد المنازل الجديدة عند مستوى 947 ألف وحدة جديدة. وعلى الجانب الإيجابي أظهر المؤشر العام للأسعار ارتفاعاً بمعدل 0.3 في المائة فقط خلال آذار (مارس) الماضي، وهو يأتي متوافقاً مع توقعات المحللين، الأمر الذي جعل الأسواق تستقبله بشكل إيجابي. كما أظهرت كل من مبيعات التجزئة ومؤشر مدينة نيويورك الصناعي ومؤشر الإنتاج الصناعي نتائج إيجابية هذا الأسبوع. إذ ارتفعت مبيعات التجزئة لشهر آذار (مارس) بمعدل 2 في المائة، في حين انخفضت بمعدل 0.4 في المائة خلال شباط (فبراير) الماضي. إضافة إلى ذلك ارتفع مؤشر نيويورك الصناعي بمعدل 0.6 في المائة مخالفاً التوقعات التي قدرت انخفاضه بمعدل 17 نقطة، كما ارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي بشكل أكثر من توقعات المحللين، حيث بلغ الارتفاع في الإنتاج الصناعي 0.3 في المائة. على الجانب الآخر مؤشر أسعار المنتجين بمعدل تجاوز التوقعات ليبلغ 1.1 في المائة، وقد يعود ذلك لعاملين هما ارتفاع أسعار الطاقة من جهة وانخفاض سعر صرف الدولار من جهة أخرى. ومن خلال قراءة تلك المؤشرات نلاحظ أنها لا تعطي صورة واضحة عما إذا كان الاقتصاد يتجه إلى مزيد من التراجع أو أنه بدأ في التحسن، ما يزيد من حالة عدم التأكد في الاقتصاد، ويؤدي إلى تذبذب مؤشرات الأسهم بشكل كبير. في الأسبوع المقبل ستظهر بيانات كل من مبيعات المنازل القديمة والجديدة ومؤشر الطلب على السلع المعمرة، الذي يعد مؤشراً مهماً للانتعاش في القطاع الصناعي.
في أوروبا ارتفعت مستويات التضخم بأكثر مما كان مقدراً في آذار (مارس) الماضي، مما يدعم السياسة التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي بعد تخفيض أسعار الفائدة خوفاً من ارتفاع معدلات التضخم. فقد ارتفع معدل التضخم بمعدل 3.6 في المائة خلال آذار (مارس) الماضي، وهو المعدل الأعلى منذ أكثر من 16 عاماً. ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى الارتفاع في أسعار الوقود والطاقة. ومن حيث الوضع المالي، انخفض مستوى العجز في الموازنة في منطقة اليورو إلى أقل معدلاته خلال سبع سنوات، ما يعد مؤشراً جيداً يدعم الوضع الاقتصادي لليورو كعملة ويتوافق مع السياسات المستهدفة عند إقرار اليورو. وعلى العكس من ذلك، فقد ازداد عجز الموازنة في بريطانيا ليبلغ 10.2 مليار جنيه استرليني مدعوماً بزيادة الاستثمارات الرأسمالية. وقد أسهم ذلك في ارتفاع معدلات التضخم في بريطانيا إلى مستوى تجاوز 3 في المائة، ما دعا كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا إلى الإشارة إلى ضرورة ربط الحزام والحد من الإنفاق لتخفيض معدلات التضخم. ومع زيادة الإنفاق الرأسمالي وارتفاع التضخم في بريطانيا، فإن معدل التضخم لم ينخفض بالشكل المتوقع، حيث انخفضت طلبات تعويض البطالة بمعدل 1200 طلب خلال شباط (فبراير) الماضي، في حين قدر الانخفاض بمعدل 1800 طلب تعويض بطالة. وهذا يعد مؤشراً على أن قطاع سوق العمل في بريطانيا تأثر بشكل كبير من التراجع الذي تشهده أسواق الائتمان. وفي مكان آخر من القارة الأوروبية التي تستعر فيها معدلات التضخم وبالتحديد في ألمانيا ارتفع معدل أسعار المنتجين الذي يعد مؤشراً على تكاليف الصناعة، التي ستؤثر بشكل مباشر في معدل أسعار المستهلكين. حيث بلغ مؤشر أسعار المنتجين بمعدل 4.2 في المائة، ما يدق ناقوس الخطر بشأن التأثير المستقبلي على معدلات التضخم، التي تنحو ألمانيا تجاهها منحى حذراً وصارماً في الوقت نفسه.

باحث ومحلل اقتصادي
[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي