الغاز الطبيعي المسال: طفرة في الاستهلاك العالمي

الغاز الطبيعي المسال: طفرة في الاستهلاك العالمي

يزداد الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 1.3 في المائة سنوياً إلى عام 2030م، ورافق ذلك توقع زيادة كبيرة على الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال، فلقد توقع رئيس وحدة تسويق الغاز والطاقة في شركة إكسون موبيل أن يصل الطلب العالمي على الغاز المسال عام 2030م إلى 500 مليون طن، أي بزيادة سنوية تقدر بين 14 و15 في المائة سنوياً من عام 2007 إلى 2030م. وهذا يعنى أن هذا القطاع من الطاقة يحظى باهتمام عالمي كبير نظراً لسهولة الحصول عليه بواسطة الناقلات السريعة ولطبيعة الغاز الطبيعي الصديقة للبيئة (كون الغاز الطبيعي أقل ضرراً على البيئة من النفط والفحم الحجري). ويتوقع أن يزيد الطلب الآسيوي على الغاز الطبيعي المسال في 2008م عن العام الماضي بنحو 9.3 في المائة مدفوعة بصعود الطلب الكبير في كل من الهند والصين.
زاد الاستهلاك العالمي على الغاز الطبيعي المسال عام 2007م نحو 8 في المائة بسبب الشتاء البارد في أمريكا على وجه الخصوص وبسبب إغلاق محطات توليد الطاقة النووية في اليابان.
وتشير التقارير العالمية إلى أن الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي المسال وصل إلى 172.5 مليون طن عام 2007م بزيادة 13 طن أو 8 في المائة عن عام 2006م. وزاد استهلاك الولايات المتحدة والمكسيك بنحو 42 في المائة عن عام 2006م ليصل إلى 18.2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال. أما الزيادة الأخرى فكانت للدول الآسيوية إذ ارتفع استهلاكها بنسبة 10 في المائة عن عام 2006م ليصل إلى 112.2 مليون طن، وأما أوروبا فشهدت انخفاضاً في استهلاك الغاز الطبيعي المسال بنسبة 6 في المائة، وتقدر الكميات المستهلكة من الغاز الطبيعي المسال عام 2007م 41 مليون طن. وكان لبرودة الطقس في شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) من العام الماضي في الولايات المتحدة السبب الرئيس لزيادة الاستهلاك الأمريكي، وقابل ذلك انخفاضاً في استهلاك أوروبا للغاز الطبيعي المسال، ما أدى إلى تحويل مسار بعض الناقلات من أوروبا إلى أمريكا.
بدأت أمريكا حديثاً باستيراد الغاز الطبيعي المسال عبر المحيط الأطلنطي، حيث استوردت أمريكا عام 2005م نحو 13 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، معظمها أتى من الجارة ترينداد التي صدرت إلى أمريكا نحو 9.4 مليون طن (نحو 70 في المائة من إجمالي واردات أمريكا من الغاز الطبيعي المسال)، وأما الجزائر فصدرت إلى الولايات المتحدة نحو مليوني طن (نحو 15.4 في المائة من إجمالي واردات أمريكا من الغاز الطبيعي المسال)، وصدرت مصر نحو 12 في المائة من إجمالي واردات أمريكا من الغاز المسال.
ويعرض جدول (1) كميات الغاز الطبيعي المسال التي وصلت إلى أمريكا عامي 2006م و2007م، ويبدو واضحاً النمو الكبير في استهلاك الغاز المسال عام 2007م، حيث ارتفع استهلاك LNG بأكثر من 32 في المائة، وتتوقع التقارير أن تصل كميات الغاز الطبيعي المسال المستورد لأمريكا نحو 90 مليون طن عام 2015م، وعلى الأرجح أن يشكل الغاز القطري جزءا كبيرا من هذا الغاز، وقد يساعد على ذلك ارتباط شركة إكسون موبيل الأمريكية مع شركة رأس غاز القطرية في مشاريع إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال.
أما آسيا فكان لارتفاع أسعار النفط السبب الرئيس لاستبدالهم النفط بالغاز الطبيعي كمصدر لتوليد الطاقة فارتفع الاستهلاك الآسيوي بشكل عام. وكما يعرض جدول (1) فإن اليابان تسيدت العالم باستيراد واستهلاك الغاز الطبيعي المسال، إذ وصل استهلاكها إلى 66.8 مليون طن بزيادة 7.6 في المائة على العام الماضي، ويساوي الاستهلاك الياباني هذا نحو 39 في المائة من إجمالي الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي المسال.
ويمكن تفهم الاستهلاك الياباني الكبير نظراً لأن اليابان من أكبر الدول الصناعية في العالم وتحتاج للكثير من الطاقة في الوقت الذي لا يوجد فيها أي مصادر للطاقة الإحفورية. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2007م دفعت اليابان 19 دولارا لكل مليون وحدة حرارية لشحنة غاز مسال (تسليم كانون الثاني (يناير) 2008م)، وهو سعر قياسي جديد على تجارة الغاز الطبيعي المسال. وكان السبب الرئيس لدفع هذا المبلغ القياسي قلق اليابانيين من توقف بعض المحطات النووية المولدة للطاقة للصيانة الدورية في وقت كان فيه فصل الشتاء على الأبواب.
أما كوريا الجنوبية فحلت ثانياً بعد اليابان في الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي المسال، إذ استهلكت عام 2007م نحو 25.6 مليون طن أي ما يساوى 15 في المائة من الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي المسال. والجدير بالذكر أنه لم يطرأ على الاستهلاك الكوري أي تغير بين 2006م و2007م. ويمكن ملاحظة أن الصين قد زادت من استهلاكها للغاز الطبيعي المسال بأكثر من 300 في المائة بين عامي 2006 و2007م، واكتفت الهند بزيادة تقدر بنحو 40 في المائة.
ويتوقع المراقبون أن يكون أكبر نمو في استهلاك الغاز الطبيعي قادما من دول شرق آسيا بقيادة الصين والهند، ومن المرجح أن يتضاعف استهلاك هذه الدول نحو ثلاث مرات بين 2004م و2030م من 8.5 تريليون قدم مكعب إلى نحو 27.5 تريليون قدم مكعب.
وتعمل كل من الصين والهند على تشييد البنى التحتية المناسبة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، ويبدو أن كلا البلدين مهتمتين باستيراد الغاز الطبيعي المسال، فجهدوا في إقامة المنصات الضرورية لاستقباله. وتمكنت الصين من استقبال أول شحنة غاز طبيعي مسال منتصف 2006م من خلال توقيع عقد طويل الأجل لتوريده من أستراليا. أما الهند فهي أيضا بدأت بزيادة استهلاك الغاز المسال، وعلى سبيل المثال تعمل شركة شل في الهند على استقبال شحنات من الغاز الطبيعي المسال من أستراليا وعمان وماليزيا، وتقوم الشركة بتحويل هذا الغاز المسال إلى غاز طبيعي عادي وليس سائلا في منصة حزرا.
لم تكن "شل" تستطيع أن تبيع هذا الغاز قبل 2005م بأكثر من سبعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية، ولكن عام 2006 م زاد الاستهلاك الهندي للغاز وزاد طلبها على الشحنات الآنية والعقود قصيرة الأجل وأصبحت تدفع أكثر من تسعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية، ما أسهم في ازدهار استيراد الغاز الطبيعي المسال.

* خبير في شؤون تكرير النفط والبتروكيماويات

الأكثر قراءة