السعودية تستخدم "الوصفة السريعة" لمواجهة التضخم
أبلغ "الاقتصادية" الدكتور محمد الجاسر نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، أن رفع المؤسسة مستويات الاحتياطي الإلزامي في البنوك يستخدم كأداة لخفض السيولة في القطاع المصرفي والمساعدة بالتالي على خفض الضغوط التضخمية التي يشهدها الاقتصاد السعودي.
وجاء تصريح الدكتور محمد الجاسر تعليقا على قرار "ساما" رفع نسبة الاحتياطي المصرفي الإلزامي للبنوك إلى 12 في المائة من 10في المائة، وهو ثالث تحرك من نوعه منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي, وهو يعتبر وصفة سريعة لمواجهة التضخم.
وقال الجاسر إن السياسة النقدية متنوعة ومتداخلة ويتم التعامل معها بحسب الظروف المواتية، وفي لحظة معينة لمواجهة نمو الكتلة النقدية في البلاد، ولتفادي تدفقات نقدية "غير ملائمة" في الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن "ساما" لم تخفض سعر الفائدة الأساسية وهو 5.5 في المائة، وتتعامل مع سعر إعادة الشراء "الريبو".
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
أبلغ "الاقتصادية" الدكتور محمد الجاسر نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، أن رفع المؤسسة لمستويات الاحتياطي الإلزامي في البنوك يستخدم كأداة لخفض السيولة في القطاع المصرفي والمساعدة بالتالي على خفض الضغوط التضخمية التي يشهدها الاقتصاد السعودي.
وجاء تصريح الدكتور محمد الجاسر تعليقا على قرار "ساما" برفع نسبة الاحتياطي المصرفي الإلزامي للبنوك إلى 12 في المائة من 10في المائة، وهو ثالث تحرك من نوعه منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وقال الدكتور الجاسر أن السياسة النقدية متنوعة ومتداخلة ويتم التعامل معها بحسب الظروف المواتية، وفي لحظة معينة لمواجهة نمو الكتلة النقدية في البلاد، ولتفادي تدفقات نقدية "غير ملائمة" في الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن "ساما" لم تخفض سعر الفائدة الأساسية وهو 5.5 في المائة، وتتعامل مع سعر إعادة الشراء "الريبو".
وبين نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أن خفض فائدة" الريبو" يساعد على منع تدفق النقد إلى الاقتصاد السعودي بصورة تؤثر في مستويات السيولة ومعدلات التضخم، موضحا أن الهدف هو الحد من الضغوط التضخمية.
وأوضح الدكتور الجاسر أن مؤسسة النقد العربي السعودي تراقب التدفقات النقدية ومؤشر التضخم ومستويات القروض في السوق السعودية، إلى جانب متابعتها لكل التطورات النقدية العالمية، لما لها من أثر بعد أن أصبح تنقل الأموال داخل الاقتصاد العالمي غير محدود، وهي ما تسعى "ساما" لأخذه في الاعتبار عند التعامل مع السياسة النقدية.
وتشكل خطوة "ساما" الأخيرة مواصلة للأسلوب الذي تتبعه السعودية لمواجهة التضخم الذي صعد وفق آخر بيانات مصلحة الإحصاءات العامة إلى 8.67 في المائة في شباط (فبراير) من 6.99 في المائة في الشهر السابق، بعد أن كان قد سجل التضخم في كانون الثاني (يناير) الماضي أعلى المستويات على مدى 25 عاما الماضية، بعد أن كانت"ساما" قد رفعت نسبة الاحتياطي إلى 9 في المائة من 7 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) ثم إلى 10 في المائة في كانون الثاني (يناير).
وبحسب مراقبين، فإن "ساما" تسعى من وراء هذه الخطوة للحد من مستويات السيولة المتداولة في الاقتصاد السعودي، والتي زادت إلى 815.14 مليار ريال في نهاية كانون الثاني (يناير) مقارنة بـ 657.92 مليار ريال قبل عام ما يعني أن المعروض النقدي ( ن3) نما بأسرع معدل منذ عام 2004 على الأقل، حتى لا تؤدي تكلفة الاقتراض المنخفضة إلى توسيع قاعدة المقترضين ما يرفع من مستوى التضخم.
وترتفع مستويات السيولة في السعودية بفعل تتبع السعودية ودول خليجية للسياسة النقدية الأمريكية بسبب ارتباط عملاتها بالدولار، كان آخرها خفض السعودية والإمارات والبحرين الأسبوع الماضي لسعر إعادة الشراء "الريبو" العكسي ثلاثة أرباع النقطة المئوية إلى 2.25 في المائة من 3 في المائة، وقد رجح مراقبون حينها أنه سيؤدي إلى خفض تكاليف الاقتراض للشركات والأفراد، ما يزيد من معدلات التضخم.
إلى ذلك أكد لـ"الاقتصادية" جمال علي الكشي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ"دويتشيه العربية السعودية للأوراق المالية المحدودة"، أن الخطوة التي اتخذتها "ساما" أخيرا متوقعة وعقلانية من منظور اقتصادي، مشيرا إلى أن قدرة السعودية على تغيير نسبة الفائدة محدود بفعل ارتباط الريال بالدولار التي تؤثر فيها قرارات البنك المركزي الأمريكي، ما يجعل من التعامل مع مستويات السيولة أسهل، وقال "هو إجراء من مجموعة من الإجراءات الرامية إلى الحد من سرعة ارتفاع التضخم، ورغم أنها ليست كافية، إلا أنها تسهم في الحد من التضخم".
وبين الكشي أن نسبة الاحتياطي في البنوك يمكن التحكم والسيطرة فيها، على اعتبار أنها مسألة داخلية، متوقعا أن"ساما" اتخذت القرار في وقت سابق، إلا أنها رأت أن تطبيقه على شكل مرحلي أفضل لعدم إحداث أي مشكلات أو خلل في المنظومة الاقتصادية للبلاد.
وأوضح الرئيس التنفيذي لـ"دويتشيه للأوراق المالية"، أن تأثير معالجة السيولة على التضخم قليل إلا أنه سريع ومباشر، وزاد" معلوم أن المشكلة الرئيسة في ارتفاع معدلات التضخم ليست السيولة وحدها، بل إن للإسكان وأسعار الإيجارات إلى جانب أسعار السلع عالميا ومحليا الأثر الأكبر، ولكن معالجتها تحتاج إلى مدة زمنية أطول، ورغم أننا انطلقنا في معالجتها إلا أننا نسير ببطء".
ويأتي المعدل الجديد للتضخم تأكيدا على التوقعات المحلية والعالمية التي رجحت أن يواصل مؤشر التضخم في أكبر بلد مصدر للنفط وأكبر اقتصاد عربي مسيرة الصعود بفعل تزايد مستوى السيولة التي بلغت بحسب آخر البيانات الرسمية مستوى23.9 في المائة، وذلك في كانون الثاني (يناير) الماضي، وهو أعلى مستوياته في أربع سنوات على الأقل، إلا أن مؤسسة النقد العربي السعودي ( ساما) أكدت لسان محافظها أن التضخم في المملكة سيشهد في النصف الثاني من العام الجاري تراجعا في مستوياته.
من ناحيته قال لـ"الاقتصادية" في وقت سابق، الدكتور عبد الوهاب أبو داهش، مستشار اقتصادي، أن نمو معدل التضخم لشهر فبراير الماضي عند مستوى 8.6 في المائة وافق توقعات الاقتصاديين، نتيجة لاستمرار تأثير أهم عاملين على التضخم، وهما نمو المعروض النقدي وتراجع المعروض الإسكاني ما يعني استمرار ارتفاع أسعار الإيجارات، والعاملين من العوامل الداخلية التي لم تتم معالجتها بشكل جدي.
وتابع المستشار الاقتصادي حينها " إذا كانت المراهنة في التقليل من معدلات التضخم من خلال تراجع أسعار السلع العالمية بفعل ركود الاقتصاد الأمريكي، فإن ذلك غير مضمون، خصوصا أن خفض أسعار الفائدة المتتالي في أمريكا أو أوروبا إن حدث، هدفه ليس معالجة التضخم بل تفادي حدوث ركود في الاقتصاد العالمي".
إلى ذلك أكد تقرير لمؤسسة "اكسفورد بزنس جروب" البريطانية نشر أواخر العام الماضي، أن ضعف الآليات المشتركة التي تستخدم لمعالجة التضخم بدول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يلتهم ثمار النمو الذي يتحقق في هذه الدول، مشيرا إلى أنه يتعين إجراء تحسينات في جانب العرض إذا لم تكن الحكومات راغبة في كبح جماح الإنفاق.
ووفقا للتقرير الذي أعده مدير قسم البحوث في المؤسسة جيسون ناشي ونشر بالعدد الأخير من مجلة "دوث تجاري" التي تصدرها غرفة تجارة وصناعة أبوظبي "يؤدي كل من عاملي العرض والطلب إلى دفع مؤشرات التضخم إلى الأعلى، ولكن تبقى الآثار الحقيقية إلى حد ما متداخلة ضمن الاقتصاد الإقليمي، وفي حين أن بعض أسباب التضخم في منطقة مجلس التعاون الخليجي مؤقتة فقد يكون للبعض الآخر المزيد من الآثار طويلة الأمد. ونظرا لضعف الكثير من الآليات المشتركة في الخليج التي تستخدم لمعالجة التضخم، كالسياسة النقدية والمالية، على سبيل المثال، يتعين إجراء تحسينات على جانب العرض إذا كانت الحكومات غير راغبة في كبح جماح الإنفاق".
وقال التقرير" تأثرت السعودية بالتضخم العالمي والإقليمي، وتعمل المشاريع الكبيرة في القطاعين العام والخاص على زيادة تكاليف البناء والعمالة اليدوية، إضافة إلى ذلك، فقد شهدت فئة النفقات والخدمات الأخرى، التي تشمل أسعار المجوهرات والفنادق، تضخما بنسبة 7,7 في المائة في عام 2006 ، إلى جانب أن تراجع الريال مقابل عملات العديد من شركاء الاستيراد الرئيسين له أيضا تأثير، وذلك عبر زيادة تكاليف الاستيراد.".
ورأى التقرير أن هناك مجموعة من السياسات لمحاربة الزحف المتصاعد للتضخم، ولكنها تواجه قيودا في بعض المجالات، أولا، يقيد ارتباط الريال بالدولار المدى الذي يمكن من خلاله تغيير معدلات الفائدة، وثانيا انخفاض مستوى كل من الديون الشخصية وديون الشركات في المملكة بنسبة 14 في المائة و22 في المائة على التوالي من إجمالي الناتج المحلي، والحصص الكبيرة من القروض بفوائد ثابتة، ما يعني أن تقلبات معدل الفائدة لها تأثير قليل نسبيا على الطلب، وبالمثل توجد قيود هيكلية وعملية على استخدام السياسة المالية كأداة لمحاربة التضخم. وبالنظر إلى الحجم الصغير للأساس الضريبي، فإن أمام الحكومة فرصة ضئيلة جدا لزيادة معدلات الضرائب من أجل إبطاء الطلب، كما سيكون للحد من الإنفاق تأثير سلبي على مشاريع البنية التحتية الكبيرة والمهمة وفي إطار العام، لن يساعد استعداد الحكومة لتوفير زيادات كبيرة في رواتب القطاع الخاص.
وتابع التقرير حينها "يمكن للحكومة أن تضع في اعتبارها تمديد نظام تثبيت الأسعار، فقد كان لتخفيض أسعار الوقود بنسبة 30 في المائة في مايو من العام الماضي تأثير في الحد من التضخم بشكل كبير".