هل يطبق إخصائيو التغذية برامج التغذية الصحية الصحيحة؟

[email protected]

مع أن لدينا هيئة للغذاء والدواء ولدينا كليات علمية تخرج سنويا أعدادا مبشرة بالخير في علوم الغذاء Food Science وعلم التغذية Nutrition, إضافة إلى مؤسسات صحية مدنية وعسكرية تقوم بدورها في هذا المجال, إلا أنني أتساءل عن مدى نجاح البرامج التوعوية الخاصة بالتغذية الصحية, وقد أوجه السؤال لأعضاء هيئة التدريس في الكليات المتخصصة والمسؤولين عن التغذية في جميع هذه الجهات المختصة والمعنية عن سر عدم نجاح برامج التوعية بالتغذية الصحية؟ أتمنى ألا يكون تعداد ما نشر من نشرات وعقد من محاضرات ومؤتمرات وأصدر من أبحاث أكاديمية مقاييس لمستوى نجاح البرامج وتمكن المختصين من معلوماتهم وتخصصاتهم. لقد صدرت آلاف الكتب والمقالات الصحافية التي نشرت للتوعية بنتائج عشوائية التغذية كالسمنة وأن زيادتها أمر مخيف صحيا, وأن مرض السكري سجل انتشارا غير مسبوق, وركزت هذه المؤلفات على الاهتمام بالغذاء والتمارين اليومية .. إلخ, ولكن بعض الإخصائيين أنفسهم ازدادت أوزانهم في شهر رمضان وخلال فترة العيد وذلك بحجة أن هذه الأيام "القلائل" هي "الفسحة" الوحيدة على مدار العام, إضافة إلى أنه لا يوجد طعام صحي وغير صحي, وأخيرا لم يعد هناك من يسمع!. هنا يتساءل كثير: أين المصداقية في رسالتهم؟ وهل إخصائيو التغذية لدينا على درجة كافية من الاعتمادية بحيث يمكن أن نقول إن وضعهم إجمالا لا ينقصه سوى الإعداد حسب الفئات في كل جهة والترقيات والمميزات لكل وظيفة؟
في الحقيقة لم أقرأ في صحفنا يوما تقريرا علميا ومناقشا إحصائيا عن نتائج فاعلية برامج التغذية الصحية في المملكة سواء المقرة للمرضى المنومين أو الأصحاء من أفراد المجتمع كبرنامج توعوي من ضمن البرامج التوعوية المختلفة. كما أن علماء التغذية ارتحلوا من هذه المرحلة وبدأوا يضعون أيديهم على أسرار جديدة في هذا الشأن لقد قام فريق علمي في جامعتين من جامعات أستراليا بعدة أبحاث وجدوا فيها أن النظام الغذائي الموصوف للرجل لا يمكن أن يناسب المرأة حتى لو اشتركا في العمر والوزن والطول والهواية وخلوهما من الأمراض الشائعة مما يدل على أن جنس الفرد أصبح عامل تأثير في مناسبة النظام الغذائي الصحي, وبالتالي كل ما صدر بالتعميم في هذا الشأن من أنظمة غذائية سابقا يحتاج إلى أن يعاد تقييمه حتى ولو كان في متغير أو اثنين من المتغيرات المؤثرة في صحة الفرد. بناء على ذلك هل يتواصل إخصائيو التغذية لدينا مع أساتذة العلم ومصادره ويحدثون معلوماتهم لفتح بوابة الصحة لحياة أطول وأفضل؟ هل يمكن أن ينشغل إخصائيو التغذية لدينا بوضع البرامج الغذائية ومتابعتها بعد إجراء الدراسات عليها وأخذ عوامل مثل الوراثة وطول العمر ونوع الجنس في الحسبان؟
من جانب أعتقد أنه لا بد من التحرك الفوري لتحجيم المشكلة ومن ثم حلها وذلك بـ:
1 ـ قراءة نتيجة المقارنة بين محتوى البرنامج ومدى تحقيقه الأهداف.
2 ـ وضع أيدينا على مواقع الخلل أهي تعليمية أم شخصية أم إدارية أم مالية؟
3 ـ معرفة إذا ما كان المكلفون بالتوعية يتمتعون بتقدير كبير وتأهيل مستمر لمواكبة كل جديد في المجال.
4 ـ تنظيم وتقنين بيع الوجبات بأنواعها المختلفة البعيدة عن اشتراط التنويه بمكونات الوجبة ونسب العناصر الغذائية فيها ووضع ذلك واضحا على العبوات كواجبها تجاه الفرد.
5 ـ وضع حد للمستهينين بصحة البشر المستسهلين للتسويق عبر الإنترنت, هؤلاء الذين يوزعون الأدوية المركبة التي - على حد قولهم - اجتازت فحوص هيئة الغذاء والدواء الأمريكية أو غيرها من الهيئات الموثوقة, ويتحدثون عن القيمة الغذائية وتأثيرها في الوزن والصحة دون أن يكونوا متخصصين.
من جانب آخر نحن الآن على أبواب الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي الجديد وما زلنا في أجواء رمضان على الرغم من أننا ننتظر أو قد بدأ بعضنا صيام الستة, وحيث إننا في قمة فرحة العيد التي نعيشها نحتاج إلى من يحفزنا ويرغبنا في اتباع النظام الغذائي الصحي بأسلوب جديد للحياة قبل أن ينثر المعلومات التي يمكننا أن نجدها في الكتب أو على الإنترنت. لذلك حبذا لو كرس الإخصائيون تركيزهم على عدم الوقوع في الأخطاء التنفيذية التي ما زالوا يكررونها دون أن يستجمع الإخصائي منهم قدراته العلمية وأريحيته النفسية.
في الواقع هم يستخدمون مصطلحات قد لا يفهمها السامع لصغر سنه أو ضعف مستوى تعليمه فتكون حاجزا صنعوه بأنفسهم بينهم وبين المستفيد, كما أنهم لا يهتمون بالفروقات في اللهجات والخلفيات والسلوكيات التي لا بد من تقديرها أيضا. أما من ناحية التكاليف فلأن مستوى الثقافة ومستوى الوضع المالي مهمان في حياة كل فرد فإن مثل هذه الحواجز لا بد أن تكون في الحسبان ولكن لا أرى أن لدى البعض تقديرا جيدا لذلك. أخيرا يكون الإخصائي متمكنا مما سبق ذكره ولكن إذا لم يكن الوقت مهما له ويجعله أكثر أهمية للمتلقي, فعندها سيتحدث هراءً ويضيع جهده هباءً, وهيهات إن تمكن من إقناع المتلقي لسماع نشرته لأنه من ثرثرته أجهده أو من تكرار تردده عليه أبعده وبذلك قضى على أمل في تعديل السلوك الغذائي لفرد فكيف يريد نشر رسالته لمجتمع؟ وكل عام والجميع في أحسن صحة وحال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي