الأزمة العالمية في نتائج الربع الثالث
عصفتت الأزمة المالية الأمريكية بجميع التوقعات المستقبلية للشركات وأثرت في ميزان القوى الاقتصادية العالمية، وثبت فعليا أن العالم مرتبط ماليا بشكل كبير، ما يجعل انتقال الآثار الجانبية للخلل في أكبر اقتصاد في العالم حتمي.
ولأن الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي يتمثل بالشركات المختلفة وعلى رأسها شركات القطاع المالي، من بنوك تجارية أو بنوك استثمارية، المحرك الرئيسي للاقتصاد، فإن أول المتأثرين بهذه الأزمات المالية سيكون حتما المستثمرين مع تلك البنوك سواء الاستثمارات القصيرة أو الطويلة الأجل.
وخلال الأسابيع الماضية تصاعدت الأزمة المالية الأمريكية بداية من إفلاس بنك ليمان براذرز، وقيام بنك أوف أمريكا بالاستحواذ على بنك ماريل لنش، و(تأميم) شركتي فني مي وفريدي ماك عملاقا الرهن، وتدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي بدعم شركة "إيه. آي. جي" بمبلغ 85 مليار دولار، والأنباء عن بيع شركة واشنطن متشيوال إلى "جي. بي. مورجان"، وصولا إلى الأنباء عن اندماج "سيتي بانك" مع "وتشوفيا بانك"، والكثير الكثير من الاندماجات والهبوط في أرباح تلك الشركات، ما زاد من موجة الرعب في أوساط المستهلكين والمتداولين بشكل بدأ يفاقم الأزمة، وبذلك قد لا تستطيع الخطة الحكومية الأمريكية السيطرة عليها من خلال خطة الـ 700 مليار دولار، لأن إقرار تلك الخطة أخذ وقتا طويلا في التداول، وقد يحتاج الاقتصاد الأمريكي إلى أكثر من ذلك المبلغ بكثير لإعادة الثقة والتوازن.
ونحن في صف العالم المترقب لما قد تحمله الأيام المقبلة من متغيرات في الاقتصاد الأمريكي ومن ثم الاقتصاد العالمي، فإن نهاية أسوأ ربع اقتصادي عالمي خلال العقود الماضية سيحمل متغيرات كثيرة على مستوى الأسواق المالية العالمية بكونها أو إشارة لحدوث الأزمات الاقتصادية، وتأتي نهاية الربع الثالث لتحمل لنا آثار الأزمة في قوائم المالية للبنوك المحلية تحديدا، فبعد النفي المركز من القيادات الحكومية والبنكية بأن الآثار السلبية للازمة المالية العالمية تعتبر محدودة، وأكبر دليل على ذلك هو الغموض الكبير الذي صاحب المؤتمر الصحافي لمحافظ مؤسسة النقد، بحيث لم يتم تأكيد أو نفي أبعاد الأزمة المالية على الاقتصاد السعودي، كذلك لم يتم الإفصاح عن حجم الاستثمارات السعودية الحكومية والخاصة في السوق الأمريكية، وكما تعودنا الغموض في مجتمعنا، فإن هذا الغموض لتهدئة الأوضاع المحلية وعدم تفاقم المشكلة نتيجة لحال الهلع التي قد يخلفها الإفصاح والشفافية. وهذا الأمر حاولت بعض الدول المجاورة إعطاء الصورة نفسها واضطرت بعدها إلى إعلان بعض الأرقام المتحفظة، كما حدث مع صندوق الثروة السيادية الكويتي في مواجهة الضغط المحلي بشأن حصصه في البنوك المتعثرة، حيث اعترف بخسائره في بنك "سيتي جروب" الذي يعد إحدى أرقى الجهات التي يستثمر فيها، حيث خسر الصندوق 270 مليون دولار في "سيتي جروب" فقط مع التأكيد على عدم وجود خسائر أخرى على الرغم من استثمار الصندوق في "ماريل لنش" الذي تم الاستحواذ عليه من بنك أوف أمريكا.
الشركات السعودية والسوق السعودية أمام تحد كبير عند الإعلان عن نتائج الربع الثالث لعام 2008، وهذا الإعلان سيحمل أبعادا كبيرة على مستوى السوق المالية وأسعار أسهم تلك الشركات، كما حدث لسهم شركة التعاونية للتأمين في الأمس القريب، عندما عزت الانخفاض الكبير في أرباحها إلى تأثرها بأزمة الرهن العقاري الأمريكي، وفي رأيي فإن غياب التأكيد لآثار الأزمة المالية العالمية من قبل الجهات المشرعة السعودية قد يجعل النتائج أسوأ إذا ما ثبت العكس، إضافة إلى ذلك فإن الشائعات التي ستنطلق مع نهاية الربع ستجعل هناك موجه من الحذر والخوف في تعاملات السوق بعد إجازة عيد الفطر المبارك، ولعلنا نذكر أن السوق انهارت بلا ترابط، فماذا سيحدث إذا ظهرت لها آثار مباشرة؟