رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


هل سنتعلم منهم؟

[email protected]

في الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، حصلت أزمة ائتمانية عنيفة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي إلى مستويات قياسية تجاوزت نسبة 20 في المائة في العام، نتج عن ذلك تعثر بعض دول أمريكا اللاتينية عن الالتزام بسداد الكوبونات أو القيمة الاسمية للسندات الصادرة من هذه الدول لصالح المصارف الأمريكية التي كانت تمثل أكبر المالكين لهذه السندات، مما يدل على وجود مخاطر كبيرة كانت تهدد النظام المصرفي العالمي فيما لو أعلن أحد البنوك الأمريكية العملاقة إفلاسه ذلك الوقت.

لمواجهة تلك الأزمة، قام وزير الخزانة الأمريكي في ذلك الوقت نيكولاس بريدي بشراء تلك السندات من المصارف الأمريكية ثم قام مقابل ذلك بإصدار سندات ذات كوبونات صفرية بضمان البنك الفيدرالي عرفت لاحقاً باسم "سندات بريدي"، كانت نتيجة ذلك خروج المصارف الأمريكية من تلك الأزمة دون أي أضرار في حين تم اعتبار السيد بريدي أحد أبطال الاقتصاد الأمريكي وأشهر وزير خزانة للولايات المتحدة حتى 2008م بسبب حكمته ومبادرته لإنقاذ اقتصاد بلاده على الرغم من كونه اقتصاداً حراً ينظر إليه على أنه منبع الفكر الرأسمالي.

في ظل الأزمة الائتمانية الحالية التي باتت تهدد استقرار النظام المصرفي الأمريكي والنظام المصرفي العالمي، نجد أن المسؤولين الأمريكيين لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل وجدنا كلا من وزير الخزانة السيد هنري بولسون ورئيس البنك الفيدرالي السيد بن بيرنانكي ورئيس هيئة الأوراق المالية السيد كريس كوكس يبادرون ويتحركون بشكل إيجابي وجماعي لتحقيق هدفهم الرئيسي وهو إنقاذ المصارف الأمريكية من أكبر أزمة مالية تتعرض لها منذ عام 1929م، مما أهلهم لدخول تاريخ الاقتصاد الأمريكي كأبطال جدد يتخذون قرارات تاريخية قد تكلفهم وظائفهم مستقبلاً في سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لقد قدموا لنا دروساً مجانية في المبادرة والتعاون والعمل بروح الفريق الواحد والتفكير بإيجابية، والأهم من ذلك ظهورهم المتكرر أمام وسائل الإعلام خلال الأسابيع الأخيرة لإيضاح الحقيقة أمام الرأي العام في شفافية مطلقة لا نرى مثيلها في اقتصاديات الدول العربية. المميز في الموضوع انه على الرغم من احتدام معركة الانتخابات الأمريكية بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، إلا أن أنصار الحزبين من السياسيين والاقتصاديين تركوا خلافاتهم جانباً واتحدوا مع بعضهم البعض في سبيل الخروج من هذه الأزمة وهو تصرف اعتدنا عليه منهم مع كل أزمة سياسية أو اقتصادية لأن المصلحة العامة في نظرهم أهم من أي مصلحة أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي