المقاولون يقترحون بنكا للتعمير وهيئة لدعم القطاع
يترقب مقاولون مرتبطون بعقود حكومية توصيات اللجنة العليا التي وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتشكيلها للنظر في أسباب تعثر المقاولين الوطنيين في تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية.
وأبدى المقاولون رغبتهم في أن يتم التركيز على المعوقات طويلة الأجل وأن تحظى البنية التحتية لهذا القطاع بأهمية خاصة من قبل اللجنة المشكلة،
إلى جانب تذليل بعض المعوّقات التي ما زالت تقف أمام قطاع المقاولات التي تحدّ من قدراته في المساهمة في مجال التنمية والنهضة العمرانية التي تعيشها البلاد في الفترة الحالية.
وأوضح عبد الله بن حمد العمار رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين، أن شركات المقاولات لديها ثقة مطلقة في هذه اللجنة وقدراتها العالية وتتطلع إلى أن تكون توصياتها عامة وشاملة المشكلات والعقبات كافة التي تحد من قدرة هذا القطاع على النمو والتطور وزيادة قدراته الاستيعابية، راجيا ألا تقتصر توصيات هذه اللجنة على حلول المشكلات الآنية التي يعاني منها هذا القطاع مثل الارتفاع الشديد في أسعار مواد البناء وعدم تعويض المقاولين عن ذلك في الأوقات المناسبة، كذلك ضعف قيمة الدفعة المقدمة وعدم صرف قيمة التشوينات (المواد المعتمدة من قبل المشرف والموردة للموقع)، وأن تشمل هذه التوصية إنشاء البنية التحتية لهذا القطاع المهم والمؤثر في الاقتصاد الوطني وتطوير البيئة الصحية لعمل المقاول المتمثلة في مجموع العلاقات التي تربط المقاول بالجهة الحكومية وسوق مواد البناء وسوق العمل والجهات الحكومية المانحة للتراخيص اللازمة للعمل مثل الأمانات والبلديات، شركة الكهرباء، والاتصالات وغيرها، إلى جانب القضاء الإداري (ديوان المظالم) عند وجود أي خلاف.
وأيضا - والحديث لا يزال للعمار- ألا تكون قرارات هذه اللجنة مقصورة على زيادة الدفعة المقدمة من 20 في المائة إلى 30 في المائة بدلا من 10 في المائة ومن دون أي تحفظات بموجب خطاب ضمان بنكي، وصرف التشوينات بواقع 75 في المائة إلى 80 في المائة كما كان يحدث في السابق، إضافة إلى تعويض المقاولين عن ارتفاع الأسعار بعد تقديم عروضهم بشكل عادل ومنصف للمقاول والخزانة العامة للدولة، مؤكدا في هذا الصدد أهمية التركيز على المعوقات طويلة الأجل وأن تحظى البنية التحتية لهذا القطاع بأهمية خاصة من قبل اللجنة مثل إنشاء الهيئة الوطنية للمقاولين (بنك التعمير السعودي - معاهد متخصصة لتدريب الكوادر) حتى تتمكن هذه الهيئة من إعادة هيكلة هذا القطاع وتطويره وتوجيهه حتى يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية.
واستطرد رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين بالحديث حول أهمية الهيئة الوطنية للمقاولين، قائلا: "في الطفرة الأولى حينما انتهت المشاريع الإنشائية وقلت السيولة في مؤسسة النقد السعودي بسبب انخفاض أسعار النفط في الثمانينيات عمد كثير من المقاولين إلى بيع الكثير من معداتهم على سماسرة أجانب قاموا بدورهم بإعادة تصدير هذه المعدات خارج المملكة فتكبد المقاولون والاقتصاد الوطني خسائر كبيرة جداً تقدر بمئات الملايين إن لم تكن بالمليارات، وعلى العكس من ذلك شركات المقاولات الكورية في حقبة التسعينيات حينما فقدت الأسواق التي تعمل بها في الخليج والشرق الأوسط بصفة عامة وجنوب شرق آسيا بسبب ظهور وتنامي قطاعات مقاولات محلية ودخول شركات صينية لهذه الأسواق وأوشكت هذه الشركات على تسريح العاملين فيها، قام اتحاد المقاولين الكوري بتوجيه هذه الشركات إلى العمل في قطاعات جديدة مثل تحلية المياه المالحة والغاز والنفط والبتروكيماويات وفي المباني العالية (ناطحات السحاب) حيث تقل المنافسة في هذه القطاعات فنجحت الشركات الكورية في ذلك نجاحا منقطع النظير".
وبخصوص بنك التعمير السعودي، أشار العمار إلى أن من أهم مرتكزات البنية التحتية لقطاع المقاولات أن يكون هناك بنك متخصص في تمويل هذا القطاع بتكاليف معقولة وبمشاركة مع مؤسسات مالية خارجية دولية حتى يكون داعماً قوياً لهذا القطاع ويوفر ما يحتاج إليه من سيولة وبتكاليف مناسبة كما يفعل البنك الزراعي في تمويله القطاع الزراعي، وكذلك الحال بالنسبة لصندوق التنمية الصناعي في تمويله القطاع الصناعي "ولو أن هذا البنك كان موجودا عند انتهاء الطفرة الأولى لما باع المقاولون معداتهم بربع قيمتها على السماسرة الأجانب الذين قاموا بتصديرها خارج المملكة"، ومن ناحية أخرى نجد أن البنك الزراعي السعودي حافظ ومنع إعادة تصدير معدات المزارعين للخارج وبالتالي تجنب الاقتصاد الوطني الكثير والكثير من الخسائر وكذلك المزارعين لأن البنك قام في الأساس بتمويل هذه المعدات.
وفيما يتعلق بإنشاء معهد متخصص في تدريب الكوادر الوطنية اللازمة للعمل في قطاع المقاولات الوطني، قال "سألت رئيس اتحاد المقاولين الكوري الذي قابلته أثناء زيارة الرئيس الكوري المملكة العام الماضي عن أسباب الجودة العالية التي تتمتع بها الشركات الكورية في بعض المشاريع وذكرت له صراحة أن الجودة التي تتمتع بها الشركات الكورية في تنفيذ المشاريع موضع تقدير الكثير من المسؤولين في المملكة، فقال لي لدينا معاهد متخصصة فقط في تدريب القوى العاملة اللازمة لقطاع المقاولات، وجدت فيما بعد أن هذه المعاهد ليست في كوريا فقط بل في كثير من دول العالم، وبالتالي يلزم حتى نتمكن من رفع الجودة في تنفيذ مشاريعنا بواسطة المقاولين الوطنيين أن تكون لنا مثل هذه المعاهد، إضافة إلى أن هذه المعاهد تعمل على سعودة الوظائف في قطاع المقاولات".
أما بخصوص مركز أبحاث تقنية التشييد والبناء، أفاد العمار أنه يلزم لهذا القطاع ومن أهم أساسيات بنيته التحتية توفر مراكز بحثية لتطوير تقنية التشييد في البناء في المملكة حتى تتمتع منتجات هذا القطاع بأعلى كفاءة وبأقل تكلفة ممكنة. داعيا في الوقت نفسه إلى اتخاذ إجراءات حازمة ضد أصحاب الممارسات الاحتكارية في قطاع مواد البناء، إلى جانب النظر في إمكانية منع تصدير الحديد تحديدا على الأقل لمدة خمس سنوات، متمنيا على جميع المقاولين الجد والاجتهاد في تنفيذ المشاريع الراسية عليهم كافة، "فجميعنا نثق بأننا في أيد أمينة في ظل قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده".