الائتمان وأسعار السلع والتضخم يزيد حدة الضغوط على أسواق المال
كان أداء الأسهم العالمية متبايناً الأسبوع الماضي، إذ تأثرت الأسواق الأمريكية والأوروبية بشكل كبير على إثر خفض وزراء مالية الدول السبع ومسؤولي البنوك المركزية لتوقعاتهم الخاصة بمستقبل الاقتصاد العالمي عما كانت عليه قبل شهرين معللين هذا الخفض بالركود في قطاع المساكن الأمريكية وأزمة أسواق الائتمان وضغوط أسعار السلع والتضخم. وهبطت الأسواق الأمريكية هذا الأسبوع بعد أن أدى التقرير السلبي الذي صدر عن ثقة المستهلكين وارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية جديدة إلى تهديد إنفاق المستهلكين. وانخفض مؤشر "ناسداك" الذي تغلب عليه شركات التقنية بنسبة 3.41 في المائة تلاه مؤشر "إس آند بي 500" الذي انخفض بنسبة 2.74 في المائة. وبالنسبة لمؤشر "داو جونز" فقد انخفض بنسبة 2.25 في المائة. وتماشياً مع الأسواق الأمريكية، فقد تراجع مؤشر "فاينانشيال تايمز" تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.87 في المائة. وقد ارتفعت معظم الأسهم الآسيوية هذا الأسبوع. وسجلت الأسهم الهندية أعلى ارتفاع بنسبة بلغت 3.03 في المائة تلتها الأسهم المتداولة في سوق هونج كونج التي ارتفعت بنسبة 1.66 في المائة ثم الأسهم الصينية بنسبة 1.35 في المائة. هذا، وقد سجل مؤشر "نيكاي 225" ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.23 في المائة.
الولايات المتحدة
هبطت الأسهم الأمريكية نظراً لهبوط مستوى الثقة لدى المستهلكين الأمريكيين لأدنى مستوى له منذ 26 عاماً بعد أن أقدم عدد كبير من أصحاب الأعمال على تسريح العاملين، وكذلك نتيجة لارتفاع أسعار البنزين بدرجة كبيرة ما هدد مستوى الإنفاق الذي يمثل ثلثي الاقتصاد. وقد أيدت هذه التقارير المخاوف في أوساط المسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي من أن الاقتصاد الأمريكي سيتراجع في النصف الأول من العام، كما يتوقع المتعاملون حالياً أن يقوم البنك المركزي بخفض سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة مئوية أخرى في الـ 30 من نيسان (أبريل) الجاري. من جانب آخر، أعلنت اليوم شركة جنرال إلكتريك، ثالث أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، أن أرباحها هبطت لأول مرة منذ عام 2003. وقد أصابت شركة جنرال إلكتريك المستثمرين بالصدمة بعد أن أعلن الرئيس التنفيذي للشركة السيد/ جفري إملت، أمس عن خفض توقعات الشركة للأرباح السنوية، كما انخفضت أرباحها ربع السنوية لأول مرة منذ 2003.
وعلى صعيد آخر، اجتمع المسؤولون من دول مجموعة السبع في الأسبوع الماضي لبحث أزمة ائتمانية نشأت بسبب الخسائر الناجمة عن سندات الرهن العقاري الأمريكية التي أجبرت الكثير من المؤسسات المالية على شطب مبالغ ديون تصل قيمتها إلى 245 مليار دولار في شكل أصول. وقد صرح المسؤولون بصندوق النقد الدولي قبل يومين أن هناك احتمالاً تصل نسبته إلى 25 في المائة بحدوث تراجع في الاقتصاد العالمي.
وفيما يتعلق بمؤشرات الأسواق الأمريكية، فقد انخفض مؤشر "ناسداك" المركب بمقدار 80.74 نقطة أو بنسبة 3.41 في المائة ليصل إلى 2,290.24 نقطة. وبالنسبة لمؤشر "ستاندرد آند بورز" فقد هبط بمقدار 37 نقطة أو بنسبة 2.74 في المائة، ليستقر عند مستوى 1,332.83 نقطة. أما مؤشر "داو جونز" الصناعي فقد أغلق الأسبوع منخفضاً بنسبة 2.25 في المائة أو ما يعادل 284 نقطة، ليبلغ عند الإغلاق 12,325.42 نقطة.
أسيا
ارتفعت الأسهم الآسيوية هذا الأسبوع بقيادة شركات التقنية والتعدين وشركات قطاع التجزئة عقب ارتفاع أسعار النحاس وبلوغ أسعار النفط في أسواق الصفقات الآجلة إلى مستويات قياسية جديدة ما أثار المخاوف من أن ازدياد خسائر أسواق الائتمان سيؤثر سلباً ويؤدي إلى خفض نمو الأرباح في الشركات المالية. وقد ارتفعت أسهم شركة سامسونج لإنتاج الأجهزة الإلكترونية في سوق سيول بعد أن صرح المسؤولون في الشركة المنافسة لها، وهي شركة إلبدا ميموري إنكوربوريشن، أكبر شركة في اليابان لصناعة شرائح ذاكرة الحاسب الآلي، بأن شركتهم سترفع أسعارها. كذلك قفزت أسهم شركة فاست ريتيلنج كومباني، التي تقوم بتشغيل سلسلة متاجر يونيكلو، إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عام بعد أن أعلنت عن ارتفاع أرباحها، بينما ارتفعت أسهم شركة سفن آند ون هولدنجز، أكبر شركة في قطاع التجزئة الياباني، على إثر إعلانها توقعات بتحقيق أرباح أعلى. أما شركة بي إتش بي بيليتون، أكبر شركة تعدين في العالم، فقد أعلنت عن أكبر ارتفاع في أسعار أسهمها خلال ثمانية أشهر.
وارتفعت الأسهم اليابانية واستمرت في تسجيل المكاسب للأسبوع الرابع على التوالي بعد أن توقع المتعاملون في قطاع التجزئة تحقيق أرباح هذا العام ما عزز الثقة بأن اعتماد الشركات على الطلب المحلي يمكن أن يعوض عن التباطؤ في الاقتصاد الأمريكي. وفي هذا السياق، فقد حققت شركة سفن آند ون هولدنجز، أكبر شركة في قطاع التجزئة الياباني، قفزة في أسعار أسهمها بينما سجلت شركة دايي إنكوربوريشن التي تمتلك سلسلة من المتاجر، أكبر قفزة لها خلال شهرين. وسجلت شركة فوجي للصناعات الثقيلة المحدودة، ثاني أكبر ارتفاع بعد أن أعلنت شركة تويوتا موتورز أنها ستزيد حصتها في شركة سوبارو لتصنيع السيارات. وقد سجل مؤشر "نيكاي 225" قفزة بمقدار 30 نقطة أو بنسبة 0.23 في المائة ليغلق عند مستوى 13,323.73 نقطة.
وبعد سبعة أسابيع من الخسائر المتتالية ارتفعت الأسهم الصينية في مؤشر "شنغهاي" المركب هذا الأسبوع بمقدار 46 نقطة أو بنسبة 1.35 في المائة وأغلقت عند مستوى 3,492.89 نقطة مدعومة بالنمو الضخم المحتمل لأرباح بعض شركات إنتاج المواد الأولية مع استمرار الصين في نموها الاقتصادي بمعدلات عالية نسبياً.
أوروبا
توقفت الأسهم الأوروبية عن ارتفاعها الذي استمر لأسبوعين وسط مخاوف من أن التباطؤ الاقتصادي وأسعار النفط التي بلغت مستوى قياسياً ستؤدي إلى خفض نمو الأرباح. وقد قادت شركة دوتشي بويرز إيه جي، أكبر شركة في المنطقة من حيث القيمة السوقية، وشركة HBOS، أكبر شركة بريطانية لقروض الرهن العقاري، الانخفاض في أسهم الشركات المالية. وتصدرت شركة دي إس جي إنترناشونال، أكبر الشركات البريطانية لإنتاج الأجهزة الإلكترونية بالتجزئة، الانخفاض في أسهم قطاع المستهلكين بعد أن خفضت توقعاتها للأرباح للمرة الثانية خلال هذا العام. من جانب آخر، ربما تلجأ مجموعة كريدت أسويس لشطب ديون تبلغ قيمتها أربعة مليارات دولار في الربع الأول، بخسارة تراوح بين مليار وملياري فرنك سويسري. وقد انخفض مؤشر "فاينانشيال تايمز 100" بشكل طفيف بنسبة بلغت 0.87 في المائة أو بمقدار 51 نقطة ليستقر عند مستوى 5,895.50 نقطة.
أسعار العملات
باستثناء الدولار الكندي والجنية الاسترليني، فقد انخفض الدولار الأمريكي مقابل جميع العملات الرئيسة الأخرى وسجل أكبر تراجع له أمام الدولار الاسترالي بنسبة بلغت 0.563 في المائة وأغلق الأسبوع عند سعر 1.581 دولار لليورو و1.9691 للجنية الاسترليني. وسجل الين الياباني والفرنك السويسري ارتفاعاً مقابل معظم العملات هذا الأسبوع مع تزايد حالة عدم التيقن، مما أدى إلى تراجع الطلب على الأسهم ذات العائد العالي. وقد ارتفع سعر الين إلى 109.98 ين للدولار الواحد و159.649 ين لليورو و198.84 ين للجنية الاسترليني. وسجل الجنيه الاسترليني انخفاضاً خلال الأسبوع مقابل اليورو، إلى أعلى مستوى له خلال أربعة أيام متتالية، على إثر التوقعات بأن بنك إنجلترا سيستمر في خفض أسعار الفائدة مع تباطؤ معدل النمو الاقتصادي، ما جعل الأصول المقيمة بالعملة البريطانية غير مغرية.