فقهاء يطلقون برنامجا لإيقاف التجاوزات الشرعية في المصرفية الإسلامية

فقهاء يطلقون برنامجا لإيقاف التجاوزات الشرعية في المصرفية الإسلامية

أطلق فقهاء مسلمون الأسبوع الماضي مبادرة مهمة تهدف إلى تعميق أسس التحقق من التزام العقود المالية الإسلامية بأحكام الشريعة، من خلال برنامج ينظم عملية تصديق العقود المالية التي تبرمها المؤسسات المالية الإسلامية مع عملائها بما يضمن التزامها بأحكام الشريعة، في خطوة وصفت بأنها ستجلب معها "تجانسا معياريا عالميا" لصناعة تحاول لملمة جراحها جراء تبعات أزمة الصكوك.
ويعتزم الفقهاء المسلمون الذين يضعون المعايير للأوراق المالية الإسلامية, إصدار "شهادة اتباع عالمية" إيقاف المخالفات والتجاوزات للأحكام الشرعية في صناعة الأوراق المالية وجعلها أكثر جاذبية في أعين المستثمرين.
وسيكون البرنامج - بحسب الفقهاء- بمثابة المصدر المستقل لقياس درجة التزام عقود ومعاملات المصارف التقليدية والإسلامية بالأسس والأحكام الشرعية المنظمة لها، الأمر الذي يساعد تلك المؤسسات على تسويق منتجاتها الموافقة لأحكام الشريعة لجمهور عملائها.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

أطلق فقهاء مسلمون الأسبوع الماضي مبادرة مهمة تهدف إلى تعميق أسس التحقق من التزام العقود المالية الإسلامية بأحكام الشريعة، من خلال برنامج ينظم عملية تصديق العقود المالية التي تبرمها المؤسسات المالية الإسلامية مع عملائها بما يضمن التزامها بأحكام الشريعة، في خطوة وصفت بأنها ستجلب معها "تجانس معياري عالمي" لصناعة تحاول لملمة جراحها من جراء تبعات أزمة الصكوك.
هذا البرنامج الذي ترعاه هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية, يعتزم فيه الفقهاء المسلمون الذين يضعون المعايير للأوراق المالية الإسلامية, إصدار "شهادة إتباع عالمية" إيقاف المخالفات والتجاوزات للأحكام الشرعية في صناعة الأوراق المالية وجعلها أكثر جاذبية في أعين المستثمرين.
وسيكون البرنامج- بحسب الفقهاء- بمثابة المصدر المستقل لقياس درجة التزام عقود ومعاملات المصارف التقليدية والإسلامية بالأسس والأحكام الشرعية المنظمة لها، الأمر الذي يساعد تلك المؤسسات على تسويق منتجاتها الموافقة لأحكام الشريعة لجمهور عملائها.
وقال الدكتور محمد نضال الشعار الأمين العالم للهيئة, إن السندات والقروض والحسابات البنكية ستكون من بين المنتجات المالية التي تُفحص للحصول على مصادقة الهيئة.
وتابع في مقابلته مع "بلومبرج" "هذا سيعطي المستثمرين المسلمين والغربيين الثقة بأن المنتجات التي يشترونها في البحرين أو ماليزيا أو الولايات المتحدة تفي جميعاً بالمعايير المشتركة للإتباع، كما أن ختم وموافقة الهيئة ستجلب معها التجانس العالمي، مما يعزز صدقية الاستثمارات ورضا المستثمرين."

آلية عمل البرنامج

هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية أطلقت على البرنامج اسم "برنامج تصديق عقود الأدوات المالية الإسلامية"، وسيتمحور دور الهيئة على مراجعة جميع أنواع العقود التي تبرمها المؤسسات المالية الإسلامية مع عملائها، وبالتالي التركيز على عملية تصديق العقود على التأكد من موافاة تلك العقود للضوابط والاشتراطات المنبثقة عن أسس الأحكام والقواعد الشرعية ذات الصلة.
ويشكل البرنامج خطوة مهمة في مسيرة تطور الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية التي تشهد نمواً لافتاً في الأعوام الأخيرة، لكون الأهداف الأساسية البرنامج تأتي في إطار تحقيق التجانس في الممارسات والعمليات المالية الإسلامية وتعزيز موجبات الثقة في النظام المالي الإسلامي.
وهنا يقول الشعار إن "برنامج تصديق عقود الأدوات المالية الإسلامية، الذي يعد معلماً بارزاً في مسيرة تطور الصناعة المالية الإسلامية، سينظم بإشراف المجلس الشرعي ومجلس معايير المحاسبة والمراجعة التابعين للهيئة، ويضم المجلس الشرعي نخبة من علماء الشريعة المشهود لهم بالخبرة الواسعة والكفاءة العالية في الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية على الصعيد العالمي".

مشروع مربح

و ستحول الهيئة الخليجية, التي تحظى بثقل و احترام عالميين, برنامجها الفريد إلى منتج يدر عليها الأرباح.
استناداً إلى الوثائق التي قدمها الدكتور الشعار إلى بلومبيرج، فإن الرسوم تبدأ من 2.500 دولار للحساب الجاري وحساب التوفير، وترتفع إلى نسبة 0.1 في المائة من بيع السندات الإسلامية، على أن يكون الحد الأدنى للرسوم عن عقود السندات سبعة آلاف دولار. ويتبين من المستندات المقدَّمة أنه إذا لم يصادق الفقهاء على عقد معين، يُدفع قدر أقل من الرسوم عند تقديم العقد للمصادقة مرة أخرى بعد إدخال التعديلات المطلوبة عليه.
يذكر أن الطلب على الاستثمارات الخالية من التعاملات الربوية وفقاً للأحكام الشرعية ارتفع مع تدفق أموال النفط إلى الخليج العربي، كما أن الموجودات التي تدار ضمن الصناعة المالية الإسلامية العالمية تشهد ارتفاعاً بنسبة 15 في المائة سنوياً، وربما تكون قيمتها قد وصلت تريليون دولار، وفقاً لما ذكره مجلس الخدمات المالية الإسلامية الدولية في ماليزيا.
وتشير بيانات جمعتها بلومبيرج إلى أن المستثمرين في العام الماضي اشتروا ما قيمته 30 مليار دولار من السندات الإسلامية، باستخدام عقود من قبيل الإجارة والمرابحة، لتجنب الوقوع في التعاملات الربوية. وفي غياب معايير مقبولة عالمياً، فإن المصارف الإسلامية وعملاءها يعتمدون على قواعد الإتباع التي يجيزها الفقهاء المسلمون في سبيل بيع المنتجات والأوراق المالية إلى المسلمين المتدينين.

هزة السوق المزدهرة

يشار إلى أن السوق المزدهرة للمنتجات المالية قد تعرضت لهزة في الفترة الأخيرة على أثر النقد الذي وجهه أحد كبار علماء الدين وأدى إلى تفجير موجة من الجدل حول ما إذا كانت هذه الصناعة قد ضحت بالمبادئ الدينية لأجل تقديم دفعة قوية لسوق الصكوك عندما كانت في بداياتها، في وقت تنهال فيه الإيرادات النفطية الوفيرة على منطقة الشرق الأوسط.
وكان الشيخ محمد تقي عثماني رئيس المجلس الشرعي في الهيئة قد أكد أن نحو 85 في المائة من الصكوك الصادرة في الخليج العربي لا تلتزم على نحو تام بالأحكام الشرعية.
ويعود السبب في ذلك إلى وجود بند حول التعهد بإعادة شراء الصك بحسب قيمته الاسمية، وهو ما يضمن أن أي مخاطر حول السداد تظل تتحملها الجهة المصدرة للصك وليست ضمن الأوراق المالية الصادرة والموجودات الضامنة لها. وعليه فإن إعطاء وعد من هذا القبيل يعد خرقاً لمفهوم اقتسام المخاطرة والأرباح، وهو المفهوم الأساسي الذي يقوم عليه مبدأ الصكوك.
وفي الشهر الماضي نشر مجلس الهيئة قواعد أكثر تشدداً للأوراق المالية التي تعرف باسم الصكوك، لإزالة الشبهات التي قال عنها إنها تسللت إلى بعض العقود.
واعتبر مراقبون تحدثوا لـ "الاقتصادية" في حينها، أن من شأن تلك القرارت أن تزيد من تكاليف إصدارات الصكوك، مؤكدين أن الفقهاء بقراراتهم الستة قد سنوا شروطاً " أشد من ذي قبل" على مبيعات الصكوك بعد أن ذكروا أن معظم إصدارات الأوراق المالية ربما لا تكون ملتزمة تماماً بالأحكام الشرعية.
و زادوا أن القواعد الجديدة، ستجعل من الصعب على الشركات إصدار سندات دين إسلامية في وقت تقل فيه عمليات الاقتراض بسبب أزمة الائتمان العالمية.
وقد هبطت مبيعات السندات الإسلامية حتى الآن من العام الجاري إلى 856 مليون دولار بعد أن كانت 4.7 مليار دولار في الربع الأول من عام 2007، بحسب بيانات "بلومبيرج".
وقال مصرفيون غربيون إن "قرارات الصكوك" تعد "تحولاً أساسيا" لهذه الصناعة، وستكون بمثابة الأمر" المزعج" لكبار الإداريين الماليين الذين اعتادوا على الهياكل الموجودة حاليا.
وتابعوا بأن تلك القرارات تعني أن البنوك الخليجية و الغربية بدأت " الابتعاد عن العوائد المضمونة وتتجه نحو هياكل تتسم بقدر أكبر من "اقتسام المخاطر"."

معايير خليجية متبعة دولياً

وتعد المعايير التي وضعتها هيئة المحاسبة والمراجعة معتمدة وملزِمة في ست دول عربية، كما أن الأجهزة الرقابية في عدد من الدول، منها ماليزيا، السعودية، أستراليا، وجنوب إفريقيا، تستند في قوانينها الخاصة بالصكوك إلى معايير الهيئة، وتضم الهيئة في عضويتها أكثر من 170 مؤسسة تمثل المصارف المركزية ومؤسسات النقد والمؤسسات المالية وشركات المحاسبة والمراجعة، وغيرها من الشركات العاملة في حقل الصناعة المالية الإسلامية، من أكثر من 35 دولة.
وقد أصدرت الهيئة حتى الآن 68 معياراً في مجال المحاسبة والمراجعة والضبط وأخلاقيات العمل والشريعة. وتطبق المعايير بصفة إلزامية في تسع دول وتشريعات، وتستخدم كأدلة إرشادية في المراكز المالية الإسلامية الرائدة على مستوى العالم. وقد أسهم في انتشار معايير الهيئة واعتمادها البرامج التي تقدمها وتنظمها الهيئة في مجال التطوير المهني، وهي برنامج المحاسب القانوني الإسلامي. CIPA وبرنامج المراقب والمدقق الشرعي CSAA.

الأكثر قراءة